اسمه ونشأته:-
البديع الأسطرلابي هبة الله بن الحسين بن يوسف، أبو القاسم، المنعوت بالبديع الأَسْطُرلابي ؛ نسبة إلى الأسطرلاب، وهي كلمة يونانية معناها ميزان الشمس، وقال بعضهم: اللاب: اسم الشمس بلسان اليونان، فكأنه قيل: أسطر الشمس إشارة إلى الخطوط التي فيه، وهو فيلسوف من علماء الأطباء ومن كبار علماء الفلك.
مكانة البديع الأسطرلابي العلمية:–
كان البديع الأسطرلابي – الذي عاش في بغداد – شاعراً مشهوراً، أحد الأدباء الفضلاء، وكان وحيد زمانه في عمل الآلات الفلكية، متقناً لهذه الصناعة، وحصل له من جهة عملها مال جزيل في خلافة المسترشد.
كان البديع الأسطرلابي أديباً فاضلاً، شاعراً بارعاً، حكيماً عارفاً بالطب، والرياضيات، والهيئة، والنجوم، والرصد، والزيج، وكان وحيد زمانه في عمل الآلات الفلكية، متقناً لهذه الصناعة، وخاصة الأسطرلاب.
وحصل له مال جزيل من عمله في
خلافة المسترشد، ولم يخلفه في صناعته مثله، وقد أقام على صحة ما يعمله من الآلات
الحجج الهندسية، وبرهن عليها بالقوانين الإقليديسية، وأتى فيها باختراعات أغفلها
المتقدمون، فزاد في الكرة ذات الكرسي، وكمل نقصها الذي مرت عليه الأعوام.
وأكمل نقص الآلات الشاملة
التي وضعها الخُجَنْدِيُّ، وجعلها لعرض واحد، وأقام الدليل على أنه لا يمكن أن
تكون لعروض متعددة، فلما وصلت إلى البديع تأملها واهتدى إلى طريق لعملها لعروض
متعددة، واختبر ما زاد فيها بالقواعد الهندسية فصحّ عمله.
وحمل ما صنع منها إلى
الأكابر والأجلَّاء من أهل هذا الفن، فتلقوها بالقَبول.
وله في عمل الأسطرلاب،
والبركار، والمساطر، وغيرها من الآلات، اليد الطولى، وقد صار ما صنعه من ذلك من
الذخائر التي يتغالى بها أهلها.
وعانى البديع الأسطرلابي عمل الطلاسم ورصد لها ما يوافقها من الأوقات السعيدة، وحملها إلى الملوك والأمراء والوزراء، فجربوها فصحّت، وحصل له منها ومن سائر صنائعه أموال جمة.
شعره:-
كان أديباً شاعراً، يميل إلى المجون والفكاهة، وله شعره؛ منه هذه الأبيات:
ومن شعره قوله:
وكذلك قوله:
وله أيضاً:
وقال أيضاً:
كتب البديع الأسطرلابي :–
- رسالة في الآلات الشاملة التي كملها.
- رسالة في الكرة ذات الكرسي.
- درة التاج من شعر ابن الحجاج: اختار ديوان ابن الحجاج،
وسماه «درة التاج من شعر ابن الحجاج»، رتبه على مائة وأحد وأربعين باباً، جعل كل
باب في فن من فنون شعره. - ديوان، ديوان شعرله، دوّنه وجمعه بنفسه.
- زيج، سماه «المعرب المحمودي»، ألفه للسلطان محمود أبي
القاسم بن محمد.
أقوال العلماء فيه:-
قال الذهبي: “كان حشرياً مذموماً”.
وقال ابن خَلِّكان : “كان كثير الخلاعة، يستعمل المجون في أشعاره، حتى يفضي به إلى الفاحش في اللفظ، وكان ظريفاً في جميع حركاته”.
تحدَّث عنه ابن أبي أصبيعة قائلاً: إنَّه من الحُكَماء الفُضلاء، والأُدباء النُبلاء، طبيب عالم، وفيلسوف متكلِّم، غلبت عليه الحِكمة، وعلم الكلام الرِّياضي، وكان مُتقِناً لعلم النُّجوم والرَّصْد”.
يقول سوتر: ” ويجب أن تسوقنا المدائح التي كالها للبديع الأسطرلابي، كُتَّاب سيرته من العرب، وفي طليعتهم جمال الدين القفطي؛ إلى الغلو في تقدير مواهبه، فقد كان المؤرخون وكُتَّاب السِّيَر في القرن الثالث عشر للميلاد، على معرفة قليلة بالرياضيات والفلك؛ ولذلك فهُم لا يستطيعون تقدير الخدمات الجليلة التي قدَّمها علماء القرن التَّاسِع والحادي عشر للميلاد لهذه العلوم، وهُم كثيراً ما أخطأوا كذلك وكالوا المدح جُزافاً لمؤلفات العلماء القريبي العهد منهُم، وذلك على حِساب المؤلفات التي ظهرت إبَّان إزدهار العلم العربي، وإننا لا نجِد من ألفاظ المديح التي وُجِّهَت إلى البتَّاني، وأبي الوفاء (البوزجاني)، و البيروني، ما يُماثل الألفاظ التي وُجِّهت إلى الإسطرلابي، مع أن هؤلاء العُلَماء يفوقونه عِلماً”.
قال عنه كل من سارطون وسوتر: من الثَّابت أن الأسطرلابي أعظم معاصريه في إنشاء الإسطرلابات، وأكثرهم بروزاً في صناعة الآلات الفلكية الأُخرى.
وفاته:-
توفي البديع الأسطرلابي بعلة الفالج، في بغداد، في شهر صفر، سنة 534هـ، ودفن بمقبرة الوردية من بغداد.
المصادر:–
- الأعلام (8/71).
- تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، قدري طوقان.
- إخبار العلماء بأخبار الحكماء، القفطي.
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (6/170).
- العبر في خبر من غبر (3/8).
- معجم الأدباء (6/2769/رقم 1200).
- أدباء العرب في الأعصر العباسية، بطرس البستاني.