من هو ابن الهيثم ؟
هو أبو علي حسن بن الحسن بن الهيثم ، يُلقب بالحسن البصري نسبةً إلى مكان ولادته في مدينة البصرة في العراق، سنة 354هـ/ 965م، وكان يُعرف في أوروبا باسم (الهازن) وهو تحريف لاسمه الحسن ، كان عالماً نابغةً في عصره، حيث لم يقتصر على علمٍ واحد بل نوع في تعرفه على كل شيءٍ من العقيدة الإسلامية والكتب العلمية في الفلك والفلسفة وطب العيون والهندسة، وكان له فضلٌ في الكثير من الإنجازات العظيمة التي نستفيد منها حتى يومنا هذا، ولعله من أبرز علماء الطبيعة في التاريخ.
يعتبر ابن الهيثم من العلماء العرب الثلاثة الأوائل مع ابن سينا والبيروني، وهو مهندس العرب وعالم الضوء الأول، أتم تحصيل ثقافته في البصرة ليعمل بالتصنيف ويُعتقد بأنه قام ببعض الأعمال الديوانية لفترةٍ معينة، وهكذا بدأ برحلة التنقل بين مدن العراق ليلتقي العلماء، وكان يصب تركيزه على علم الهندسة.
أهم إنجازات ابن الهيثم:-
- إبطال علم المناظر الذي وضعه اليونان وأوضح كيف ينعكس الضوء من الأجسام إلى العين وليس العكس كما كان مُعتقداً.
- إنشاء علم الضوء بالمعنى الحديث.
- أول من قال بأننا نستطيع عن طريق العدسة المحدبة رؤية الأشياء أكبر مما تبدو.
- أول من شرح تركيب العين مع تبيين أجزائها وتسميتها، كالشبكية والسائل المائي والزجاجي، والقرنية.
- أول من وضع الأسس الأولى والمبادئ لاختراع الكاميرا.
- هو أول من درس العوامل النفسية للإبصار وتأثيراتها.
- ألف الكثير من الكتب المهمة والمتعلقة بالطب والرياضيات.
- وضع الكثير من الخرائط الفلكية بالإضافة إلى مؤلفاته للفيزياء الفلكية.
مؤلفات ابن الهيثم:-
- كتاب المناظر.
- كتاب المرايا
المحرقة بالقطوع. - الجامع في
أصول الحساب. - شرح أصول
إقليدس في الهندسة والعدد. - تحليل المسائل
الهندسية. - تحليل المسائل
العددية.
قصته مع الخليفة الحاكم بأمر الله:-
كان ابن الهيثم قد قال يوماً: “لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملاً يحصل به النفع، فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عالٍ وهو في طرف الإقليم المصري”. ووصلت هذه المقولة إلى الخليفة الفاطمي الذي كان لديه ميلٌ واضح إلى الحكمة والفلسفة، وكان مشجعاً كبيراً للعلماء وداعماً لهم، فهو من أسس “دار الحكمة” في القاهرة كما أنشأ مرصداً في المقطم، وطلب من ابن الهيثم أن يحضر لرؤيته وأكرمه عند وصوله، ليرسله مع بعثةً هندسية لدراسة مجرى النيل، وبعد معاينته تبين له أنه لا يتناسب مع فكرته ومن المستحيل تنفيذها بعد معاينة الوضع فاعتذر من الحاكم وعاد إلى القاهرةِ.
إقرار غربي:-
تروي كتب “تاريخ الحضارات” ما يفيد بأن روجر بيكون نهل علومه من جامعات الأندلس، لدرجة أن الفصل الخامس من كتابه الذي خصَّصه للبحث في البصريات، هو نسخة طبق الأصل عن كتاب “المناظر” لابن الهيثم.
هذا الأخير كان رائداً أيضاً في الرياضيات والطبيعيات، وهو الذي كان صاحب قصب السبق في شرح تركيب العين، وتعرَّض إلى أجزائها بالتفصيل، وأطلق عليها أسماءً ما زالت معتمد إلى يومنا، مثل الشبكية والقرنية والسائل المائي والساحل الزجاجي وسواها.
وقد ظل ابن الهيثم رائداً ومرجعاً للمعنيين في علم الضوء، إذ كان كتابه المذكور كان هو الوحيد المقرر على الباحثين في هذا العلم طيلة العصور الوسطى.
ابن الهيثم يؤثر بالغرب والشرق:-
لقد اهتم الفرنجة اهتماماً كبيراً بكتاب “المناظر” ليترجمه جيرارد الكريموني إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، ثم نقلهُ عنه من بعد ذلك، جون بيكام وويتولو وذلك في القرن الثالث عشر، وقد اطَّلع الغرب على دراسات ابن الهيثم وأبحاثه الفلكية منذ القرن الخامس عشر.
أما في الشرق؛ فقد قام كمال الدين أبو الحسن الفارسي المتوفي سنة 1320 م بشرح الكتاب المرجعي، غير أنه أقدم على إجراء دراسات ذات قيمة عليه تتعلق بالانعكاس والانكسار.
ومن قبل ذلك؛ كان عمر الخيام (المتوفى سنة 1132 م) قد تأثر بابن الهيثم، خصوصاً في بحث المعادلات التكعيبية بواسطة قطوع المخروط. لكن الخيَّام وجَّه لابن الهيثم انتقادات كبيرة في شكوكه على “مصادرات إقليدس”.
ابن الهيثم وأبرز مقولاته العلمية:-
- إنني لم أزَل منذ عَهد الصِّبا مُرتاباً في اعتقادات هذه النَّاس المختلفة..، فكنتُ متشكِكاً في جميعه، موقناً بأنَّ الحقَّ واحد، وأن الاختلاف إنَّما هو من جهة السُّلوك إليه.
- اشتهيتُ إيثار الحقَّ وطلب العلم.. فخُضتُ لذلك ضروب الآراء والاعتقادات، وأنواع علوم الديانات، فلم أحظَ من شيء منها بطائل، ولا عرفت منه للحق منهجاً، ولا إلى الرأي اليقيني مسلكاً محدداً، فرأيتُ أنني لا أصل إلى الحق إلَّا من آراء يكون عنصرها الأمور الحِسِّية، وصورتها الأمور العقلية.
- نبتدئ في البحث باستقراء الموجودات، وتصفُح أحوال المُبصرات، وتمييز خواص الجزئيات، ونلتقط باستقراء ما يخُص في حالة الإبصار، وما هو مُطَّرِد لا يتغير، ثم نترقى في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب مع انتقاد المُقدِّمات، والتحفُّظ من الغَلَط في النتائج، ونجعل غرضنا في جميع ما نستقريه ونتصفَّحه استعمال العدل لا اتباع الهوى، ونتحرَّى في سائر ما نُميِّزُهُ وننتقده طلب الحق لا الميل مع الآراء.
- .. بحيث نصل بالتدرُّج إلى الغاية التي عندها يقع اليقين، ونظفر مع النَّقد والتحفُّظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها موادُّ الشُّبهات.
- الحقُ مطلوبٌ لذاته، وكلُ مطلوبٍ لذاته، فليس يعني طالبه غير وجوده، ووجود الحق صعب، والطَّريقُ إليه وعِر.
- إن العَمل بالحَق والعدل هما ثمرة العلوم.
وإني ما مُدَّت لي الحياة باذل جُهدي، ومستفرغ قوَّتي في مثل ذلك ( تحصيل العُلوم وتدريسها) متوخِّيَاً منه أموراً ثلاثة: أحدَهَا إفادة من يطلب الحَقّ ويؤثِرُه، في حياتي وبعد مماتي، والآخر أني جعلتُ ذلك ارتياضاً بي بهذه الأُمور في إثبات ما يتصوَّره ويُتقنه فِكري من تِلكَ العُلوم، والثالث أني صيَّرته ذخيرة وعدَّة لزمان الشيخوخة و أوان الهَرَم.
— ابن الهيثم.
وفاة ابن الهيثم:-
توفي ابن الهيثم رحمه الله سنة 430هـ/ 1040م بعد أن قضى حياته وهو يحصل العلم وينفع به، تاركاً لنا أفضل الكتب والمؤلفات التي غيرت حياتنا إلى الأفضل ومن خلالها استطعنا الوصول إلى ما نحن عليه الآن.
المصادر:-
- كتاب موسوعة عباقرة الحضارة العلمية في الإسلام.
- كتاب تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك.
- معالم الحضارة في الإسلام، وأثرها في النهضة الأوروبية، عبد الله ناصح علوان.
- علماء العرب، ميخائيل خوري.
- العلم وبناء الأمم دراسة تأصيلية لدور العلم في بناء الدولة، السرجاني.
- من مؤلفات ابن الهيثم: مكتبة قطر الوطنية.