Site icon العربي الموحد الإخبارية

ابن الشاطر .. رائد الفلك السابق لزمنه

اسمه ونشأته:

علاء الدين بن علي بن إبراهيم بن محمد الأنصاري المؤقت، يسمى بـ أبي الحسن علاء الدين، كان يقال له ابن الشاطر ، وسماه أهل مدينته بالمُطَعّمْ كناية عن ابداعهِ في تطعيم الخشب بالعاج.

ولِدَ في دمشق عام (1304م -704هـ)، ونال أثناء تواجده في المدينة الفيحاء نصيباً وافراً من المال والثراء، لكنه قرر التنقّلَ بين دمشق والإسكندرية طلباً للعلم في مجاليّ الحِساب والفلك.

المسجد الأموي في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر – المكتبة الرقمية العالمية

عَمِل في المسجدِّ الأموي بدمشق كمسؤول عن مواقيت الصلاة إلى أن أصبح كبير المؤذنين لما له من خبرة فلكية وقدرة على قياس الوقت، إذ سطع نجمه في مضمار الفلك، كما برع في صناعة الاسطرلاب، وذاع صيته في الآفاق بفضل نظريته الكوكبية.

ابن الشاطر – مكانته العلمية:

في خمسينيات القَرن الماضي؛ تحقَقَ
العلماء الأوروبيون من صحة نظرية ابن الشاطر الكوكبية، فهي تلك التي سبق من خلالها
نظرية العالم البولندي نيكولاس كوبر نيكوس بنحو مئتين وخمسين عاماً، حيث انطلق ابن
الشاطر في نظريته منتقدأ ومصححاً لنظرية الإغريقي بطليموس
(100-170 م) الفلكية من ناحية مركزية الأرض ودوران الشمس حولها.

كما لم يعجب ابن الشاطر بشكل
نظرية بطيموس من الناحية التخطيطية، ولم يقنعه أيضاً توصيف أبعاد وحجم كل من القمر
والكواكب، وفي سعيه لإزالة الغرابة وعدم الوضوح الظاهر في توصيف بطليموس الفلكي
“الذي كان حينها من المسلمات”؛ قام ابن مدينة دمشق بإدراج تعديلات
عبقرية تعتمد على الدوائر الثانوية والتي قادته إلى الوصول لنظرية موحدة مركزها
الشمس تقوم فيها الكواكب بالدوران ضمن دوائر معينة، والمميز أنه قد وصل إلى نفس
أعداد كوبرنيكوس التي بلغها الأخير بعد قرنين ونصف من وفاة العالم الدمشقي.

مؤلفاته برهنت على تمكنه من التفوق زمنياً على علماء النهضة في أوروبا

يَعتقد العلماء أن نظرية ابن الشاطر الكوكبية قد وصلت أوروبا وتم البناء عليها، ويدللون على ذلك بالقول: إن نموذج ابن الشاطر لكوكب عطارد لم يتمكن كوبرنيكوس من فهمه بشكل صحيح.

أبرز أعمال ابن الشاطر:

خلال بحثه في الوقت وتحديده
فلكياً؛ قام ابن الشاطر بتجميع جداولاً تعمل على الربط بين الوظائف الفلكية
المقاسة وبين مواعيد الصلاة، هذه الجداول؛ اعتمد فيها على خط عرض لمنطقة تقع شمال
دمشق وتعطى بالدرجة (34)، حيث يستفاد منها في تحديد موعد شفق شروق الشمس وغروبها، هذا
بالإضافة إلى تحديد موعد صلاة الظهر.

كما وقد قام ابن الشاطر بتصميم
الساعة الشمسية المعروفة باسم “المزولة” والتي وُضِعت عند مئذنة مسجد
بني أمية الدمشقي الشمالية، لتساعد المؤذن على تحديد وقت الصلاة.

الرحالة والجغرافي ابن جبير يصف المسجد الأموي

 البديع في هذه الساعة؛ هو أن مساحتها مترين مربعين (2×1)، وهي مصنوعة من الرخام الذي نُقِشَ عليه نظام من الدوائر والمنحنيات الفلكية المعقدة التي ساعدت على قراءة الوقت ببساطة ودقة منذ لحظة شروق الشمس وحتى غروبها، وما تزال بقاياها ماثلة للعيان في متحف دمشق الوطني.

اليواقيت:-

كما صنع ابن الشاطر ساعةً شمسيةً
صغيرة أسماها بـ (اليَواقيت)، أي جمع ياقوتة، والتي تعرف عالمياً بـ (صندوق
الجوهرة).

 هذه الساعة ساعدت المؤذن على تحديد موعد صلاة
الظهر والعصر وكان وجهها صوب القبلة في مكة المكرمة.

برع في صناعة واستخدام الاسطرلاب

وأكثر ما اشتهر به ابن الشاطر في زمانه هو صنعه للإسطرلاب وتعليم استعماله، كما أنه قد عمل على تطويره بالإضافة إلى إثنين من الأرباع الفلكية والمثلثية الأكثر استعمالاً في حسابات الفلك وقياسه.

كتابات ابن الشاطر:

يُشار بالبنان إلى ابن الشاطر بكونه
صاحب مؤلَّفات كانت تقوم على مرجعية علمية صحيحة، فقد كان يقوم عند قيامه في  كل عمل -وخاصة في نظريته الكوكبية- بتدوين الجداول
الفلكية في كتيب صغير، كما كان يسجل ما وصل إليه الباحثون والعلماء السابقين،
خصوصاً أولئك الذين عاشوا في القرن الثالث عشر الميلادي، ولينتهي بجداوله الفلكية
المثبتة لنظرياته، ومن هذه الكتب:

بدد نظريات فلكية إغريقية
  • كُتيب تعليق الأرصاد، الذي شرع فيه من خلال بحثه في نموذج بطليموس، الذي عالجه وأضاف عليه، بيد أن النسخة الكاملة من هذا الكتيب؛ غير متوافرة حالياً، إنما متاح منها أجزاء متفرقة.
  • كتاب رسالة “نزهةِ السامع في العمل بالربع الجامع” الذي تناول فيه نظريته الكوكبية، وهذا الكتاب الأصيل و نسخه؛ متوافرة حاليا.
  • كتاب أرجوزة في الكواكب.
  • كتاب النفع العام في العمل بالربع التام، يصف فيه القياس بالإسطرلاب واستعماله.
  • مجموعة كتب تتعلق بالإسطرلاب: العلاء الجامع، مختصر العمل بالإسطرلاب، رسالة في الاسطرلاب.
  • نهاية الغايات في الاعمال الفلكيات.

وفاة ابن الشاطر:

في عُمرٍ متقدم؛ جال ابن الشاطر
بين مكة المكرمة ودمشق حيث تلقى علوم الحديث الشريف والقرآن، ليتوفى في مدينته
دمشق سنة (1353م – 777هـ) عن عمر يناهز السبعين.

المصادر:

  • هارتنر، ويلي: ارتياب ونظريات الكواكب (1971)، ص: 609-629.
  • ابن الشاعر: الزيج الجديد، مكتبة أكسفورد.
  • صليبا، جورج: النظرية والملاحظة في علم الفلك الإسلامي (1987)، (18:35-42)
  • مجلة تاريخ العلم العربية، ابن الشاعر في كتاب الوفاق، ملخص فلكي (1977)، ص187-256.
  • مكتبة الكونغرس، المكتبة الرقمية العالمية.
  • الزركلي، كتاب الاعلام، ج4، ص251.
  • https://islamsci.mcgill.ca/RASI/BEA/Ibn_al-Shatir_BEA.htm 
  • http://albabblog.blogspot.com/2011/02/manuscript-of-ibn-al-shatir.html
Exit mobile version