من هو ابن عبدون الجبلي ؟
هو أبو عبد الله العددي محمد بن عبدون الجبلي ، الطبيب المنتسب لمدينة قرطبة والمرتحل عنها إلى المشرق في العام 347 هجري وقيل: سنة 337 هجرية أي 948 م.
ترك ابن عبدون بلاده نحو أهم بلدين في الشرق اشتهر فيهما العلم الطبي في ذلك الوقت، أي العراق ومصر، قاصداً البصرة متجاهلاً المرور ببغداد وهذا الأمر مستغرب، لكن المؤرِّخ العراقي جواد علي ذكر دخوله دار السَّلام، كما زار ابن عبدون مصر، حيث قام على إدارة شرون مارستان الفسطاط (مشفاها).
وبعد ذلك؛ عاد الطبيب إلى قرطبة وذلك سنة 360 هجرية (970)، ليصبح من خواص أطباء الحكم المستنصر بالله المشهور بعشقه للعلم واقتناء الكتب (حكم بين عامي 350-366 هـ) أي (961-976م)، وقيل : إن مكتبة حوت قرابة 400 ألف مجلَّد.
ثمَّ خدم ابن عبدون الجبلي هشام المؤيَّد بالله، عاشر الحكام الأمويين للأندلس وثالث خلفائهم في قرطبة وذلك بين عامي 366 و406 هجري (976-1006 م).
رأي العلماء في ابن عبدون الجبلي القرطبي :-
تحدَّث المؤرِّخون والعلماء عن شخص ومساهمات ابن عبدون ، ومن بين أبرزهم:
- فقد قال عنه صاعد الأندلسي : ” تمهَّر في الطب ونبل فيه، وأحكم كثيراً من أصوله، ولم يكُن في قرطبة من يلحق به في صناعة الطِّب ولا يُجاريه في ضبطها وحُسْن دربته فيها وإحكامه لغوامضها”.
- كما ذكره صاعد في “طبقات الأمم” في سياق حديثه عن أساتذة عالم النبات المشهور ابن وافد بالقول: “.. كان من أهل طليطلة، ثم رحَلَ إلى قُرطبة لطلب العلم، فأخَذَ عن مسلمة بن أحمد علم العمد والهندسة، وعن محمد بن عبدون الجبلي وسليمان بن جلجل وابن الشناعة ونظرائهم علم الطب”.
- وقال عنه ابن جلجل الأندلسي: ” اهتمَّ بصناعة المنطق، وكان قبل أن يتطبَّب مهتمَّاً بالحِساب والهندسة، وله كتاب حَسَن بالتكسير”.
- وقال عنه المؤرِّخ المعاصر جواد علي :” وكان صاحبنا محمد بن عبد الله الجبلي الباطني كلفاً بفلسفة بندقليس دؤوباً على دراستها ملازماً لها مجاهراً بغرامه العلمي هذا، فاتهمه أبناء قومه لذلك بالزندقة والإلحاد، وغضبوا عليه حتى اضطر إلى الخروج إلى المشرق فارَّاً سنة سبع وأربعين وثلثمائة (958م) ودخل البصرة ومصر ودبر مارستانيهما وتمهر في الطب ونبل فيه، وأحكم كثيراً من أصوله، وعانى صناعة المنطق عناية صحيحة واشتغل بملاحاة أهل الجدل وأصحاب الكلام وأتصل بأساطين هذه المواضيع؛ وهذا ما زاد في قوة علم صاحبنا قوة وفي منطقه فصاحة وبلاغة.”.
- وأضاف جواد علي ” اتصل محمد بن عبد الله أثناء إقامته ببغداد بشخصية كبيرة من شخصيات العلم في العراق هي شخصية محمد بن طاهر أبي سليمان ابن بهرام السجستاني البغدادي، وهي شخصية كبيرة ذات مركز مهم خطير في عالم المنطق والجدل. فاستفاد الباطني ( ابن عبدون) منه كثيراً وتعلم من هذا الأستاذ فن الإقناع والتأثير في الجمهور والقدرة على البحث في شتى المواضيع المتنوعة، وكانت له قابلية عجيبة على التأثير في المستمعين: له لسان خلاب يتوصل به إلى حرارة، وقابلية عجيبة على إبداء الحجج والإقناع. فلما عاد إلى وطنه الأندلس أظهر النسك والورع والتقوى وأغتر الناس بظاهره واختلفوا إليه وسمعوا منه وتكونت له جماعة التفت حوله ودانت بعقيدته وظلت تلازمه وتجتمع به سراً حتى توفي .. وحمل الجبلي إلى الأندلس منطق السجستاني وقواعد أهل العراق في الجدل والمناظرة..”.
تعرف هنا على ابن وافد .. البارع في علوم الطب والصيدلة والنبات والمعني بفلسفة اليونان
المصادر:-
- طبقات الأطباء، ابن أبي أصيبعة.
- ابن صاعد “طبقات الأمم”.
- فصول في إبداعات الطب والصيدلة في الأندلس، محمد العامري.
- الحضارة الإسلامية، دراسة في تاريخ العلوم الإسلامية، طه عبد المقصود.
- مجلة الرسالة، العدد 451، محمد بن عبد الله الجبلي الباطني، جواد علي.