اسمه ونسبه:–
رشيد الدين بن أبي الفضل بن علي، أبو المنصور الصوري ، عالم بالنبات والطب، وُلِدَ في صور بساحل لبنان سنة 573هـ، وإليها نسبته، كان يتصف بالمروءة والشجاعة المشهورة.
مكانته ومنهجه العلمي:–
كان ابن الصوري مولعاً بالتنقيب عن غريب النباتات والحشائش، رائداً من روَّاد علم النبات في عصره، اتَّبع أسلوباً علمياً لم يسلكه الغرب إلا في العصر الحديث، فقد اعتمد على الدراسة الميدانية الموضوعية، حيث كان يستصحب مصوراً، ومعه الأصباغ والليق على اختلافها وتنوعها، ويتوجه إلى المواضع التي فيها النبات؛ مثل جبل لبنان وغيره من المواضع، فيشاهده ويحققه، ويُريه للمصور، فيعتبر لونه ومقدار ورقه وأغصانه وأصوله، ويصور بحسبها ويجتهد في محاكاتها، ثم إنه سلك في تصوير النبات مسلكاً مفيداً، وذلك أنه كان يُري النبات للمصور في إبان نباته وطراوته فيصوره، ثم يُريه إياه وقت كماله وظهور بزره فيصوره تلو ذلك، ثم يُريه إياه في وقت يبسه فيصوره، وقد أتى على ذكر كثير من هذه الأعشاب في كتابيه.
بسبب
هذا المنهج العلمي تم اعتبار ابن الصوري أحد مؤسسي علم النبات الحديث، ولا سيما
النبات الدوائي أو الصيدلي؛ لإضافاته الجريئة إلى النباتات الطبية أنواعاً جديدة
لم تكن معروفة عند علماء المسلمين واليونان في ذلك الوقت.
انتقل
ابن الصوري بعد ذلك عن الاهتمام بالنبات واشتغل بصناعة الطب، حيث تتلمذ على يد
الشيخ موفق الدين عبد العزيز، وقرأ أيضاً على الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف
البغدادي، وتميز في صناعة الطب، وأقام بالقدس سنتين، وكان يُطبِّب في البيمارستان
الذي كان فيه، وصحب الشيخ أبا العباس الجيَّاني وكان شيخاً فاضلاً في الأدوية
المفردة متفنناً في علوم أخر كثير الدين محباً للخير، فانتفع بصحبته له وتعلم منه
أكثر ما يفهمه، واطلع رشيد الدين بن الصوري أيضا على كثير من خواص الأدوية المفردة
حتى تميز على كثير من أربابها.
وأثناء إقامته بالقدس مرَّ بها الملك العادل أبو بكر بن أيوب فاستصحبه معه سنة 612هـ إلى مصر، فبقي في خدمته إلى أن توفي، ثم خدم ابنه الملك المعظَّم عيسى بن أبي بكر، وكان مكيناً عنده وجيهاً في أيامه، ثم خدم الناصر داود بن المعظم، فجعله الناصر بن المعظم رئيساً للأطباء، فبقي معه إلى أن توجه الناصر إلى الكرك، فأقام ابن الصوري بدمشق، وكان له مجلس للطب، والطلاب يترددون إليه ويشتغلون بالصناعة الطبية، فظهر نفعه وعظمت فائدته.
ما قيل فيه:–
وتحدَّث ابن أبي أصيبعة عن كتاب نبات مفقود ومصوَّر بالألوان للصُوري قائلاً: استقصى فيه ذكر الأدوية المفردة، وذكر أيضاً أدوية اطَّلَعَ على معرفتها ومنافعها لم يذكرها المتقدمون، وكان يستصحب مصوراً ومعه الأصباغ والليق، على اختلافها وتنوعها، فكان يتوجه رشيد الدين الصوري إلى المواضع التي بها النَّبات مثل جبل لبنان وغيره من المواضع التي قد اختصَّ كل منها بشيء من النَّبات، فيشاهد النبات ويحققه ويريه للمصور، فيعتبر لونه، ومقدار ورقه وأغصانه، وأصوله ويُصوِّر بحسبها، ويجتهد في محاكاتها، ثم أنَّه سَلَكَ أيضاً في تصوير النَّبَات مسلكاً مفيداً، وذلك أنَّه كان يُري النبات للمصوَّر في أبان نباته وطراوته، فيصوره، ثم يريه إيَّاه وقت كماله، وظهور بزره، فيصوِّره تلو ذلك، ثم يريه أيَّاه أيضاً في وقت ذواه ويبسه، فيصوّره، فيكون الدَّواء الواحد يشاهده النَّاظِر إليه في الكتاب، وهو على أنحاء ما يمكن أن يراه به في الأرض، فيكون تحقيقه له أتمّ، ومعرفته أبيَن”.
وقال الصفدي عن الصوري: ” كان علَّامة في الأدوية المفردة”.
آثار ابن الصوري ومصنفاته:–
- الأدوية المفردة : بدأ في عمله في أيام المعظم عيسى، وعمله باسمه، واستقصى فيه ذكر الأدوية المفردة، وذكر ما اطلع عليه ولم يذكره المتقدمون، وزيَّنه برسوم النبات بألوانها الطبيعية، وصف فيه 585 عقاراً؛ منها 466 من فصيلة النبات، و75 من فصيلة المعادن، و44 من فصيلة الحيوان، وهو أول كتاب مصور في علم النبات باللغة العربية.
- الرد على كتاب التاج البلغاري في الأدوية المفردة.
- تعاليق وفوائد ووصايا طبية: كتبها إلى ابن أبي أصيبعة، فرد عليها ابن أبي أصيبعة برسالة فيها هذه الأبيات الشعرية:
وفاة ابن الصوري:–
توفي أبو المنصور الصوري بدمشق، يوم الأحد، أول شهر رجب، سنة 639هـ.
المصادر:–
- الأعلام (3/23).
- خطط الشام (4/113).
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء (699).
- موسوعة أعلام العرب في علوم الحيوان والنبات (205).
- موسوعة علماء الطب مع اعتناء خاص بالأطباء العرب (152).
- الوافي بالوفيات (14/84).
- تاريخ النبات عند العرب، أحمد عيسى.
اسمه ونسبه:–
رشيد الدين بن أبي الفضل بن علي، أبو المنصور الصوري ، عالم بالنبات والطب، وُلِدَ في صور بساحل لبنان سنة 573هـ، وإليها نسبته، كان يتصف بالمروءة والشجاعة المشهورة.
مكانته ومنهجه العلمي:–
كان ابن الصوري مولعاً بالتنقيب عن غريب النباتات والحشائش، رائداً من روَّاد علم النبات في عصره، اتَّبع أسلوباً علمياً لم يسلكه الغرب إلا في العصر الحديث، فقد اعتمد على الدراسة الميدانية الموضوعية، حيث كان يستصحب مصوراً، ومعه الأصباغ والليق على اختلافها وتنوعها، ويتوجه إلى المواضع التي فيها النبات؛ مثل جبل لبنان وغيره من المواضع، فيشاهده ويحققه، ويُريه للمصور، فيعتبر لونه ومقدار ورقه وأغصانه وأصوله، ويصور بحسبها ويجتهد في محاكاتها، ثم إنه سلك في تصوير النبات مسلكاً مفيداً، وذلك أنه كان يُري النبات للمصور في إبان نباته وطراوته فيصوره، ثم يُريه إياه وقت كماله وظهور بزره فيصوره تلو ذلك، ثم يُريه إياه في وقت يبسه فيصوره، وقد أتى على ذكر كثير من هذه الأعشاب في كتابيه.
بسبب
هذا المنهج العلمي تم اعتبار ابن الصوري أحد مؤسسي علم النبات الحديث، ولا سيما
النبات الدوائي أو الصيدلي؛ لإضافاته الجريئة إلى النباتات الطبية أنواعاً جديدة
لم تكن معروفة عند علماء المسلمين واليونان في ذلك الوقت.
انتقل
ابن الصوري بعد ذلك عن الاهتمام بالنبات واشتغل بصناعة الطب، حيث تتلمذ على يد
الشيخ موفق الدين عبد العزيز، وقرأ أيضاً على الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف
البغدادي، وتميز في صناعة الطب، وأقام بالقدس سنتين، وكان يُطبِّب في البيمارستان
الذي كان فيه، وصحب الشيخ أبا العباس الجيَّاني وكان شيخاً فاضلاً في الأدوية
المفردة متفنناً في علوم أخر كثير الدين محباً للخير، فانتفع بصحبته له وتعلم منه
أكثر ما يفهمه، واطلع رشيد الدين بن الصوري أيضا على كثير من خواص الأدوية المفردة
حتى تميز على كثير من أربابها.
وأثناء إقامته بالقدس مرَّ بها الملك العادل أبو بكر بن أيوب فاستصحبه معه سنة 612هـ إلى مصر، فبقي في خدمته إلى أن توفي، ثم خدم ابنه الملك المعظَّم عيسى بن أبي بكر، وكان مكيناً عنده وجيهاً في أيامه، ثم خدم الناصر داود بن المعظم، فجعله الناصر بن المعظم رئيساً للأطباء، فبقي معه إلى أن توجه الناصر إلى الكرك، فأقام ابن الصوري بدمشق، وكان له مجلس للطب، والطلاب يترددون إليه ويشتغلون بالصناعة الطبية، فظهر نفعه وعظمت فائدته.
ما قيل فيه:–
وتحدَّث ابن أبي أصيبعة عن كتاب نبات مفقود ومصوَّر بالألوان للصُوري قائلاً: استقصى فيه ذكر الأدوية المفردة، وذكر أيضاً أدوية اطَّلَعَ على معرفتها ومنافعها لم يذكرها المتقدمون، وكان يستصحب مصوراً ومعه الأصباغ والليق، على اختلافها وتنوعها، فكان يتوجه رشيد الدين الصوري إلى المواضع التي بها النَّبات مثل جبل لبنان وغيره من المواضع التي قد اختصَّ كل منها بشيء من النَّبات، فيشاهد النبات ويحققه ويريه للمصور، فيعتبر لونه، ومقدار ورقه وأغصانه، وأصوله ويُصوِّر بحسبها، ويجتهد في محاكاتها، ثم أنَّه سَلَكَ أيضاً في تصوير النَّبَات مسلكاً مفيداً، وذلك أنَّه كان يُري النبات للمصوَّر في أبان نباته وطراوته، فيصوره، ثم يريه إيَّاه وقت كماله، وظهور بزره، فيصوِّره تلو ذلك، ثم يريه أيَّاه أيضاً في وقت ذواه ويبسه، فيصوّره، فيكون الدَّواء الواحد يشاهده النَّاظِر إليه في الكتاب، وهو على أنحاء ما يمكن أن يراه به في الأرض، فيكون تحقيقه له أتمّ، ومعرفته أبيَن”.
وقال الصفدي عن الصوري: ” كان علَّامة في الأدوية المفردة”.
آثار ابن الصوري ومصنفاته:–
- الأدوية المفردة : بدأ في عمله في أيام المعظم عيسى، وعمله باسمه، واستقصى فيه ذكر الأدوية المفردة، وذكر ما اطلع عليه ولم يذكره المتقدمون، وزيَّنه برسوم النبات بألوانها الطبيعية، وصف فيه 585 عقاراً؛ منها 466 من فصيلة النبات، و75 من فصيلة المعادن، و44 من فصيلة الحيوان، وهو أول كتاب مصور في علم النبات باللغة العربية.
- الرد على كتاب التاج البلغاري في الأدوية المفردة.
- تعاليق وفوائد ووصايا طبية: كتبها إلى ابن أبي أصيبعة، فرد عليها ابن أبي أصيبعة برسالة فيها هذه الأبيات الشعرية:
وفاة ابن الصوري:–
توفي أبو المنصور الصوري بدمشق، يوم الأحد، أول شهر رجب، سنة 639هـ.
المصادر:–
- الأعلام (3/23).
- خطط الشام (4/113).
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء (699).
- موسوعة أعلام العرب في علوم الحيوان والنبات (205).
- موسوعة علماء الطب مع اعتناء خاص بالأطباء العرب (152).
- الوافي بالوفيات (14/84).
- تاريخ النبات عند العرب، أحمد عيسى.