اسمه ونشأته:-
رشيد الدين أو رشيد الدولة فضل الله بن أبي الخير عماد الدولة بن علي موفق الدولة، أبو الفضل الهمذاني ، الطبيب العطَّار، وزير التتار ومدبِّر شؤون دولتهم، وُلِدَ نحو سنة 645هـ، كان أبوه يهودياً عطَّاراً.
مكانته العلمية:-
اشتغل بالمنطق والفلسفة والطب والتاريخ، وبرع في هذه العلوم، واعتُبِر من أعظم مؤرخي فارس، وأسلم بعد ذلك وحسن إسلامه.
قام بتفسير القرآن الكريم، ودعم تفسيره بما نقله من آراء وكلام الفلاسفة، فرُمي بالإلحاد، إلا أن المؤرخين نفوا عنه ذلك، فقد كان حسن الإسلام والالتزام بأوامر الدين.
حياة الهمذاني السياسية:-
واتصل
بغازان بملك التتار محمود غازان، وقام بخدمته والإشراف على تطبيبه وعلاجه، وأصبح
وزيراً له، وعلا شأنه في دولة الملك خربندا وهو أخو محمود غازان، وأيضاً تولى
الوزارة في عهده، وكثرت أمواله، وأصبح بمنزلة الأمراء والملوك.
وكان نفوذه في تلك الفترة لا حدود له، وأفلح في حمل مولاه أولجايتو على تغيير مذهبه واعتناق المذهب الشافعي، كما أنه أنقذ من الموت عالمين من أبرز علماء بغداد هما شهاب الدين السُّهْرَوَرْدِيُّ وجمال الدين، فقد اتُّهِما بالتفاوض مع مصر، وكانا يتوقعان الحكم بقتلهما.
أصبح وزيراً للتتار، وراح يُدبِّر أمور وشؤون دولتهم، وقام بتعيين ابنه محمد في الوزارة، وصار -إلى جانب تميزه بالطب- سياسياً عظيم المواهب، نافذ البصيرة.
كرمه وأخلاقه:-
قام الهمذاني بكثير من أعمال البر والخير في تبريز؛ حيث عمل على الكثير من المشاريع الخيرية؛ كالخوانك -جمع خانكاه-، وإنشاء المدارس، وقرر أن يجمل السلطانية حاضرة المغول الجديدة في بلاد فارس، فقام بتشييد ضاحية جديدة بأكملها عرفت باسمه “الرشيدية”، وكانت تتألف من مسجد ومدرسة ومستشفى وعدة آلاف من البيوت.
كما
أنه أقام المباني، فأنشأ ضاحية جديدة شرق تبريز، وأمدها بقناة عظيمة تأخذ مياهها
من سراورود.
وكان يوصف باللطف والحلم والكرم والسخاء وخاصة مع العلماء والصالحين، وكان يتصف كذلك بالحنكة والدهاء.
أقوال العلماء فيه:-
قال عنه الذهبي: “كان له رأي ودهاء ومروءة”.
وهنا يقول المستشرق الرُّوسي بارتولد عن كتابه جامع التواريخ : “اتخَذَ مصنَّف رشيد الدين صورة موسوعة تاريخية ضخمة لم يوجد لها مثيل عند شعب من شعوب القرون الوسيطة سواءً أكان ذلك بآسيا أم أوروبا، وأن مجرد الاطِّلاع بتنفيذ مشروع ضخم كهذا يستند على مجهود علماء من مختلف الشُّعوب ليقف مثلاً حيَّاً للنتائج الإيجابية التي تمخَّضَ عنها الغزو المغولي حين رَبَطَ بين شعوب باعدت بينها الشُّقة واختلاف الثَّقافات، وحين تهيأت الظُّروف الملائمة لظهور ثمار ذلك، وكان رشيد الدين على ثقةً من أن الأجيال القادمة ستفيد كثيراً من مصنَّفاته”.
كتب الهمذاني:-
- جامع التواريخ: أشهر كتبه، يقع في أربعة مجلدات، بالعربية والفارسية، طبعت النسخة الفارسية منه باسم «تاريخ غازاني»، وهو في تاريخ للمغول، ألَّفه بتكليف من غازان خان، ثم أمر أولجايتو بإتمام هذا الكتاب، وأن يُوفَى بتاريخ عام للعالم الإسلامي، ويلحق به ذيل جغرافي، وكان الكتاب يتكون من قسمين: القسم الأول: تاريخ المغول، والقسم الثاني: تاريخ عام وذيل.
- مفتاح التفاسير: كتاب في بلاغة القرآن وتفسيره.
- الأسئلة والأجوبة الرشيدية.
- التوضيحات: وهو عبارة عن رسالة صوفية في الفقه.
- مجموعة رسائل: تشتمل على 52 رسالة، جمعها كاتبه شمس الدين محمد الأبرقوئي وصدرها بمقدمة.
- الأحياء والآثار: تناول فيه مسائل تتعلق بالأرصاد الجوية، والزراعة، وتربية النحل، والقضاء على الثعابين والآفات الأخرى، وتحدث عن العمارة، والتحصينات، وبناء السفن، والتعدين وصناعة المعادن.
- لطائف الحقائق: كتاب في الفقه والتصوف.
منهجيته كمؤرِّخ:-
- على الرغم من أنَّه كان مؤرِّخاً للبلاط؛ غير أنَّه التزام الحياد النَّزيه بقدر المُستطاع، فهو معجب بالمغول، يشيد بأعمالهم، ولكن من دون مبالغة، ولم يمنعه قرب اتصاله بالمغول من أن يقول فيهم كلمة الجق، فكان يتناول قسوتهم وإسرافهم بالقتل.
- مما يثير الإعجاب في منهجيته أيضاً، أنه أرَّخ بشكل حيادي للأمم غير الإسلامية، ولم يبالغ في الإشادة بالمسلمين، قائلاً: “على المؤرِّخ أن يكتب تاريخ كل قومٍ كما يبدو في زعمهم، وليس عليه أن يزيد فيه أو ينقص منه، فإذا كان حقاً أو كان باطلاً، فلينقل كما هو في اعتقاد كل طائفة، وذلك يلقي عبء مسؤولية الزيادة والنقصان، والحق والباطل في ذلك التاريخ على أصحابه لا على المؤرِّخ..”.
- لم يكن يعرف النقد التاريخي، حيث يقول المستشرق الروسي بارتولد في هذا السياق:” حاول رشيد الدين تسجيل الروايات التاريخية كما سمعها من رواتها بدون تغيير، فليس بكتابه (جامع التواريخ) من هذه الوجهة تاريخاً علمياً بالمعنى المفهوم اليوم، إلا أنه يشغَل في آداب العالم مكانة ممتازة من حيث اتساع دائرته، ولم نرَ اجتماع علماء جميع الأمم المتحضرة في العالم القديم وجمعهم للروايات التاريخية المتصلة بالتاريخ العام في كتاب واحد لا قبل ذلك الزَّمان ولا بعده”.
- اطلع الهمذاني على الوثائق المكتوبة، وقد استقى منها كثيراً في تعزيز مضمون مؤلفاته التاريخية.
- وصفه للمواضع الجغرافية الواسعة والواقعة في آسيا بشكل دقيق وصادق، وقد تناول أيضاً طبيعة مناخها وحاصلاتها الزراعية، وعاداتها وتقاليدها وأديانها.
وفاة الهمذاني:-
مرض القان خربندا، فقام رشيد الدين فضل الله الهمذاني بمعالجة وتطبيب خربندا، فقام عليه الوزير علي شاه وغوث بحجة أنه هو الذي تسبب بقتل القآن خربندا؛ كونه أعطاه دواءً مسهلاً سبَّب له الإقياء والتعب، فخارت قواه.
برطل رشيد جوبان بمليون دينار فلم ينفعه ذلك، فقُتِل سنة 716هـ، وقُتِل معه ابنه الصغير محمد، وبعد أن قُتِل تم قطع أعضاء جسده، وأُرسِل كل عضو إلى بلد، وتم حرق جثته، وتم إحراق كتبه ومؤلفاته بعده، وحُمِلَ رأسه إلى تبريز، ونُودِيَ عليه: هذا رأس اليهودي الملحد.
المصادر:–
- الأعلام (5/152).
- جامع التواريخ، مقدمة المحقق فؤاد الصَّياد.
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (8/81).
- العبر في خبر من غبر (4/46).
- موجز دائرة المعارف الإسلامية (16/ 5161).
- الوافي بالوفيات (24/58/رقم 3).
اسمه ونشأته:-
رشيد الدين أو رشيد الدولة فضل الله بن أبي الخير عماد الدولة بن علي موفق الدولة، أبو الفضل الهمذاني ، الطبيب العطَّار، وزير التتار ومدبِّر شؤون دولتهم، وُلِدَ نحو سنة 645هـ، كان أبوه يهودياً عطَّاراً.
مكانته العلمية:-
اشتغل بالمنطق والفلسفة والطب والتاريخ، وبرع في هذه العلوم، واعتُبِر من أعظم مؤرخي فارس، وأسلم بعد ذلك وحسن إسلامه.
قام بتفسير القرآن الكريم، ودعم تفسيره بما نقله من آراء وكلام الفلاسفة، فرُمي بالإلحاد، إلا أن المؤرخين نفوا عنه ذلك، فقد كان حسن الإسلام والالتزام بأوامر الدين.
حياة الهمذاني السياسية:-
واتصل
بغازان بملك التتار محمود غازان، وقام بخدمته والإشراف على تطبيبه وعلاجه، وأصبح
وزيراً له، وعلا شأنه في دولة الملك خربندا وهو أخو محمود غازان، وأيضاً تولى
الوزارة في عهده، وكثرت أمواله، وأصبح بمنزلة الأمراء والملوك.
وكان نفوذه في تلك الفترة لا حدود له، وأفلح في حمل مولاه أولجايتو على تغيير مذهبه واعتناق المذهب الشافعي، كما أنه أنقذ من الموت عالمين من أبرز علماء بغداد هما شهاب الدين السُّهْرَوَرْدِيُّ وجمال الدين، فقد اتُّهِما بالتفاوض مع مصر، وكانا يتوقعان الحكم بقتلهما.
أصبح وزيراً للتتار، وراح يُدبِّر أمور وشؤون دولتهم، وقام بتعيين ابنه محمد في الوزارة، وصار -إلى جانب تميزه بالطب- سياسياً عظيم المواهب، نافذ البصيرة.
كرمه وأخلاقه:-
قام الهمذاني بكثير من أعمال البر والخير في تبريز؛ حيث عمل على الكثير من المشاريع الخيرية؛ كالخوانك -جمع خانكاه-، وإنشاء المدارس، وقرر أن يجمل السلطانية حاضرة المغول الجديدة في بلاد فارس، فقام بتشييد ضاحية جديدة بأكملها عرفت باسمه “الرشيدية”، وكانت تتألف من مسجد ومدرسة ومستشفى وعدة آلاف من البيوت.
كما
أنه أقام المباني، فأنشأ ضاحية جديدة شرق تبريز، وأمدها بقناة عظيمة تأخذ مياهها
من سراورود.
وكان يوصف باللطف والحلم والكرم والسخاء وخاصة مع العلماء والصالحين، وكان يتصف كذلك بالحنكة والدهاء.
أقوال العلماء فيه:-
قال عنه الذهبي: “كان له رأي ودهاء ومروءة”.
وهنا يقول المستشرق الرُّوسي بارتولد عن كتابه جامع التواريخ : “اتخَذَ مصنَّف رشيد الدين صورة موسوعة تاريخية ضخمة لم يوجد لها مثيل عند شعب من شعوب القرون الوسيطة سواءً أكان ذلك بآسيا أم أوروبا، وأن مجرد الاطِّلاع بتنفيذ مشروع ضخم كهذا يستند على مجهود علماء من مختلف الشُّعوب ليقف مثلاً حيَّاً للنتائج الإيجابية التي تمخَّضَ عنها الغزو المغولي حين رَبَطَ بين شعوب باعدت بينها الشُّقة واختلاف الثَّقافات، وحين تهيأت الظُّروف الملائمة لظهور ثمار ذلك، وكان رشيد الدين على ثقةً من أن الأجيال القادمة ستفيد كثيراً من مصنَّفاته”.
كتب الهمذاني:-
- جامع التواريخ: أشهر كتبه، يقع في أربعة مجلدات، بالعربية والفارسية، طبعت النسخة الفارسية منه باسم «تاريخ غازاني»، وهو في تاريخ للمغول، ألَّفه بتكليف من غازان خان، ثم أمر أولجايتو بإتمام هذا الكتاب، وأن يُوفَى بتاريخ عام للعالم الإسلامي، ويلحق به ذيل جغرافي، وكان الكتاب يتكون من قسمين: القسم الأول: تاريخ المغول، والقسم الثاني: تاريخ عام وذيل.
- مفتاح التفاسير: كتاب في بلاغة القرآن وتفسيره.
- الأسئلة والأجوبة الرشيدية.
- التوضيحات: وهو عبارة عن رسالة صوفية في الفقه.
- مجموعة رسائل: تشتمل على 52 رسالة، جمعها كاتبه شمس الدين محمد الأبرقوئي وصدرها بمقدمة.
- الأحياء والآثار: تناول فيه مسائل تتعلق بالأرصاد الجوية، والزراعة، وتربية النحل، والقضاء على الثعابين والآفات الأخرى، وتحدث عن العمارة، والتحصينات، وبناء السفن، والتعدين وصناعة المعادن.
- لطائف الحقائق: كتاب في الفقه والتصوف.
منهجيته كمؤرِّخ:-
- على الرغم من أنَّه كان مؤرِّخاً للبلاط؛ غير أنَّه التزام الحياد النَّزيه بقدر المُستطاع، فهو معجب بالمغول، يشيد بأعمالهم، ولكن من دون مبالغة، ولم يمنعه قرب اتصاله بالمغول من أن يقول فيهم كلمة الجق، فكان يتناول قسوتهم وإسرافهم بالقتل.
- مما يثير الإعجاب في منهجيته أيضاً، أنه أرَّخ بشكل حيادي للأمم غير الإسلامية، ولم يبالغ في الإشادة بالمسلمين، قائلاً: “على المؤرِّخ أن يكتب تاريخ كل قومٍ كما يبدو في زعمهم، وليس عليه أن يزيد فيه أو ينقص منه، فإذا كان حقاً أو كان باطلاً، فلينقل كما هو في اعتقاد كل طائفة، وذلك يلقي عبء مسؤولية الزيادة والنقصان، والحق والباطل في ذلك التاريخ على أصحابه لا على المؤرِّخ..”.
- لم يكن يعرف النقد التاريخي، حيث يقول المستشرق الروسي بارتولد في هذا السياق:” حاول رشيد الدين تسجيل الروايات التاريخية كما سمعها من رواتها بدون تغيير، فليس بكتابه (جامع التواريخ) من هذه الوجهة تاريخاً علمياً بالمعنى المفهوم اليوم، إلا أنه يشغَل في آداب العالم مكانة ممتازة من حيث اتساع دائرته، ولم نرَ اجتماع علماء جميع الأمم المتحضرة في العالم القديم وجمعهم للروايات التاريخية المتصلة بالتاريخ العام في كتاب واحد لا قبل ذلك الزَّمان ولا بعده”.
- اطلع الهمذاني على الوثائق المكتوبة، وقد استقى منها كثيراً في تعزيز مضمون مؤلفاته التاريخية.
- وصفه للمواضع الجغرافية الواسعة والواقعة في آسيا بشكل دقيق وصادق، وقد تناول أيضاً طبيعة مناخها وحاصلاتها الزراعية، وعاداتها وتقاليدها وأديانها.
وفاة الهمذاني:-
مرض القان خربندا، فقام رشيد الدين فضل الله الهمذاني بمعالجة وتطبيب خربندا، فقام عليه الوزير علي شاه وغوث بحجة أنه هو الذي تسبب بقتل القآن خربندا؛ كونه أعطاه دواءً مسهلاً سبَّب له الإقياء والتعب، فخارت قواه.
برطل رشيد جوبان بمليون دينار فلم ينفعه ذلك، فقُتِل سنة 716هـ، وقُتِل معه ابنه الصغير محمد، وبعد أن قُتِل تم قطع أعضاء جسده، وأُرسِل كل عضو إلى بلد، وتم حرق جثته، وتم إحراق كتبه ومؤلفاته بعده، وحُمِلَ رأسه إلى تبريز، ونُودِيَ عليه: هذا رأس اليهودي الملحد.
المصادر:–
- الأعلام (5/152).
- جامع التواريخ، مقدمة المحقق فؤاد الصَّياد.
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (8/81).
- العبر في خبر من غبر (4/46).
- موجز دائرة المعارف الإسلامية (16/ 5161).
- الوافي بالوفيات (24/58/رقم 3).