من هو الشريف الجرجاني ؟
هو علي بن السيد محمد بن علي الجرجاني أبو الحسن،
العلامة المحقق الحنفي، المولود في جرجان والمتوفى في شيراز (740 – 816 هجري).
وقد عُرف بـ “السيد الشريف” لأنه من
أولاد محمد بن زيد الداعي (المتوفى 287ه/ 900م) والذي هو من سلالة الرسول محمد صلى
الله عليه وسلم، بينه وبينه ثلاثة عشر أبًا.
تلقى الشريف الجرجاني العلم على يد شيوخ كِبار، واهتم اهتماماً خاصاً بتصنيف العلوم، وكذلك بعلم الفلك، وكان من بين أهم العلماء الذين تأثر بهم في علم الفلك كلا من محمود بن محمد بن عمر الجغميني وقطب الدين الشيرازي ونصير الدين الطوسي وقد تناول رسائل هؤلاء العلماء بالدراسة والشرح والتبسيط.
أقوال العلماء فيه:–
حملت أقوال العلماء الثناء الجميل للسيد الشريف
الجرجاني، واتسمت تلك الأقوال بالمدح والثناء عليه، وهذا يدل على فضله وتبحره في
العلم، وسعة اطلاعه، وكثرة معرفته، وبزوغ شمسه، وهو ما تدل عليه كثرة مؤلفاته
وحواشيه وتعليقاته.
فلا تكاد تجد كتابة مشهورة إلا وعلق عليه أو حشاه
أو شرحه، فكان محط رحال الطلبة للإغتراف من منهل علمه، والاستزادة من فيوضاته،
ومما جاء في إطرائه:
- قال أبو الفتوح الرازي (ت 789 هـ) : “شهرته تضنيني وتغنيني عن ذكر نسبه، و صیت
مهارته في العلوم يكفيني في بيان حسبه”. - ووصفه السخاوي (ت 902 هـ) بالقول : ” كان السيد الشريف شيخاً أبيض
اللحية، نيراً وضيئاً، فيه فصاحة وطلاقة ، وعبارة رشيقة، ومعرفة بطرق المناظرة
والمباحثة والاحتجاج، ذا قوة في المناظرة وطول روح ، وعقل تام، ومداومة على
الإشغال والاشتغال “. - قال ابن أبي جمهور (ت 990 هـ تقريبا) عنه : ” … جميع أرباب الفضل
الذين أتوا إلى بادية من بوادي مراتب الكمال ، عيال على مصنفاته الشريفة ، ولم تخل
حلقة من حلق دروس جميع الأفنان منذ زمنه إلى هذا الزمان من فوائد معلقاته
المنيفة”.
مكانته العلمية والاجتماعية:–
إن نسب الشريف الجرجاني الحسيني وما تمتع به من شهرة
واسعة جعله في مكانة علمية واجتماعية عليا، فهو المقدم على علماء عصره ومصره
وزمانه، فضلا عن تواضعه الكبير ونكران ذاته.
فقد روي أن السلطان جلال الدين شاه شجاع بن مظفر نزل استراباذ سنة سبع وثمانين وسبعمائة وقد توجه صوبه السيد الشريف الجرجاني إليه ليعرفه مكانة علماء تلك الديار، وقبل الدخول عليه؛ أخبر الحجاب أن على الباب رجة غريبة من مازندران، وأنه نبال يريد أن يرمي بسهامه أمام السلطان ليريه مهارته في ذلك، فأذِن السلطان بدخوله عليه.
فلما استوى مجلس السلطان وأخذوا بحديث الرماية؛
أدخل الشريف الجرجاني يده في جيبه فأخرج کراریساً جمع فيها مناقشاته مع جمع من
العلماء من أرباب التصانيف والتأليف فسلمها إلى السلطان، فلما طالعها الأخير عرف
قدره ومكانته العلمية، فأخذ في تعظيمه وتبجيله واحترامه، وخلع عليه ووصله .
وبعد ذلك؛ لم يفارق السلطان السيد الشريف الجرجاني
ففوض إليه التدريس في دار الشفاء التي أقامها مدرسة علمية.
وقد نقل
أن لعلامتنا مناظرات كثيرة وعديدة جرت له مع أساطين العلم والمعرفة، ومناظراته مع
سعد الدين التفتازاني (ت 793 هـ) مشهورة معروفة، فقد ناظره مرات كثيرة أمام السلطان حتى بان عجز
التفتازاني وظهر فضل السيد الشريف عليه فكبرت مكانته أكثر فأكثر، وتعاظم سلطانه
عند السلطان، مَا أكسبه مكانة في قلبه وفي قلوب الناس أجمعين.
واستمر السيد الشريف الجرجاني على منصبه في
التدريس بدار الشفاء لأكثر من عامين إلى أن دخل استراباذ تيمورلنك فهُجِّرَ
علامتنا إلى سمرقند، وفي تلك الدّيار ايضا حصلت بينه وبين سعد الدين التفتازاني
مناظرات كثيرة برز فيها فضله وفطنته وذكاؤه وعلميته.
وبعد وفاة تيمورلنك؛ رجع الجرجاني إلى شیراز بتمام
الهيبة وكمال الشأن، فكثر هناك تلامذته والأخذون عنه.
تلاميذ الشريف الجرجاني:–
تتلمذ على يد الجرجاني عدد كبير من طلبة العلم،
نبغ منهم؛ الرياضي الشهير قاضي زاده الرومي، فتح الله الشرواني، فخر الدين
العجمي.
مؤلفاته:–
ترك الشريف الجرجاني تراثا ثرياً وخصباً من الكتب والمؤلفات والحواشي والتعليقات المتنوعة، فمنها ما ينتمي إلى مجال الفنون، ومنها ما ينتمي إلى العلوم والمعرفة الإسلامية وغيرها من المجالات الفكرية. نذكر من هذه التصنيفات ما يلي:
- الإشارات والتنبيهات .
- ألفية في المعمى والألغاز .
- التعريفات .
- تعليقة على عوارف المعارف للسهروردي .
- تفسير الزهراوين (سورة البقرة وآل عمران).
- حاشية على أوائل التلويح للتفتازاني.
- حاشية على خلاصة الطيبي في الحديث.
- حاشية على أنوار التنزيل للبيضاوي .
- حاشية على تشييد القواعد شرح تجريد العقائد للأصبهاني.
- حاشية على شرح القطب لحكمة العين .
- حاشية على شرح الكافية للرضي.
- حاشية على الكشاف .
- حاشية على لوامع الأسرار شرح مطالع الأنوار في المنطق والحكمة .
- حاشية على المرشح من شروح الكافية .
- حاشية على مشكاة المصابيح.
- حاشية على المطول للتفتازاني في المعاني والبيان .
- رسالة في الأنفس والآفاق .
- رسالة في تفسير قوله تعالى: «سنريهم آياتنا» .
- رسالة في تقسيم العلوم.
- شرح الملخص في الهيئة للجغميني.
- شرح التذكرة النصيرية ( نصير الدين الطوسي) وهي في علم الهيئة.
وفاة الجرجاني :-
توفي السيد الشريف الجرجاني يوم الأربعاء، في السادس من ربيع الثاني سنة ست عشرة وثمانمائة، وقيل أربع عشرة وثمانمائة، وفي رأي آخر أنه توفي سنة خمس وثلاثين، إلا أن الرأي الأول هو الأصح والأشهر، وذلك في مدينة شيراز عن عمر يناهز الست والسبعين سنة، ودُفن داخل سور المدينة بتربة وقب قرب جامع الصقيق المشهور بمحلة سواحان بعد أن بنى قبره بنفسه.
المصادر:–
- محمد بن عبد الحي الهندي: ظفر الأماني بشرح مختصر السيد الشريف الجرجاني في مصطلح الحديث، دار الكتب العلمية.
- نبيلة عبد المنعم، عادل عبد الجبار ثامر: دراسة في سيرة مؤلف الشريف الجرجاني، مجلة العلوم الانسانية، جامعة بابل.
- السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، هجر للطباعة والنشر والتوزيع.