Site icon العربي الموحد الإخبارية

الغساني .. الطبيب وعالم الأعشاب الشهير

اسمه ونشأته:-

قاسم بن محمد بن إبراهيم، أبو محمد الغساني ، الشهير بالوزير، الطبيب الوزير، أندلسي الأصل، وُلِدَ في فاس سنة 955هـ.

تلقى العلم في فاس على علماء من بينهم والده محمد والذي أخذ عنه العلوم الطبية، وهو الأمر الذي ذكره قاسم نفسه في كتابه ” حديقة الأزهار ” حيث يتعرَّض فيه أحياناً إلى ما أخبره به والده عن ماهية بعض الأعشاب وأماكن وجودها.

وبحسب محقق كتابه ” حديقة الأزهار ” ؛ فإن جذور أسرة الغساني تعود إلى غرناطة والتي نزح والده وأسرته منها إلى فاس وذلك في أعقاب سقوط مملكة غرناطة سنة 899 هجرية/ 1492 ميلادية.

مكانته العلمية:-

طبيب عشَّاب، من العلماء، كان
طبيباً ووزيراً للسلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي، الذي تجول في المغرب برفقته، مما
مكَّنه من تحصيل ثقافة نباتية كبيرة.

بالإضافة إلى علمي النبات
والطب مهر الوزير الغساني في الدراسات اللغوية، والتي ساعدته في ضبط أسماء
النباتات باللغة العربية الفصحى واللهجات المحلية.

اسم الغساني على مدخل كلية الطب بمدينة فاس المغربية
اسم الغساني على مدخل كلية الطب بمدينة فاس المغربية

شيوخه وأساتذته:-

  • الإمام أحمد بن علي المنجور( توفي سنة 995 هجرية/ 1587 ميلادية).
  • القاضي عبد الواحد بن أحمد الحميدي (توفي سنة 1003 هجرية/ 1594 ميلادية).
  • محمد بن أحمد بن أبو مجبر المساري (توفي سنة 984 هجرية/ 1576 ميلادية).
  • استفاد كثيرا من المؤلفات العربية القديمة خصوصاً كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري (توفي 282 هجري)، وكتاب عُمدة الطبيب في معرفة النبات.

آراء العلماء العرب فيه:-

قال المقرَّي عنه: “تفرَّد –حفظه الله- بعِلم الطب بالحضرتين –يقصد فاس ومراكش- وشارك في سائر العلوم”، مؤكداً في الوقت ذاته على جود وكرم وحُسن أخلاق الغسَّاني.

وشهِد له أحمد بن القاضي بالمشاركة في فنون العلم، وقال عنه أيضاً: “إنه اختصَّ من بين الأطباء بسلامة الاعتقاد”.

ونوَّه كلُ من المقري وابن القاضي بسعة اطلاع قاسم الغساني ، وولعه في صنوف الأدب، لا بل إن له موشَّحات رقيقة تدُلُّ على براعته وحسن ذوقه.

آراء علماء الغرب فيه:-

  • قال المستشرق والطبيب الهولندي هنري رونو: “يُعد الغساني ذهناً متميزاً إذا قِيسَ بعصره وبيئته، والحُكم على آثاره لا يتأتى دون مقارنتها بالعديد من مصنَّفات المادة الطبية لمؤلفين عرب آخرين، نعم، إنَّه لم يصل إلى حد يجعله يتبيَّن بوضوح تام ما للزهرة من أهمية راجحة، ولا سِيَّما أعضاء الإخصاب التي تكمن في أحشائها، حتى يتمكن من وضع قاعدة صحيحة لنظام التصنيف النَّباتي، فهو يُطلق اسم الخيوط على المِدَّقات والأسدية، ويخلط بينهما، إلَّا أنَّه قد استخلص بوضوح فكرة التسلسُل في خصائص النبات – من جهة-، كما أدرك – من جهة أخرى- مفهوم القرابة القائمة بين أنواع النبات بحيث يضمُّها تحت تسمية واحدة بواسطة الجموع الطريفة التي اصطنعها”.
  • المستشرق الإيطالي إلدو ميلي قال بدوره عن الغساني: “امتاز أبو القاسم الغسَّاني بتصنيفه للنَّبات، فجاء كتابه فريداً من نوعه بين المصنَّفات العربية، وهو قد انتفع غاية الانتفاع بعمل سلفه العشَّاب المالقي حينما ألَّف كتابه ” حديقة الأزهار ” وأتمّه عام 1586 م، إلَّا أنه في إمكاننا أن نتساءل عمَّا إذا كان هذا المؤلِّف العربي قد تأثَّر بأندريا سيسالبينو، الذي ألَّف كتابه الأعشاب عام 1583 ، على أن هذا الاحتمال ضعيف”.
مدنية فاس العريقة حيث وصفها الإدريسي في القرن الثاني عشر

كتب الغساني:-

  • مُغني الطبيب عن كُتُب أعداء الحبيب، والذي نقله الغساني عن لُغة أوروبية، على ذمَّة المقرَّي والذي قال: ” وذلك أنَّه قدِم على مقام أمير المؤمنين.. بعض أكابر الروم، فأتحفه بهذا الكتاب مكتوباً بالقلم الأعجمي، فعرَّبه الشيخ ( الغسَّاني ) وجعل لهُ خُطبة، وزاد فيه زيادات”.

ومن غير المستبعد أن يكون هذا الكتاب مما أهداه فيليب الثَّاني، ملك إسبانيا، لأحمد المنصور، حيث كان بينهما زيارات متبادلة يتخللها تقديم الهدايا ذات القيمة التي تضاهي مكانتيهما.

  • حديقة الأزهار في شرح ماهية العشب والعقار، كتاب عجيب في بابه لم يؤلَّف مثله، يذكر سائر
    الأعشاب والعقاقير بما سميت به في الكتب، ثم يذكر اسمها بلسان عامة الوقت، ثم يذكر خواصها
    على وجه عجيب، ولقد وضع الغساني مختصراً لهذا الكتاب ليكون في متناول الطلبة سمَّاه «كشف
    الرموز»، ومن مزاياه أيضاً ذكره الأسماء المتعددة للنبات الواحد، ووصفه البيئة التي تنبت فيها
    النباتات، وذِكْر اسمها الشائع على لسان العامة في المغرب بالدارجة المغربية -خصوصاً لهجة أهل
    فاس- أو باللسان الأمازيغي، وبعد أن يُوضِّح ماهية المادة النباتية ينتقل إلى بيان طبيعتها، وأخيراً
    يذكر خواصها ومنافعها الطبية أو مضارها إن اقتضى الحال، وذلك من غير دخول في التفاصيل
    المتعلقة بالمقادير وطريقة التحضير إلا نادراً.

قال ابن المقرَّي عن “حديقة الأزهار” إنه:” كتابٌ عجيبٌ في بابه لم يؤلَّف مثله، يذكر سائر الأعشاب
والعقاقير بما سُمِّيت به في الكُتُب، ثم يذكر اسمها بلسان عامَّة الوقت، ثم يذكر خواصها على وجهٍ عجيب”.

  • الروض المكنون في شرح أرجوزة ابن زعرون، وفيه يشرح أرجوزة الطبيب أبي موسى هارون بن إسحاق بن عزرون المتوفى سنة 1100 م، والتي هي بمثابة تتميم لألفية ابن سينا في الطِب، ويتواجد منها نسخ خطية في الخزانة الحسنية، كما تتوفر نسخ منها في الخزانة العامة للكتب والوثائق بالرباط، هذا فضلاً عن الإسكوريال والمتحف البريطاني والمكتبة الوطنية في العاصمة الإسبانية مدريد.

هذا وكان الغساني قد وضع هذا الشرح لخزانة ولي العهد الأكبر المأمون بن السُّلطان أحمد المنصور السعدي، وقد أتمَّه عام 1582 م.

وصف الغساني فوائد وأضرار جميع الأعشاب والنباتات

رأي مُحقق ” حديقة الأزهار ” في نهج الغساني:-

تحدَّث محقق كتاب ” حديقة الأزهار ” السيد محمد العربي الخطابي، عن خصائص الغساني المنهجية عموماً، وأسلوب ومميزات كتابه خصوصاً، فيما يلي أبرزها:

  • امتاز الغسَّاني بالوضوح في الوَصف، والاقتصاد في التعبير.
  • سلَكَ مسلكاً جعلهُ يُعنى بالزُّهور والثَّمار والبذور والجذور والأوراق، ويلاحظ تناوله أيضاً للنباتات الطفيلية.
  • تجنَّب الخوض فيما لم يُشاهده ولم يعرفه.
  • إذا كانت العُشبة من غرائب نبات الأقطار البعيدة؛ فإنَّه يكتفي بنقل أقوال غيره على ما قد يكون فيها من تعارض.
  • اهتمَّ بالبيئة الطبيعية التي تعيش فيها بعض النباتات، وهو ما يُطلق عليه عملاء النبات المعاصرون “بيو توب”.
  • لم يدرُس الأعشاب على أساس أنها مستقلة عن علوم الطب.
  • تبيَّنَ الخصائص التشكُّلية للأعشاب وعيَّنَ على أساس ذلك طائفة من الأجناس، بيد أنه لم يلتفت إلى أعضاء الإخصاب لتعذُّر ذلك عليه، فمن المعروف أن المجهر هو الذي فسح المجال أمام تشريح النبات ودراسة تفاصيله.
  • نقَلَ في كتابه من العالم الإشبيلي ابن عبدون مؤلِّف كتاب ” عُمدة الطبيب في معرفة النبات لكُل لبيب”، فلم يكُن هو السابق إلى محاولة تصنيف النَّبات من بين العُلماء العرب.

وفاة الغساني :-

قال الأستاذ محمد المنوني –في سياق مقالة كتبها حول ظاهرة التعريب في المغرب-: إن وفاة الغساني
كانت في عام 1019 هجري/ 1611 ميلادي، مرتكزاً في ذلك على ما أورده كتاب “الإتقان والإحكام في سرح
تحفة الحُكَّام” لمحمد بن أحمد ميارة، ومثلما جاء في كتاب “الحركة الثقافية بالمغرب في عهد السعديين”
للدكتور محمد حجي، وما أورده خير الدين الزركلي في “الأعلام”.

عاش الغسََاني وتوفِّيَ في مدينة فاس

من المؤكد أن الغسَّاني كان على قيد الحياة سنة 1012 هجرية/ 1003 ميلادية، وهو تاريخ تأليف أحمد
المقري لكتابه “روضة الآس”، حيث ذكَرَه من بين الأحياء وأورَدَ له قصيدةً مدح بها الغسَّاني السلطان أحمد المنصور، وذلك بمناسبة تدشين سد بوطوبة في فاس سنة 1009 هجرية/ 1600 ميلادية.

المصادر:

  • حديقة الأزهار في ماهية العُشبِ والعَقار، تحقيق محمد العربي الخطَّابي.
  • قصَّة العلوم الطبية في الحضارة الإسلامية، راغب السرجاني.
  • الأعلام (5/182).
Exit mobile version