Site icon العربي الموحد الإخبارية

أبو معشر البلخي .. الفلكي والمنجِّم العظيم

أبو معشر البلخي ومكانته العلمية:-

في العاشر من أغسطس عام 787 م؛ ولد عالم الفلك الفارسي أبو معشر البلخي والذي يعرف في الغرب باسم “ألبوماسر Albumasar”، ويُعتقد أنه كان أعظم فلكي في البلاط العباسي.

لم يكُن أبو معشر مُبتكِراً ولكن كتاباته التي وضعها لتدريب الفلكيين أثَّرت بشكل كبير على التاريخ الفكري الإسلامي وكذلك انتقل تأثير كتبه بعد ترجمتها إلى أوروبا الغربية وبيزنطة.

عُرف أبو معشر بنظريته التي تقول: إن العالم نشأ عندما كانت الكواكب السبعة في حالة اقتران عند الدرجة الأولى لبرج الحمل، وأنه سينتهي عند اقتران مماثل عند الدرجة الأخيرة لبرج الحوت.

أبو معشر البلخي من طبقة النخبة المثقفة:-

ولد أبو معشر البلخي في مدينة بلخ في خراسان، ومن المرجح أنَّه انتقل إلى بغداد في أوائل عهد الخليفة المأمون سابع الخلفاء العباسيين، ومن المرجح كذلك أنه عاش غربي بغداد بالقرب من باب خراسان وهي البوابة الشمالية للمدينة الأصلية على الضفة الغربية لنهر دجلة.

 كان أبو معشر عضواً في الجيل الثالث للنخبة المثقفة الخراسانية الإيرانية، وكان في مأمن من الاضطهاد الديني بسبب سمعته العظيمة.

نقل أعمال الفلاسفة اليونانيين:-

كان أبو معشر البلخي من علماء الحديث، ويُقال: إنه تحوَّل إلى علم التنجيم في سن السابعة والأربعين.

 في ذلك الوقت كان قد واجه صراعاً مع أبي يوسف الكِندي الفيلسوف العربي الأشهر في هذا الوقت والذي كان ضليعاً في الفلسفة الأرسطية والأفلاطونية الحديثة، وعندها أدرك أبو معشر أنَّ عليه أن يَدرُس الرياضيات ليفهم طبيعة الجدل الفلسفي.

يُقال: إنَّ أبا معشر ألَّف كتاباً عن الاختلافات في الجداول الفلكية والذي يصف فيه كيف جمع ملوك الفرس أفضل مواد الكتابة في العالم ليحافظوا على كتبهم ثم قاموا بإيداعها في قلعة في مدينة أصفهان.

تُرجِم “كتاب المدخل الكبير ” الذي كتبه عام 848 إلى اللاتينية بواسطة يوحنا الإشبيلي عام 1133 م ، وهو أحد النصوص التي قدَّمت الأعمال الفلسفية لأرسطو باللغة العربية.

رسم يعود للقرن الخامس عشر الميلادي يحاكي أعمال البلخي.

الأبراج والفلكي “تيخو براهي”:-

وفقاً لأبي معشر؛ فإنَّ لكل نجم طاقة محددة وكذلك له جنس ونوع محدد، وتعمل طاقة النجم ونوعه معاً على التأثير على كل التغييرات الجسدية وبعض التغييرات النفسية  التي تحدث للإنسان نتيجة لدوران تلك النجوم بشكل أبدي وتغير من  مواضعها بالنسبة لبعضها البعض وبالنسبة للأفق.

وكان يُعتقد أن هذه التغيرات يمكن التنبؤ بها علمياً عبر وسائل التنجيم.

ولكن الإنسان – كما يقول أبو معشر البلخي – الذي نشأت روحه من هالة الضوء؛ يمتلك إرادة حرة وبإمكانه استخدام العلاقات الفلكية عبر الأثير لتغيير سلوكه، ليتمكَّن من النهاية من الوصول إلى الجنة.

وفقاً لتفسيراته للنجوم؛ فقد أكد أبو معشر على أن الكَون قد نشأ عندما كانت الكواكب السبعة (الشمس والقمر، والمريخ، و الزهرة، وعطارد، والمشترى، وزحل) في حالة اقتران عند الدرجة الأولى لبرج الحمل وتنبأ أيضاً بأن نهاية العالم ستحدث بسبب اقترانٍ مشابه.

وقد استشهد عالم الفلك تيخو براهي بأبي معشر باعتباره ناقداً سابقاً للفلسفة الأرسطية التي تهتم بالمذنبات الواقعة خارج نطاق القمر بالرغم من أن السبب التقليدي الذي ذكره أبو معشر الخاص بتغير اللون لم يكن مقنعاً.

أبو معشر البلخي المؤلف صاحب إنتاج غزير:-

كان أبو معشر البلخي مؤلفاً غزير الإنتاج ، ويُقال: إنه كتب ما يزيد على خمسين كتاباً، واعتُبر في أوروبا في القرون الوسطى الفلكي الإيراني الأكثر أهمية لتأثيره العظيم على تكوين المنظور الفلكي للعصور الوسطى. تُرجمت كتبه إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر واستُخدمت على نطاق واسع كمخطوطات، ولم تُطبع سوى بعد مائتي عام.

تصوير لأبي معشر على الساعة الفلكية لنيكولاس ليلينفيلد

ضياع كل الأعمال الفلكية:-

لسوء الحظ؛ فإن جميع الأعمال الفلكية المنسوبة إلى أبي معشر قد فقدت، ومع ذلك يمكن استخلاص الكثير من المعلومات الواردة فيها من الملخصات الموجودة في أعمال الفلكيين اللاحقين، أو من أعماله في علم التنجيم.

يُقال: إن أبا معشر توفِّيَ وهو في الثامنة والتسعين من العمر (ومائة عام بحسب التقويم الهجري) في مدينة واسط العراقية خلال آخر ليلتين من رمضان عام 272 هـ (مارس 866م).

اقرأ هنا تقي الدين الدمشقي.. المهندس الميكانيكي ورائد الفلك

المصدر:-

Exit mobile version