أبو إسحاق إبراهيم الفزاري – التعريف بالشخصية:-
إبراهيم بن حبيب الفزاري ، من مواليد الكوفة في القرن الثامن (ميلادي).
هو الإمام الفزاري العالم المشهور المذكور في حكماء الإسلام، ذاع صيته بصفته أول من عمل في الإسلام اسطرلاباً، وقد اشتغل في علم الفلك والتنجيم وخاصة في تأليف الكتيبات الفلكية مع جداول لحساب المواقع السماوية خلال ولاية الخليفة المنصور والخلفاء العباسيين اللاحقين.
سعيه الى تحصيل العلم:-
لقد نال علَّامتنا مرتبة علمية وشهرة عظيمة جداً في علمي التنجيم وتقويم الشهور، ورغم ذلك لم يكُف عن السعي وراء تحصيل المزيد من المعرفة في مجاله، فهاجر الفزاري إلى دار السلام عام 144هـ -747 م ليأخذ عن علماء بغداد مركز الحضارة في ذلك الوقت.
وقد كان إبراهيم الفزاري مهتماً للغاية بدراسة اللغات الأجنبية، فعني بذلك عناية كبيرة، خاصة السنسكريتية التي أخذت منه وقتاً وجهداً كبيرين، نظرا لاهتمامه الفائق بما توصل إليه فلكيو بلاد الهند القدماء، وهو ما ساعده فيما بعد على ترجمة كتاب “السند هند” الشهير وفهمه.
مرتبته العلمية:-
كان إبراهيم بن حبيب بن سليمان الفزاري أول مسلم عمل الأسطرلاب، وهو آلة دقيقة تُصوَّر عليها حركة النجوم في السماء حول القطب السماوي، وتُستخدم هذه الآلة لحل مشكلات فلكية عديدة، كما تم توظيفها في الملاحة وفي مجالات المساحة.
وقد ألَّف علامتنا في الأسطرلاب كتاباً، ولا نعلم هل استخدم في ذلك كتباً سريانية أو يونانية أو كلتيهما؛ إذ أخذت كتبه أيدي الضياع فلم نتلق إلا اسمه وهو كتاب العمل بالأسطرلاب المسطح، وكتبا ورسائل أخرى خصصها أيضا للحديث عن الأسطرلاب.
وقد ضاعت أصول كتبه العربية ولم تنجُ من التلف إلا ترجمة لاتينية لكتاب “الأسطرلابات والعمل بها”، طُبِعت في أوروبا ثلاث مرات وذلك في القرن السادس عشر وشكَّلت مصدراً علمياً فريداً لكل المهتمين بهذا العلم.
كتابه “السند هند الكبير”:-
تحكي كتب التراجم أنه في سنة 155هـ جاءت بعثة من الهند ومعها كتاب “سدهانتا”، الذي يضم معلومات وأسرار في علم الفلك والنجوم لم يكن للعرب آنذاك علم بها.
فطلب الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور من الفزاري أن يتكلَّف بدراسة وترجمة الكتاب إلى اللغة العربية والقيام بتصنيف كتاب في علوم الهيئة على غرار الكتاب الأصلي.
ولم يكُن الفزاري لينتظر هذا الطلب من الخليفة، فقد كان شغوفاً بكُل ما له علاقة بالعلم، خاصة علم الفلك، فعكف على ترجمة الكتاب وأسماه كتاب “السند هند” الكبير.
لقد كان لكتاب “السند هند الكبير” أثراً كبيراً في التصورات العربية لحركة الكواكب التي نتج عنها عمل الأرصاد العديدة في البلاد العربية والإسلامية، وهو ما جعل لترجمته مكانة كبيرة بين علماء الفلك في زمن الفزاري وبعده، إذ أصبح المرجع الأول الذي عاد اليه العلماء مراراً وتكراراً في علم الهيئة إلى أيام الخليفة المأمون بن هارون الرشيد.
تصانيف الفزاري:-
ترك الفزاري مؤلفات هامة في مجال علم الفلك، منها::
- كتاب العمل بالأسطرلاب ذات الحلق.
- كتاب المقياس للزوال.
- كتاب العمل بالأسطرلاب المسطح.
- قصيدة في علم النجوم.
- الزيج عن سني العرب.
وفاة الفزاري:-
توفي أبو إسحاق إبراهيم الفزاري ببغداد سنة 777م .
أبو إسحاق إبراهيم الفزاري و محمد بن إبراهيم الفزاري:-
أثناء بحثنا في كتب التراجم عن حياة هذا العالم إنجازاته؛ وجدنا أنفسنا أمام شخصين يحملان نفس الاسم
تقريبا، الأول إبراهيم بن حبيب الفزاري والثاني محمد بن إبراهيم الفزاري الذي تدَّعي بعض المراجع أنه ابن
الأول، إلا أن هناك خللاً واضحاً وخلطاً بين الشخصيتين، فبغض النظر عن أن كلاهما فلكي، نجد أن عدداً من المصادر تنسب كتاب العمل بالأسطرلاب ذات الحلق، و كتاب المقياس للزوال، و كتاب العمل بالأسطرلاب المسطح وكتباً أخرى، للرجلين معاً.
وبشكل أدق؛ نجد جمال الدين القفطي فيما قاله في مادة محمد الفزاري يوافق ما قيل في إبراهيم بن حبيب الفزاري في كتاب الفهرست، وفي موضع آخر من نفس كتاب القفطي، فنضطر إلى الظن بأن الفزاريين في الحقيقة فزاري واحد.
المصادر:-
- كارل نلينو، علم الفلك: تاريخه عند العرب في القرون الوسطى.
- علي عبد الفتاح: أعلام المبدعين من علماء العرب والمسلمين.
- ابن النديم، الفهرست، الجزء الأول.
- جمال الدين القفطي، إخبار العلماء بأخبار الحكماء.
- عمر فروخ، عبقرية العرب في العلم والفلسفة.