عادة ما تحتاج الحكومات إلى أيام لإثبات جوده مواصفات شحنة غذائية قادمة من الخارج، حيث يتعين إرسال عينات منها إلى المعامل. ولكن هل أصبح ذلك مقبولا في عصر التقنيات الذكية وإنترنت الأشياء؟
طرح فريق بحثي مصري، من مركز أبحاث النانوالكترونيات والنظم المتكاملة بجامعة النيل، بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي، ومبادرة جسور للتواصل مع العلماء المصريين بالخارج، هذا السؤال، وكانت إجابتهم العملية هي إثبات إمكانية لاستخدام تقنيات “المعاوقة الحيوية” في مراقبة الجودة، عبر البدء بنموذج عملي تم تطبيقه على النباتات الطبية.
والمعاوقة الحيوية هي استجابة كائن حي للتيار الكهربائي المطبق خارجيًا، حيث يمكن قياس مقاومة تدفق التيار الكهربائي عبر الأنسجة، وهذه الطريقة مفيدة في التطبيقات الطبية، حيث تستخدم كطريقة غير جراحية لقياس أشياء مثل تدفق الدم وتكوين الجسم، وبنفس الطريقة يمكن استخدام “المعاوقة الحيوية” لرصد أي تغيرات بيوكيميائية وفيزيائية حيوية في أنسجة النبات.
ولكن حتى يتم رصد هذه التغيرات، يجب وجود معايير كهربائية للقياس، وهو ما فعله الفريق البحثي في الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية “ساينتفيك ريبورتيز”، حيث توصلوا إلى توصيف كهربائي للتشكل الحيوي البيولوجي لجذع النباتات الطبية، وتم تجريب هذه النماذج على ثلاثة أنواع مختلفة من النباتات الطبية، حيث لم تكن هناك محاولة سابقة لنمذجة أو وصف جذع نبات طبي بشكل عام.
ثم قام الفريق البحثي بمقارنة هذا التوصيف مع نماذج عامة معروفة سبق استخدامها في نمذجة الأنسجة النباتية، تم مقارنة جميع النماذج المستخدمة من خلال ملاءمة البيانات المقاسة للتحقق من كفاءة التوصيف المقترح لإثبات صحته ودقته، وأعطى التوصيف المقترح أفضل النتائج في جميع التجارب التى تمت على الأنسجة الجذعية للنباتات الطبية.وتقول لبنى سعيد، الأستاذ المساعد بمركز أبحاث النانوالكترونيات والنظم المتكاملة بجامعة النيل، والباحثة المشاركة بالدراسة لـ”العين الإخبارية “، إن التوصيف الكهربائي لجذع النباتات الطبية الذي تم رصده في الدراسة، سيساعد على فحص جذع النبات من خلال تطبيق تقنيات المعاوقة الحيوية، حيث ستتغير المقاومة الكهربائية في الجذع بناءً على أي تغير في هيكلها وشكلها وحجمها وصحتها، وبالتالي يمكن استخدامها من أجل الوصف والفهم ومن ثم الشرح والتنبؤ.
وتضيف أن ما حدث مع النباتات الطبية، يمكن تطبيقه مع أي نبات، ولكنهم قرروا البدء بها لأهميتها الاقتصادية والتاريخية.
وكانت ولا تزال المنتجات الطبيعية المشتقة من النباتات الطبية هي الطريقة الأساسية لعلاج الأمراض التي تصيب الإنسان، على مر التاريخ، وازداد الطلب على النباتات الطبية بسبب كفاءتها في علاج الأمراض والوقاية منها ويمكن اشتقاق مركبات مهمة من أوراقها وسيقانها وجذورها وثمارها أو استخدامها كنبات كامل.وفي الوقت الحاضر، أصبحت المستخلصات النباتية الطبية ضرورية في معظم الأدوية الكيميائية والمنتجات التجارية، وتنمو السوق العالمية للأدوية النباتية والمشتقة من النباتات، من 29.4 مليار دولار في عام 2017 إلى حوالي 39.6 مليار دولار بحلول عام 2022 بمعدل نمو سنوي يبلغ 6.1 ٪ للفترة من 2017-2022، وذلك وفقا للعديد من التقارير الدولية.
يذكر أن الدراسة شارك فيها فريق بحثي مكون من الباحثين محمد صلاح غنيم وسمر إمبابى جادالله ولبنى أحمد سعيد، تحت إشراف الباحث الرئيسي للمشروع أحمد حسن مدين، مدير مركز أبحاث النانوالكترونيات بجامعة النيل، وأحمد الطويل الأستاذ بجامعة كاليفورنيا إيرفين الأمريكية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا بالسعودية، وأحمد رضوان نائب رئيس جامعة النيل للبحث العلمى.