اسمه ونشأته:-
عبد الرحمن بن عمر بن محمد
بن سهل، أبو الحسين الصوفي الرازي، عالم بالفلك، من أهل الري، وُلِدَ في الري، يوم
السبت، 14 محرم، سنة 291هـ.
مكانة عبد الرحمن الصوفي العلمية:-
كان عبد الرحمن الصوفي من كبار علماء الفلك والتنجيم، وهو من أعظم فلكيي الإسلام، على حد تعبير المؤرخ جورج سارطون.
وقد كان صديقاً للخليفة البويهي عضد الدولة فناخسرو شاهنشاه بن بُوَيْه، الذي اتخذه منجماً ومعلماً له؛ لمعرفة مواضع النجوم الثابتة وحركاتها، وكان عضد الدولة يقول -إذا افتخر بالعلم والمعلمين-: “معلمي في النحو أبو علي الفارسي النسوي، ومعلمي في حل الزيج الشريف ابن الأعلم، ومعلمي في الكواكب الثابتة وأماكنها وسيرها عبد الرحمن الصوفي “.
لم يجرؤ أحد على تصحيح ما أورده أبرخس العظيم، إلَّا عبد الرحمن الصوفي،.. إذ قام بتكليفٍ من السُّلطان عضد الدَّولة الذي بنى لهُ مرصداً فلكياً في حدائق قصره، ليلةً بعد ليلةٍ برصد النُّجوم وعدها، وحَسَبَ أبعادها أيضاً، عرضاً وطولاً في السَّمَاء، فكان أن اكتشفَ نجوماً ثابتة عِدَّة لم يلحَظْهَا بَصَر أبرخس قبله، ثم رَسَمَ خريطة للسَّمَاء بدقَّةٍ كبيرة، حَسَبَ فيها مواضع النُّجوم الثَّابتة وأحجامها من جديد، مقدِّراً -ما وسعه الأمر- دَرَجة شُعاع كُلٍّ منها، وذلك لكي يستخدمها في تعليم امرأته، وهكذا أخرَجَ إلى الوجود فهرساً النُّجوم عمل على تصحيح كثير من الأخطاء الموروثة، نتيجة لانعدام الدِّقّة، مُنذُ أيَّام أبرخس وبطليموس، وعمِلَ كذلكَ على إثباتِ عددٍ كبيرٍ من النُّجُوم الثَّوابِت المُستكشَفَة حديثاً.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
اسهاماته العلمية:-
قام عبد الرحمن بن عمر الصوفي بالكثير من الإسهامات في علم الفلك، ومن أشهر هذه الإسهامات العلمية:
- رَصَدَ النجوم، وعدَّها، وحدد أبعادها عرضاً وطولاً في السماء.
- اكتشف نجوماً ثابتة لم يسبقه إليها أحد من قبل.
- رسم خريطة للسماء حسب فيها مواضع النجوم الثابتة، وأحجامها، ودرجة شعاع كل منها.
- وضع فهرساً للنجوم لتصحيح أخطاء من سبقوه.
- كتب الصوفي عن الأسطرلاب، حيث وجد العديد من الاستخدامات الإضافية له، فقد وصف أكثر من 1000 استخدام مختلف في مجالات متنوعة؛ مثل علم الفلك، والملاحة، ومسح الأراضي، وضبط الوقت، والقبلة، والصلاة وغير ذلك.
اطلاع الصوفي على علم العرب القديم:-
يبدو جلياً أن الصوفي؛ اطلع على ما كان لدى عرب الجاهلية من العِلم بالسَّماء والأنواء ومهاب الرياح، إلى جانب تفصيل الأزمنة وسوى ذلك، وهو ما أقرَّه في كتابه الكواكب والصور.
وقد وصلت هذه المعلومات للصوفي من خلال كتاب الأنواء لأبي حنيفة الدينوري وسواه، حيث علَّق الصوفي هنا مشيراً إلى قلة معرفة النَقُلة بعلم الكواكب.
وقال الصوفي في هذا الصدد: “ووجدنا في الأنواء كتباً كثيرة أتمها وأكملها في فَنِّه كتاب أبي حنيفة الدينوري، فإنه يدل على معرفةٍ تامَّةٍ بالأخبار الواردة من العرب في ذلك وأشعارها وأسجاعها فوق معرفة غيره ممن ألَّفوا الكُتُب في هذا الفن”.
وزاد الصوفي ” ولا أدري كيف كانت معرفته بالكواكب على مذهب العرب عياناً، فإنه يحكي عن ابن الأعرابي وابن كُناسة وغيرهما أشياءً كثيرة من أمر الكواكب تدُلُ على قلة معرفتهم بها، وإن أبا حنيفة أيضاً لو عرف الكواكب لم يُسنِد الخطأ إليهم”.
اعتراف الأوربيين بعلم عبد الرحمن الصوفي :-
وقد اعترف الأوربيون بدقة
ملاحظاته الفلكية حيث يصفه ألدومييلي بأنه “من أعظم الفلكيين العرب الذين
ندين لهم بسلسلة دقيقة من الملاحظات المباشرة”، ثم يتابع قائلاً: “ولم يقتصر
هذا الفلكي العظيم على تعيين كثير من الكواكب التي لا توجد عند بطليموس، بل صحَّح
أيضاً كثيراً من الملاحظات التي أخطأ فيها، ومكَّن بذلك الفلكيين المحدثين من
التعرف على الكواكب التي حدد لها الفلكي اليوناني مراكز غير دقيقة”.
كتبه:-
- الكواكب الثابتة: بناه على كتاب «المجسطي» لبطليموس، ولم يكتف بمتابتعه، بل رصد النجوم كلها، نجماً نجماً، وعيَّن أماكنها وأقدارها، وقد عدَّه سارطون أحد الكتب الرئيسة الثلاثة التي اشتهرت في علم الفلك عند المسلمين، أما الكتابان الآخران، فأحدهما لابن يونس، والآخر لألغ بك، ويتميز كتاب «الكواكب الثابتة» بالرسوم الملونة للأبراج والصور السماوية.
- العمل بالأسطرلاب ..
- التذكرة.
- مطارح الشعاعات.
- الأرجوزة في الكواكب الثابتة: أرجوزة في الفلك، وتسمى «صور الكواكب السماوية»، أولها: باسم الإله العادل الموحد ورحمة الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
وتوجد نسخ من بعض مؤلفات عبد الرحمن الصوفي في مكتبات عدد من الدول مثل الأسكوريال بمدريد، وباريس، وأكسفورد.
ابن عيسى الأسطرلابي .. الفلكي الكبير
وفاته:-
توفي عبد الرحمن الصوفي يوم الثلاثاء، 13 محرم، سنة 376هـ، في منجم عضد الدولة.
المصادر:-
- إخبار العلماء بأخبار الحكماء (174).
- علم الفلك، تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، السنيور كرلونلينو.
- الأعلام (3/319).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (رقم 12).
- معجم المؤلفين (5/162).
https://pixabay.com/illustrations/constellation-lion-zodiac-sign-sky-3596293/
اسمه ونشأته:-
عبد الرحمن بن عمر بن محمد
بن سهل، أبو الحسين الصوفي الرازي، عالم بالفلك، من أهل الري، وُلِدَ في الري، يوم
السبت، 14 محرم، سنة 291هـ.
مكانة عبد الرحمن الصوفي العلمية:-
كان عبد الرحمن الصوفي من كبار علماء الفلك والتنجيم، وهو من أعظم فلكيي الإسلام، على حد تعبير المؤرخ جورج سارطون.
وقد كان صديقاً للخليفة البويهي عضد الدولة فناخسرو شاهنشاه بن بُوَيْه، الذي اتخذه منجماً ومعلماً له؛ لمعرفة مواضع النجوم الثابتة وحركاتها، وكان عضد الدولة يقول -إذا افتخر بالعلم والمعلمين-: “معلمي في النحو أبو علي الفارسي النسوي، ومعلمي في حل الزيج الشريف ابن الأعلم، ومعلمي في الكواكب الثابتة وأماكنها وسيرها عبد الرحمن الصوفي “.
لم يجرؤ أحد على تصحيح ما أورده أبرخس العظيم، إلَّا عبد الرحمن الصوفي،.. إذ قام بتكليفٍ من السُّلطان عضد الدَّولة الذي بنى لهُ مرصداً فلكياً في حدائق قصره، ليلةً بعد ليلةٍ برصد النُّجوم وعدها، وحَسَبَ أبعادها أيضاً، عرضاً وطولاً في السَّمَاء، فكان أن اكتشفَ نجوماً ثابتة عِدَّة لم يلحَظْهَا بَصَر أبرخس قبله، ثم رَسَمَ خريطة للسَّمَاء بدقَّةٍ كبيرة، حَسَبَ فيها مواضع النُّجوم الثَّابتة وأحجامها من جديد، مقدِّراً -ما وسعه الأمر- دَرَجة شُعاع كُلٍّ منها، وذلك لكي يستخدمها في تعليم امرأته، وهكذا أخرَجَ إلى الوجود فهرساً النُّجوم عمل على تصحيح كثير من الأخطاء الموروثة، نتيجة لانعدام الدِّقّة، مُنذُ أيَّام أبرخس وبطليموس، وعمِلَ كذلكَ على إثباتِ عددٍ كبيرٍ من النُّجُوم الثَّوابِت المُستكشَفَة حديثاً.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
اسهاماته العلمية:-
قام عبد الرحمن بن عمر الصوفي بالكثير من الإسهامات في علم الفلك، ومن أشهر هذه الإسهامات العلمية:
- رَصَدَ النجوم، وعدَّها، وحدد أبعادها عرضاً وطولاً في السماء.
- اكتشف نجوماً ثابتة لم يسبقه إليها أحد من قبل.
- رسم خريطة للسماء حسب فيها مواضع النجوم الثابتة، وأحجامها، ودرجة شعاع كل منها.
- وضع فهرساً للنجوم لتصحيح أخطاء من سبقوه.
- كتب الصوفي عن الأسطرلاب، حيث وجد العديد من الاستخدامات الإضافية له، فقد وصف أكثر من 1000 استخدام مختلف في مجالات متنوعة؛ مثل علم الفلك، والملاحة، ومسح الأراضي، وضبط الوقت، والقبلة، والصلاة وغير ذلك.
اطلاع الصوفي على علم العرب القديم:-
يبدو جلياً أن الصوفي؛ اطلع على ما كان لدى عرب الجاهلية من العِلم بالسَّماء والأنواء ومهاب الرياح، إلى جانب تفصيل الأزمنة وسوى ذلك، وهو ما أقرَّه في كتابه الكواكب والصور.
وقد وصلت هذه المعلومات للصوفي من خلال كتاب الأنواء لأبي حنيفة الدينوري وسواه، حيث علَّق الصوفي هنا مشيراً إلى قلة معرفة النَقُلة بعلم الكواكب.
وقال الصوفي في هذا الصدد: “ووجدنا في الأنواء كتباً كثيرة أتمها وأكملها في فَنِّه كتاب أبي حنيفة الدينوري، فإنه يدل على معرفةٍ تامَّةٍ بالأخبار الواردة من العرب في ذلك وأشعارها وأسجاعها فوق معرفة غيره ممن ألَّفوا الكُتُب في هذا الفن”.
وزاد الصوفي ” ولا أدري كيف كانت معرفته بالكواكب على مذهب العرب عياناً، فإنه يحكي عن ابن الأعرابي وابن كُناسة وغيرهما أشياءً كثيرة من أمر الكواكب تدُلُ على قلة معرفتهم بها، وإن أبا حنيفة أيضاً لو عرف الكواكب لم يُسنِد الخطأ إليهم”.
اعتراف الأوربيين بعلم عبد الرحمن الصوفي :-
وقد اعترف الأوربيون بدقة
ملاحظاته الفلكية حيث يصفه ألدومييلي بأنه “من أعظم الفلكيين العرب الذين
ندين لهم بسلسلة دقيقة من الملاحظات المباشرة”، ثم يتابع قائلاً: “ولم يقتصر
هذا الفلكي العظيم على تعيين كثير من الكواكب التي لا توجد عند بطليموس، بل صحَّح
أيضاً كثيراً من الملاحظات التي أخطأ فيها، ومكَّن بذلك الفلكيين المحدثين من
التعرف على الكواكب التي حدد لها الفلكي اليوناني مراكز غير دقيقة”.
كتبه:-
- الكواكب الثابتة: بناه على كتاب «المجسطي» لبطليموس، ولم يكتف بمتابتعه، بل رصد النجوم كلها، نجماً نجماً، وعيَّن أماكنها وأقدارها، وقد عدَّه سارطون أحد الكتب الرئيسة الثلاثة التي اشتهرت في علم الفلك عند المسلمين، أما الكتابان الآخران، فأحدهما لابن يونس، والآخر لألغ بك، ويتميز كتاب «الكواكب الثابتة» بالرسوم الملونة للأبراج والصور السماوية.
- العمل بالأسطرلاب ..
- التذكرة.
- مطارح الشعاعات.
- الأرجوزة في الكواكب الثابتة: أرجوزة في الفلك، وتسمى «صور الكواكب السماوية»، أولها: باسم الإله العادل الموحد ورحمة الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
وتوجد نسخ من بعض مؤلفات عبد الرحمن الصوفي في مكتبات عدد من الدول مثل الأسكوريال بمدريد، وباريس، وأكسفورد.
ابن عيسى الأسطرلابي .. الفلكي الكبير
وفاته:-
توفي عبد الرحمن الصوفي يوم الثلاثاء، 13 محرم، سنة 376هـ، في منجم عضد الدولة.
المصادر:-
- إخبار العلماء بأخبار الحكماء (174).
- علم الفلك، تاريخه عند العرب في القرون الوسطى، السنيور كرلونلينو.
- الأعلام (3/319).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (رقم 12).
- معجم المؤلفين (5/162).
https://pixabay.com/illustrations/constellation-lion-zodiac-sign-sky-3596293/