اسمه ونشأته:-
ماسرجويه البصري السرياني،
طبيب يهودي سرياني، كان في أيام بني أمية، في زمن عمر بن عبد العزيز، وقيل: اسمه ماسرجيس،
لم يذكر المؤرخون تاريخ ولادته، وهو من أطباء القرن الهجري الأول.
مكانة ماسرجويه العلمية:–
كان عالماً بالطب، وكان من
أشهر أطباء البصرة.
وقد اشتُهِر ماسرجويه بترجمة الكتب طبية، فقد تولى لعمر بن عبد العزيز ترجمة كتاب أهرن القس في الطب، وهو كُنَّاش فاضل من أفضل الكنانيش القديمة، حيث قام بنقل كتاب أهرن بن أعين من اللغة السريانية إلى اللغة العربية، وكان قد وجد هذا الكتاب عمر بن عبد العزيز في خزائن الكتب، فأمر بإخراجه، ووضعه في مصلَّاه، واستخار الله في إخراجه إلى المسلمين للانتفاع به، فلما تم له في ذلك أربعون صباحاً أخرجه إلى الناس وبثه في أيديهم.
وقد نَقَلَ عن ماسرجويه كثيراً أبو بكر الرازي في كتابه «الحاوي»، وكان دوماً يشير إليه بقوله: “قال اليهودي”.
نوادره:-
كان أيوب بن الحكم جالساً
عند ماسرجويه وهو ينظر في قوارير الماء؛ إذ أتاه رجل من الخوز، فقال له: إني بليت
بداء لم يبل أحد بمثله، فسأله عن دائه، فقال: أصبحت وبصري علي مظلم، وأنا أجد مثل
لحس الكلاب في معدتي، فلا تزال هذه حالي حتى أطعم شيئاً، فإذا طعمت سكن عني ما أجد
إلى وقت انتصاف النهار، ثم يعاودني ما كنت فيه، فإذا عاودت الأكل سكن ما بي إلى
وقت صلاة العتمة، ثم يعاودني فلا أجد له دواء إلا معاودة الأكل، فقال ماسرجويه:
على هذا الداء غضب الله، فإنه أساء لنفسه الاختيار حين قرنها بسفلة مثلك، ولوددت
أن هذا الداء يحول إلي وإلى صبياني وكنت أعوضك مما نزل بك منه مثل نصف ما أملك،
فقال له: ما أفهم عنك، فقال له ماسرجويه: هذه صحة لا تستحقها، أسأل الله نقلها عنك
إلى من هو أحق بها منك.
من علاجاته:-
قال أيوب بن الحكم: شكوت إلى
ماسرجويه تعذر الطبيعة، فسألني: أي الأنبذة أشرب؟ فأعلمته أني أدمن النبيذ المعمول
من الدوشاب البستاني الكثير الداذي، فأمرني أن آكل في كل يوم من أيام الصيف على
الريق قثاءه صغيرة من قثاء بالبصرة يعُرَف بالخريبي.
قال: فكنت أوتي بالقثاء وهو
قثاء دقيق في دقة الأصابع وطول القثاءة منه نحو من فتر، فآكل منه الخمس والست
والسبع، فكثر علي الإسهال، فشكوت ذلك إليه، فلم يكلمني حتى حقنني بحقنة كثيرة
الشحوم والصموغ والخطمي والأرز الفارسي، وقال لي: كدت تقتل نفسك بإكثارك من القثاء
على الريق؛ لأنه كان يحدر من الصفراء ما يزيل عن الأمعاء من الرطوبات اللاصقة بها
ما يمنع الصفراء من سحجها وأحداث الدوسنطاريا فيها.
قصة يرويها ابن جلجل:-
قال ابن جلجل الأندلسي: إن ماسرجويه الطبيب البصري سرياني اللُّغة يهودي المذهب، وهو الذي تولَّى في أيام الخليفة الأموي مروان بن الحكم (حَكَم عامين 64-65 هجري) تفسير كناش أهرون القسّ إلى العربية.
وروى ابن جلجل – وهو الطبيب والصيدلي الشهير المولود في طليطلة سنة 332 هجرية- أن أيوب بن الحكم كان جالساً عند ماسرجويه، إذ أتاه رجل من الخوز (خوزستان) فقال: إنِّي بُليتُ بداءً لم يُبلَ أحد بمثله، فسأله ماسرجويه عن دائه.
فقال الخوزي: ” أُصبح وبصري مُظلم عليَّ وأنا أصيب مثل لحس الكلاب في معدتي، فلا تزال هذه حالي؛ إلى أن أُطعَم شيئاً، فإذا طعِمت؛ سَكَنَ ما أجد إلى وقت انتصاف النَّهار، ثم يُعاودني ما كُنتُ فيه، فإذا عاودتُ الأكلَ؛ سَكَنَ ما بي إلى وقت صلاة العتمة، ثم يُعاودني، فلا أجد له دواء إلَّا معاودة الأكل”.
فقال ماسرجويه للخوزي: “على دائك هذا غضب الله، فإنه أساء لنفسه الاختيار حين قرنه بسفلة مثلك، ولو وددتُ أن هذا الدَّواء تحوَّلَ إليَّ وإلى صبياني، فكنتُ أُعوّضك ممَّا نَزَلَ بِكَ مثل نصف ما أملك”.
فقال له الخوزي: ما أفهم عنك!.
قال ماسرجويه: هذه صحَّة لا تستحقها، أسألُ الله نقلها عنك إلى من هوَ أحقُ بها مِنكَ.
وصفاته :-
تحدَّث ماسرجويه عن طبيعة النباتات والأحجار والمعادن وسُبُل الاستفادة منها في بناء الأدوية والعلاجات والترياقات المستخدمة لعلاج المرضى، ومن ذلك قوله:
- تُنبُلْ: فيه حِدَّة، ويمضغهُ أهل الهند، فيُقوِّي اللِّثَّة والأسنان والمعدة.
- كتَّان: والثِّياب يَختلف قُواها بقدر الأصل الذي تُصنعُ منه، وثيابُ الكتَّان معتدلة في الحَر والبَرد والرُّطوبة واليبس، وهي أجدى أن تُستعمل في الدَّواء وخاصَّة القُروح؛ فإنَّها تُجَفِّفها وتنشف البلّة والعرق من الجَسَد.
- الطين المختوم (المجلوب من جزيرة لميوس): إذا سُحِقَ وخُلِطَ بالخلّ ودُهن الورد والماء البارد، وطُلِيَ على الورَم الحار، نفعهُ وأبرأه ويحبِس الدَّم من حيثُ خَرَج.
- الكهربا (صمغ الحور الرومي): إذا شُرِبَ منهُ مثقال، حبس التحلب من الرَّأس والصَّدر إلى المعدة.
- تراب الزئبق: ينفعُ من الجَرَب والحكَّة إذا طُلِيَ عليهما من الخلّ.
- الكبريت: هو ثلاثة ضُروب أحمر وأبيض وأصفر، وكُلّها حار يابس لطيف.
كتب ماسرجويه :–
- كُنَّاش.
- قوى الأطعمة ومنافعها ومضارها.
- كتاب في الغذاء.
- كتاب في العين.
وفاته:-
كان حياً قبل سنة 101هـ-720م.
المصادر:–
- إخبار العلماء بأخبار الحكماء (242).
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء (232).
- تاريخ مختصر الدول، ابن العبري.
- معجم المؤلفين (8/167).
- مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، العمري.
https://www.wdl.org/ar/item/18850/#q=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B5%D8%B1%D8%A9&qla=ar