Site icon العربي الموحد الإخبارية

الزهراوي .. مبتكر الأسنان الاصطناعية البديلة

في مقالته الثلاثين لعمل الجراحة وأدواتها؛ قدَّم الطبيب العربي أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي فصولاً بالعناية بالأسنان، مع ابتكاره لأول مرة لأدواتٍ وطرق وأفكار جديدة كالأسنان الاصطناعية، والتي يتم نحتها من عظم الأبقار ومن أسلاك من الفضة والذهب، وذلك بهدف تقويم الأسنان المتحركة أو المتضررة (1).

أبو القاسم الزهراوي ومساهماته في طب الأسنان:-

شرع الإنسان منذ بداية أول معالم الحضارة ؛ في إدارة الأحداث اليومية التي ترافقها الأمراض التي تؤثر بدورها على نظام الجسم.

كانت الآم الأضراس و الأسنان من بين أكثر المشاكل شيوعًا منذ القِدم، لذلك، فقد بدأ الإنسان منذ أمد بعيد في بذل الجهود اللازمة لعلاجها، وذلك إما عبر استخراج واقتلاع الأسنان المؤلمة، أو عن طريق تناول دواء من شأنه المساهمة بتخفيف الأوجاع المبرحة.

الزهراوي.. مبتكر لكثير من الأدوات الجراحية

تعرَّّضت كتب الجراحة القديمة إلى سبل العناية بالأسنان، لكنها لم تُفرِد لها أقساماً خاصة بها، إذ اقتصر الأمر على حديث الأطباء عن طرق علاج الأسنان بالكي أو عبر القلع.

فتح علمي طبي جاء مع الزهراوي:-

 لكن أبا القاسم الزهراوي، الملقب بأب الجراحة الحديثة، قام بعمل فريد من نوعه، وذلك من خلال إدراجه فصولا مخصصة للعناية بالأسنان والأدوات الجراحية اللازمة لها، مع ابتكار أدوات جديدة وطرق لعلاجها لم يسبق أن عرف لها مثيل في العصور القديمة.(1)

التصريف لمن عجز عن التأليف أشهر مؤلفات الزهراوي

عاش الزهراوي في الأندلس بين عاميّ 936-1013 ميلادية، وحينما كان يؤلف ملخصاته وكتبه العظيمة؛ كانت أوروبا تغط في نومٍ عميق، لم تصحُ منه إلا بعد قرون طويلة تالية بالتزامن مع عصر النهضة.

أدوات الزهراوي في خلع الأسنان:-

ابتكر الزهراوي لجراحات الأسنان، مجموعةً من الأدوات التي تفضي إلى هزِّ وتخفيف الأسنان وإزالتها.

وابتكر أيضاً أنواعًا مختلفة من الملاقط لاستخراج الأسنان، وذلك لعلاج من إنكسر ضرسه بالجفت، كما استعمل الكلاليب التي تشبه أطرافها فمَّ طائر اللقلق والتي تكون مصنوعة كالمبرد المدبب.

مساهمات استثنائية للزهراوي

استعمال المشرط في العمليات الجراحية:-

وكان الزهراوي يكشف لحم الضرس بالمبضع (المِشْرَطُ) ثم يدخل آلة تشبه عتلة مصغرة  عبارة عن عمود قصير من الحديد له رأْس عريض يُقلَعُ به الضرس، قصيرة الطرف غليظة قليلاً ولا تكون مستقيمة لكي لا تُكسر.

كما كان الزهراوي يلجأ إلى أدوات أخرى، مثل تلك الأداة المثلثة التي فيها بعض الغلظة، وأخرى تشبه السنارة الكبيرة تكون مثلثة الطرف المعوج وغليظة قليلاً وغير مستقيمة تماما لئلا تنكسر.

كيفية معالجة الزهراوي للأسنان الجانحة:-

الأسنان التي تنمو في أماكن أخرى غير الموضع الطبيعي لها؛ تمنحُ مظهراً سيئاً للغاية خاصة عند حدوثها عند النساء أو حتى الرجال، في مثل هذه الحالة؛ كان الزهراوي يتفقد ما إذا كانت السن قد نمت خلف أخرى، فيقلع الضرس أو يقوم بنشره بواسطة أداة مِبرد (أداةٌ بها سطوح خَشِنة تُستعمل لتسوِية الأشياء أو تشكيلها بالتأَكل أو السَّحْل، وذلك لعدة أيام بغية مواجهة صلابة الأسنان).

أبو القاسم الزهراوي سبق علماء أوروبا بقرون طويلة في مجال علاج الآم الأسنان – المكتبة الرقمية العالمية

كيفية علاج الأسنان المتعفنة:-

وعندما يكون الضِّرس منكسراً وفيه تفتت أو تعفن ولا يُستطاع إخراجه بالكلاليب والأدوات السابقة؛ فقد استخدم الزهراوي أداةً تسمى “الجفت” الجراحية ذات الساقين، وذلك لنزع أو التقاط العظم عبر الضغط عليه، إلى جانب استعماله أداةً تُشبه المنقار الصغير، والمُخصصة لقلع ضرس لاصق بآخر، وتكون حادة جداً ومصنوعة من الحديد.

تقنيات الزهراوي في تقويم الأسنان:-

وصف أبو القاسم الزهراوي طريقة تركيب الأسنان بأسلاكٍ مصنوعة من الذهب أو الفضة بشكل يشبه كثيراً عملية تقويم الأسنان المعاصرة، عبر تقنية تسمى “التشبيك”.

وتهدف العملية إلى شد الأسنان القاطعة العلوية، ولا يمكن للمريض أن يعُضَّ على ما يريد أو أن يأكل خوفًا من سقوط هذا الجسر.

أول من تناول فكرة التشبيك (جسر الأسنان الحديث)

 ويقول الزهراوي”: يتم مواجهة ذلك عبر قابِضٌ مُرْقِئ ( دواء قابض وموقف للنزف)، ثم يقوم بربط موضع العملية بالأسلاك الفضية الذهبية، علماً بأن الذهب أفضلُ لمواجهة الأكسدة والتآكل والتغيرات من الفضة”.

يجب أن يكون السلك متفاوت السُمك وفقًا للمسافة بين الأسنان، ويتم لفُّ الخيط الذهبي بين الأضراس المتحركة عند جذورها باتجاهين، ثم يتم قطع الخيوط بالمقص وجمعهما بالجفت، ثم يتم اخفاء الخيط في الخلف بين الضرسين الصحيحة والمتضررة، وذلك لئلا يؤذي اللسان.

وقد نصح أبو القاسم الزهراوي باستبدال الأسنان التي أصيبت بالصدمة من قواعدها لأنها قد تعقِد مرة أخرى.

الأسنان الصناعية ابتكار عربي:-

وابتكر الزهراوي أيضاً آلية لتركيب الأسنان الاصطناعية وذلك لتعويض تلك المفقودة أو المتضررة، وذلك من خلال نحت عظم من عظام البقر، فيُصنع منه كهيئة الضرس ويُشبك بالخيط الذهبي أو الفضي.

وهكذا يكون هذا الطبيب العربي المسلم؛ أول من ابتكر وتحدث عن تقويم الأسنان الذي أصبح الآن علماً قائماً بذاته.

اقرأ ايضاً ابن ملكا البغدادي .. الطبيب والفيسلوف الأوحد في زمانه

المصادر:

  1. رشدي راشد، موسوعة تاريخ العلوم العربية،ج3،ص1209.
  2. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2494266/pdf/annrcse01518-0074.pdf
  3. الزهراوي في الطب لعمل الجراحين، الفصل32و33،في نشر الأضراس وفي تشبيك الأضراس المتحركة بخيوط الفضة أو بخيوط الذهب.
  4. محمد المختار الشنقيطي، أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها – ص62>
Exit mobile version