اسمه ونشأته:-
منصور بن علي بن عرَّاق الخوارزمي، أبو نصر بن عراق عالم بالرياضيات والنجوم، وُلِدَ في خوارزم سنة 349هـ.
أبو نصر بن عراق -مكانته العلمية:-
أبو نصر بن عراق عبقري دهره في الرياضيات ونابغة الفلك، نشأ بمسقط رأسه خوارزم، ودرس على مشاهير علمائها الفقه، والحديث، والكلام، والتفسير، وغيرها من علوم الشريعة، وعلوم العربية، وشُغِفَ بحب العلوم والمعارف الطبيعية والعقلية، وعكف على دراسة أمهات الكتب في الرياضيات والفلك، وتمكن من النبوغ فيهما، وامتلك ثقافة موسوعية غزيرة حتى أصبح من أبرز علماء عصره الأعلام.
وكان ابن عرَّاق ناقداً ومحققاً كبيراً في مجال علم الفلك، وذاع صيته وبلغت شهرته الآفاق بسبب إقدامه على تصحيح «زيج الصفائح» للعالم الرياضي والفلكي المعروف أبي جعفر الخازن الخراساني.
ورع ابن عراق وثقافته الموسوعية:-
ونظراً لورعه وفضله وثقافته الموسوعية؛ قرَّبه أبو العباس علي بن مأمون بن محمد خوارزم شاه أمير خوارزم لمجلسه وحظي بثقته، وتملَّكته الرغبة في بناء مرصد ومدرسة لطلاب العلم في مسقط رأسه، فاستجاب الأمير لطلبه وأنشأ مرصداً ومدرسة في خوارزم.
وتقديراً لكرمه؛ اعتكف ابن عرَّاق في بيته حتى أنهى كتاب «المجسطي الشاهي» الذي يعتبر موسوعة في علم الفلك، فأهداه إلى الأمير أبي العباس علي بن مأمون.
وأمضى أبو نصر بن عراق سنوات طويلة من عمره بين الدراسة والتأليف والتدريس في مدرسة خوارزم، وتتلمذ عليه عدد كبير من النجباء؛ منهم: أبو الريحان البيروني، الذي ظل يكنُّ له التقدير والإجلال حتى عندما أصبح من أشهر علماء عصره.
وكان يهدي نتاجه العلمي لأستاذه ابن عرَّاق، ويُلقِّبه
بالأستاذ في مؤلفاته، ومكث ابن عرَّاق في خوارزم حتى دخل السلطان محمود الغَزْنوي
خوارزم عام 407هـ، وأخذ معه ابن عرَّاق والبيروني إلى مدينة غَزْنَة الأفغانية،
فسكنها ولم يغادرها.
اسهاماته العلمية:-
أبو نصر بن عراق صاحب مساهمات علمية هائلة من أبرزها:
- أول من اكتشف حساب المثلثات: ساهمت أعماله ومصنفاته المهمة في حلول المثلثات الكروية في تطوير علم الرياضيات، حيث بلغ إنتاجه السبق في هذا الميدان، واستفاد من نظرياته العلماء في الشرق والغرب وعلى رأسهم نصير الدين الطُّوْسي.
- المؤسس لنظريات تطوير آلات الرصد الفلكية: حيث كان دوره عظيماً في تطوير الآلات الفلكية وتصحيح أغلاط بعض النظريات التي أخذ بها من سبقوه من الفلكيين والتي نقدها في مصنفاته.
- له الفضل في لفت أنظار العلماء إلى الاختلافات الواقعة في زيجات العالم الشائعة وبين السقطات في عبارات المتقدمين في صنعة الألواح، وذلك في رسالته الشهيرة «تصحيح زيج الصفائح» كما أصلح الأخطاء الواقعة في زيج أبي جعفر، وطابق دلائله وبراهينه بالأدلة التي أوردها مانالاوس في إثبات هذه الدعاوى.
- اهتم بدراسة الأهلة من الناحية العلمية والشرعية، وحرر مقالة في «رؤية الأهلة» استدل بها بالأدلة الشرعية وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة في كيفية رؤية الهلال وطريق الاستنباط عنها في أمور الشرع، ومنه استنبط الاستدلال في المعاملات الدنيوية المتجددة.
- نجح في إثبات الآثار اللازمة للهلال بالتدريج إلى أن يصير القمر بدراً، وأظهر سبب اختلاف ظهوره في الليلة التاسعة والعشرين والليلة الثلاثين من الشهور الهلالية، بحيث لا يمكن توضيح الإرشادات إلا بالنظر والتحقيق بالتدقيق.
- صنَّف رسالة في «كتاب الأصول» ذكر فيها تقصير بيان أوقليدس وعدم وفائه بالوعد في إظهار الأدلة المتعلقة بالشكل الملقب بالمائي، ثم ذكر دعاواه على هذا، وأثبتها ببراهين واضحة شافية بالاختصار غير المخل.
- قدَّم إسهامات عظيمة في الفلك والرياضيات أوردها في كتبه ورسائله؛ منها: «القسي الفلكية»، و«كرية السماء»، و«المسائل الهندسية»، التي زخرت بابتكاراته لإثبات طرق استعمال الزيجات.
- وضع رسائل في صنعة الأسطرلاب، أثبت فيها الأسطرلاب بالطريق الصناعي بالأعمال الأفقية، ومقنطرات الارتفاع، وخطوط الساعات المعوجة.
كتبه:-
أبو نصر بن عراق صاحب مؤلفات عديدة، بعضها ما زال موجوداً، فيما فُقِدَت بعض كُتُبه، فيما يلي أبرز مؤلفاته:
- المجسطي الشاهي.
- تصحيح ما وقع لأبي جعفر الخازن من السهو في زيج الصفائح.
- الدوائر التي تحد الساعات الزمانية.
- الرسالة في براهين أعمال جدول التقويم، أوضح فيها الأدلة الرياضية التي أوردها حَبَش الحاسب وأبو العباس التِّبْرِيزيُّ، وبرع في طرق بياناته، وتمكَّن من بيان المطالب الطويلة، وأثبت جداول التقويم بعبارات دقيقة مختصرة.
- المقالة في إصلاح شكل من كتاب مانالاوس في الكريات.
- الرسالة في مجازات دوائر السموات في الأسطرلاب.
- الرسالة في صنعة الأسطرلاب بالطريق الصناعي.
- الرسالة المسماة جدول الدقائق.
- الرسالة في البرهان على عمل محمد بن الصباح في امتحان الشمس، بذل فيها عنايته لاختيار طرق كثيرة لإظهار الأخطاء العلمية التي وقع فيها محمد بن الصباح، كما أظهر الأخطاء التي وقعت في استعماله الآلات الرصدية، وأرشد إلى الطريق الصحيح، وبيَّن الأحوال المختلفة التي تحدث من اختلاف الفصول في السنة.
- الرسالة في معرفة القسي الفلكية.
- رسالة في جواب مسائل الهندسة.
- رسالة في كشف عوار الباطنية بما موَّهوا على عامتهم في رؤية الأهلة.
- فصل في كرية السماء.
وفاته:-
توفي أبو نصر بن عراق في أفغانستان سنة 427هـ.
تعرف أيضاً على شمس الدين السمرقندي .. الرياضي والفلكي