التعريف بشخصية الطبيب سعيد بن البطريق :-
هو الطبيب سعيد بن البطريق ( أفتيشيوس ) ، والذي حاز شهرة وصيتاً كبيرين في فسطاط مصر خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين.
وقد تحدَّث المؤرخون عن المكانة المرموقة التي حازها ابن البطريق المسيحي في صناعة الطب في عهده، بل إن البعض اعتبره أشهر من زاول هذه المهنة في بلاده في ذلك الحين .
ولد يوم 27 ذي الحجَّة من العام 263 هجري في الفسطاط، ووافته المنية سنة 328 هـ في الإسكندرية.
تعيينه بطريركاً:-
عين الطبيب سعيد بن البطريق بطريركاً على مدينة الإسكندرية في بدايات خلافة القاهر بالله بن أحمد، وقد استمر في منصبه في كرسي الرئاسة وذلك في الفترة الواقعة ببين عامي 321 و328 هـ، أي حتى وفاته.
أقوال العلماء في ابن البطريق :-
تعرض بعض المؤرخين إلى شخصية ومكانة ابن البطريق وما جرى له في زمانه:
- قال عنه جمال الدين بن القفطي : “بقي في الكرسي والرئاسة سبع سنين وستة أشهر، وكان في أيامه شقاق عظيم وشرٌ متصلٌ بينه وبين شعبه، واعتل سعيد بن البطريق بمصر بالإسهال، وكان متميزاً في صناعة الطِّب، فحَدَسَ أنها علَّة موته”.
- قال عنه ابن أبي أصيبعة: “كان متقدِّماً في زمانه، وكانت له دراية بعلوم الطب.. أخذ عنه ابن خلدون “.
مؤلفات ابن البطريق :-
ترك سعيد بن البطريق مجموعة مهمة من المؤلفات الطبية من أبرزها :-
- “في الطب علماً وعملاً”.
- “نظم الجوهر “- ثلاث مقالات، والذي قام بكتابته إلى شقيقه عيسى بن البطريق المتطبب، وذلك في معرفة صوم النَّصارى وفطرهم وتواريخهم وأعيادهم وأعيادهم وتواريخ الخلفاء المتقدمين، كما تعرَّض فيه إلى تواريخ الخلفاء المتقدمين إلى جانب البطارقة وسيرتهم الذاتية ومواضع تواجدهم، وما الذي قدموا خلال فترة ولايتهم.
اقتباسات من كتاب أفتيشيوس “نظم الجوهر” :-
نقتبس من كتاب سعيد بن البطريق ” أفتيشيوس ” والمسمى بـ ” نظم الجوهر ” والذي كتبه لأخيه عيسى هذه الفقرات:
- فإنَّ كل من لم يكُن له معرفة بأصل علم من العلوم التي يريدُ أن يتكَلَّمَ فيها ليُنتِج منهُ نتيجة ما يريده وكانت معرفته أيضاً، إنَّمَا هِيَ فرعٌ لذلك العلم لا عن أصل يرجع إليه؛ كان كلامهُ وانتاجهُ هذراً وهذياناً ، وصار تعبه وعناؤه في ذلك هزلاً ولعباً..
- قال ابن البطريق : وبعد مائة وخمسين يوماً من الطوفان (نوح)؛ بعَثَ الله ريحاً على الأرض هابَّة، فَسَكَنَ الماء وهَدَت العيون وامتنع المطر، وجعل الماء يذهبُ ويقلّ وينقص حتى الشَّهر السَّابع، فاستقرت السفينة في الشَّهر السَّابِع في سبعة عشر يوماً من الشهر، وهو شهر أيلول، وهو توت على جبل يُقال له: أراراط، وهو جبل الجودي بالموصل بأرض ديار ربيعة في قريةٍ يُقالُ لها فردا..
- ونفد المعتصم (الخليفة العباسي) إلى بلاد الرُّوم غازياً ، وحَمَلَ معهُ أيوب بطريرك أنطاكية، فحاصر مدينة أنكرة (أنقرة)، وكان أيوب البطرك يُكَلِّم الرُّوم بالرُّومية، ويقول لهم: أطيعوا وأدُّوا لهُ الجزية أخْيَر مما تُقتَلُونَ وتُسبَون، وكان الروم يشتمونه ويرمونه بالحجارة، ففتَحَ المعتصم مدينة أنقرة، وأحرقها بالنَّار، ثمَّ سارَ إلى عمورية فحاصرها مدَّة شهر، فكان في كُلِّ يومٍ أيوب بطريرك أنطاكية يتقدَّم إلى الحِصْن وحده فيخاطب الروم بالرُّومية، ويخوِّفَهُم ويسألهم أن يُعطوه الجزية لينصرف عنهم المعتصم، فكانوا يشتمونهُ ويرمونهُ بالحجارة، فلم تَزَل هذه حالهم حتى فتح المعتصم عموريَّة (في تركيا حالياً) وقَتَلَ فيها خلقاً كثيراً، وسبى منها سبياً كثيراً، وذلك في شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
- وفي أول ليلة من رجب سنة ست وتسعين وثلثمائة؛ هاجَمَت ريحٌ شديدة بمصر في الليل، حيث استغاثَت النَّاس إلى الله عزَّ وَجَلّ، وكان يرى في أركان السَّماء حُمْرَةً شديدةً كالنَّار المُلتَهِبة، وحَدَثَ يوم الجُمُعة ثالث ذلك اليوم بمِصر أيضاً، وكان حدّهُ حوالي مِصر والقاهرة فقط، وظهر في السماء كوكبٌ عظيمٌ ليلة الثلاثاء لليلتين خَلَت من شعبان من السَّنَة، وكان لهُ شعاعٌ مبهر واضطراب متكاثر، وضوء ساطع كضوء القمر، ولبِثَ أربعة أشهر على هذه الحَال، ثمَّ اضمحلَّ وغَابَ وظَهَرَ أيضاً كوكبٌ عظيمٌ ذو ضوء شديدٌ في الغرب وقْتَ سُقوط الغُموض في ليلة السبت التاسع من شوَّال من السَّنَة، وطالَ وعَظُم، ثمَّ افتَرَقَ ثلاثة أجزاء وغاب ( *ملاحظة هذا الحدث حصل بعد وفاته، أو أنه أو محقق كتابه أخطأ في تقدير السنة).
اقرأ ايضاً ابن سينا .. أول من توصل إلى تشخيص حالة الدوالي
المصادر:-
- تاريخ الحكماء، ابن القفطي.
- طبقات الأطباء ، ابن أبي أصيبعة.
- التاريخ المجموع، لويس شيخو.