من هو سلامة بن رحمون ؟
سلامة بن رحمون بن موسى اليهودي هو أبو الخير سلامة الطبيب الذي تمتع بسعة اطلاع على أعمال الطبيب الإغريقي جالينوس حيث استفاد منها وبنى عليها مزيداً من الأعمال بعد أن جلَّى جزءاً من غوامضها.
وقد استفاد سلامة بن رحمون من أعمال أفرايم بين الزفان اليهودي الذي كان بمصر أيضاً، حيث خَدَم الخلفاء، وتمكَّن بفضل ذلك من جمع قدرٍ كبيرٍ من المال، وهو يعتبر أحد أبرز تلاميذ الطبيب الشهير ابن رضوان المصري.
قال المؤرِّخ ابن أبي أصيبعة عن ابن رحمون : “كان لديه أيضاً اشتغالٌ جيِّد بالمنطق والعلوم الحكمية، وله تصانيف في ذلك، وكان شيخه الذي اشتغل عليه بهذا الفن، الأمير أبو الوفاء محمود الدولة المبشر بن فاتك”، والأخير هو صاحب كتاب “مختار الحِكَم ومحاسن الكَلِم”.
وعاش المبشر بن فاتك الفيلسوف الدمشقي الأصل، المصري الدَّار بين عامي (1019-1097 م)، وقد تتلمذ في مصر على يد العالم الموسوعي ابن الهيثم، أي أن ابن رحمون يعدُّ من أطباء القرن الحادي عشر الميلادي.
اجتماع ابن رحمون الطبيب مع ابن أبي الصلت :-
حينما غادر أبو الصلت أمية بن عبد العزيز ابن أبي الصلت الأندلس باتجاه مصر، عقد سلسلة اجتماعات مع ابن رحمون الطبيب وحصل بينهما مباحث ونقاشات عديدة، حيث ذكر الأول الثاني في رسالته المصرية.
وكان ابن أبي الصلت الدَّاني أو الأندلسي الملقَّب بالحكيم قد اتجه إلى مصر واتصل بالملك الأفضل بن بدر الجمالي، أمير الجيوش في زمن المستعلي بالله أحمد بن معد الفاطمي، الذي حظي عنده بالمكانة المرموقة، لحسن معشره وفصاحة لسانه. لكن ذلك لم يدم طويلاً، إذ تغير الأفضل عليه بعد اخفاقه في انتشال مركباً من البحر بعد أن تعهد بذلك فسجنه، ووضعه في خزانة للكتب حيث قضى سجنه هذا ثلاث سنوات، ولكن إقامته في المكتبة عادت عليه بفوائد جمة، فقد نهل في إثنائها من مختلف العلوم والفنون من مخطوطاتها، وألف كتاب “الحديقة” الذي نهج فيه نهج الثعالبي في يتيمة الدهر، ثم خرج من سجنه بعد شفاعة بعض الوجهاء، وبعد توسله بقصيدة مدح بها الأفضل.
وقد حطَّ أمية في “الرسالة المصرية” من قدر سلامة بن رحمون ، إذ نعته بالجهل في ما يدعيه من العلوم.
وقال أيضاً في رسالته: ” كَانَ بِمصْر طَبِيب يسمّى جرجس الفيلسوف عَلَى مَا قيل فِي الْغُرَاب أَبُو الْبَيْضَاء وَفِي اللديغ سليم قَدْ فرغ للتولّع بِابْن رحمون والإوراء عَلَيْهِ يزوّر فصولاً طبّيّة وفلسفيّة يقرّرها فِي معَارض أَلْفَاظ الْقَوْم وَهِي محَال لَا معنى لَهَا وَلَا فَائِدَة فِيهَا ثُمَّ إنّه ينفذها إِلَى من يسْأَله عَن مَعَانِيهَا ويتكلّم عَلَيْهَا ويشرحها بِزَعْمِهِ دون تيقّظ وَلَا تحفّظ بل باسترسال واستعجال وقلّة اكترث فَيُؤْخَذ مِنْهَا مَا يضْحك مِنْهُ..”.
ونقل أمية عن جرجس ما أنشده في أبي الخير ابن رحمون الطبيب:
وفيه قيل أيضاً:
مؤلفات وتصانيف سلامة بن رحمون :-
ترك سلامة بن رحمون عدداً من المؤلفات النافعة من بين أبرزها:
- كتاب نظام الموجودات.
- مقالة في السَّبب الموجِب لقلَّة المطر بمصر.
- مقالة في العلم الإلهي.
- مقالة في خصب أبدان النِّساء في مصر عند تناهي شبابهن.
أطباء يهود في مصر:-
في فترة حكم الفاطميين والأيوبيين والمماليك لمصر ، كان هناك عدد كبير من الأطباء اليهود المقيمين في البلاد، ومن بين أبرزهم:
- افرائيم بن الزفان الإسرائيلي: والذي اتصل بالدولة الفاطمية اتصال اليد بالعنان.
- موسى بن ميمون: كان السلطان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي يرى له ويستطبه، وكذلك ولده الملك الأفضل علي.
- شمس الرياسة أبو العشائر هبة الله بن زين بن جميع الإسرائيلي، المولود بفسطاط مصر، وقد خدم الملك الناصر صلاح الدين الذي قدَّره وأعلى من مكانته.
- أبو الفضائل بن الناقد : كان يهودياً مشتهراً بالطب والكحل في الديار المصرية، كان يسير دوماً لتفقُّد المرضى.
- الرئيس هبة الله: كان إسرائيلياً فاضلاً مشهوراً بالطب، وكان في أواخر دولة الخلفاء المصريين، وخدمهم بصناعة الطب.
- الموفق بن شوعة : الإسرائيلي الذي خدم صلاح الدين لما كان في مصر، وقد اشتُهِرَ بالشعر واللعب بالقيثارة.
اقرأ ايضا ما الطعام الذي ينصحك ابن سينا بتناوله؟