من هو سعيد بن هبة الله بن الحسين؟
عالم الطب، سعيد بن هبة الله بن الحسين، المُلقَّب بالعشاب، ولد في بغداد سنة 436هـ/1045م، وتلقى تعليمه على أيدي علماء عصره وأصبح من كبار العلماء في العلوم الطبية، واستطاع أن يبحر في مختلف العلوم ويفوق أقرانه من العلماء، ونبغ في معارف كثيرة، ليعتبر من جهابذة الأطباء العرب المسلمين.
مكانته العلمية:–
عُرِف عن علَّامتنا كثرة اطلاعه وسِعة معارفه وعُمق أفكاره وبُعد نظرته للأمور ونقاشه القائم على المنهج العلمي القويم والفكر الحكيم، فنال شهرةً كبيرةً واحتراما بين العامة والفقهاء والعلماء والحكماء في عصره.
عاش خلال فترة الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله ونال مكانةً كبيرةً حيث كان الخليفة يشجع البحث العلمي والتأليف ويأنس لمجالس الشعر والأدب ويصادق العلماء ويُسهِّل لهم طرق البحث والاطلاع.
ولنبوغ العشاب في مجال الطب؛ عهِد إليه الخليفة أن يكون طبيبه الخاص وأن يشرف على البيمارستان العضدي في بغداد، إلى جانب دوره في تدريس العلوم الطبية بالمعهد الطبي.
وقد جاء إليه طلاب العلم من مختلف المدائن والبلاد يستمعون إليه ويتعلمون الطب والحكمة منه وكيفية توظيف الفكر والمنهج العلمي في البحث والدراسة، وتخرَّج من مدرسته كثيرٌ من الطلاب الذين أصبحوا من الأفاضل والفقهاء والأطباء.
أقوال العلماء فيه:–
لا شك أن المؤلف كان شيخ الأطباء بالعراق، وتلاميذه في الطب مشهورون، وقد كان فاضلا في العلوم الأخرى كالفلسفة والمنطق، وذا خلق عال لا يبخل بعلمه على طالبيه، ويشهد له أكثر المؤرخين بذلك.
- يقول عنه ابن أبي أصيبعة : ” سعيد بن هبة الله بن الحسين: من الأطباء المتميزين في صناعة الطب، وكان أيضاً فاضلاً في العلوم الحكمية مشتهراً بها… وقال أبو الخطاب محمد بن محمد بن أبي طالب في كتاب الشامل في الطب: إن الطب انتهى في عصرنا إلى أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين”.
- ويقول المؤرخ العلامة أبو الفلاح عبد الحي بن العماد في ” شذرات الذهب” : “… بأنه كان شيخ الأطباء بالعراق، وكان صاحب تصانيف في الفلسفة والطب والمنطق، وله عدة أصحاب… ” .
- وقال الإمام ظهير الدين البيهقي : ” ابن الحسن الطبيب البغدادي ، كان طبيباً فاضلاً كاملاً ، له تصانيف كثيرة ، وكان عبد الوهاب النيسابوري تلميذه ؛ وهو ممن حمل تصانيفه إلى خراسان” .
- وقال لوسيان لوكلرك : ” أبو الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين : طبيب مميز ، مهتم جداً بدراسة الفلسفة ، خدم الخليفة المقتدي وابنه المستظهر …”.
من حِكَمه:–
ولابن الحسن محلٌ معمور في معقولات الحكمة، وتصنيفه في التشريح و المغني في الطب ، يدلان على كماله في صنعته، ومن كلماته :
- من اعتذر من غير ذنب .. أوجب الذنب على نفسه.
- التواني في المصالح ينتج الهلاك.
- أشقى العاجزين من جمع عجزاً إلى عجزه.
كتاب العشاب الشهير:–
من أهم المؤلفات التي تشير إلى نبوغ هذا العالم في مجال الطب؛ كتابه: المغني في تدبير الأمراض ومعرفة العلل والأعراض. واشتهر هذا الكتاب باسم: المغني في الطب.
ويتحدث العشاب عن هذا الكتاب الهام ويقول: إنه قام بجهد كبير بناء على طلب الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله الذي رغب أن يقوم العشاب بإعداد كتاب في الطب يشمل كل ما يحتاج إليه الأطباء والطلاب والدارسون ليكون سجلاً شاملاً لأفكار العشاب ورؤيته وملاحظاته وخلاصة أفكاره في الطب.
وضم إلى كتابه هذا أيضا آراء علماء اليونان والهند والفرس في مجال الطب وأضاف إلى أفكارهم نتائج بحثه وتجاربه.
اهتم في كتابه كذلك بتحليل الكتب الطبية القديمة وفنَّد أفكارها وسجَّل تحليله وتدقيقه في المعارف الطبية وذلك في أسلوب بسيط خال من الحشو والمبالغة.
ونتيجة لذلك؛ تُرجمت أعماله إلى اللغات الأخرى وانتشرت في جميع أنحاء العالم.
مؤلفات أخرى:–
- الإقناع في الطب.
- اليرقان.
- التلخيص النظامي وقد قرأه عليه ابن ملكا البغدادي.
- كتاب خلق الإنسان، مقالة في معرفة الأمراض وعلاجها.
- كتاب في أقرباذين مدينة السلام.
- كتاب المجدول في الطب.
- كتاب الجواب عن المسائل الطبية.
- مقالة في ذكر الحدود والفروق .
- كتاب في الأسباب والعلامات .
- كتاب في صفات تركيب الأدوية.
وفاة سعيد بن هبة الله:–
توفي علامتنا سنة 495 هـ / 1102 م.
المصادر:–
- سعيد بن هبة الله ؛ المغني في تدبير الأمراض ومعرفة العلل والأعراض، تحقيق محمد ياسر زكور.
- ابن ابي أصيبعة؛ عيون الأنباء في طبقات الأطباء، موقع كتاب نت للكتب المصورة
- علي عبد الفتاح: أعلام المبدعين من العرب والمسلمين، دار ابن حزم.