Site icon العربي الموحد الإخبارية

أبو القاسم الزهراوي.. أشهر من ألف في الجراحة عند العرب

أبو القاسم الزهراوي – التعريف بالشخصية:-

هو خلف بن عباس، أبو القاسم الزهراوي الأندلسي، وُلِدَ في الزهراء قُرْبَ قرطبة سنة 938 م، وإليها نسبته.

يُعد الزهراوي أحد أعظم الجراحين الذين ظهروا في تاريخ العالم الإسلامي، ووصفه الكثيرون بـأبي الجراحة الحديثة ، ويُعرف لدى العلماء الغربين باسم Abulcasis.

في الواقع لم تخبرنا المصادر التاريخية الكثير عن حياته الخاصة ولكنها تفردت في الإخبار عن قدراته الجراحية الرائدة في ذلك العصر.

مكانة الزهراوي العلمية:-

كان أبو القاسم الزهراوي من أهل الفضل والدين والعلم، درس الطب على علماء قرطبة، وأصبح طبيباً جرَّاحاً فاضلاً، خبيراً بالأدوية المفردة والمركبة، جيد العلاج، نبغ في حدود سنة 400هـ، وأصبح طبيب الحكم الثاني الذي كان عصره يتسم بالتألق الحضاري.

واعتبرت دائرة المعارف البريطانية أنه أشهر من ألَّف في الجراحة عند العرب، وأول من استعمل ربط الشريان لمنع النزيف .

وهو أول من أسس علم الجراحة في العالم، وأول من مارسها بين الأطباء العرب، وأجرى عمليات جراحية أحجم غيره عن إجرائها.

وتقول المستشرقة الألمانية سيغريد هونكه : إن الزهراوي أول من قام بعملية “ربط للشرايين” عند إصابتها بجروح وهذا فتح علمي كبير، ادعى تحقيقه لأول مرة الجرَّاح الفرنسي الشهير امبرواز بإري عام  1552 م، في حين أن أبا القاسم الزهراوي، العالم العربي، قد حققه وعلِمَهُ قبل ذلك بنحو 600 سنة.

وفي مجال الجراحة النسائية؛ عالج الزهراوي ووصف عملية ولادة الحوض التي تنسب الآن إلى فالشر، وكان أبو القاسم قد سبقه إلى معالجتها بنحو 900 سنة -هذا ما قالته – سيغريد هونكه -.

كان الزهراوي متقدماً على غيره في مجال معالجة التهاب المفاصل، ومعالجة انتشار السل في فقرات الظهر، وابتكر أدوات الجَبْرْ ومعالجة الكسور وبتر الأعضاء.

سيغريد هونكه

وفي مجال الجراحة العظمية؛ كان أبو القاسم الزهراوي متقدماً على غيره في مجال معالجة التهاب المفاصل، ومعالجة انتشار السل في فقرات الظهر، وابتكر أدوات الجَبْرْ ومعالجة الكسور وبتر الأعضاء أو نشرها، بالإضافة إلى تميزه وإبداعه في جراحة الفم والفك، وإجرائه لأول عملية قسطرة أجرى من خلالها غسيلاً للمثانة البولية، وأدخل بعض السوائل إليها بواسطة أدوات ابتكرها ورسم صوراً لها.

كذلك أعطى وصفاً دقيقاً لكيفية صنع حبوب الدواء، وطريقة لصنع القالب الذي تُحضَّر بواسطته أقراص الدواء، وكان هذا سابقة له في ميدان الطب والصيدلة.

الأوروبيون اعتمدوا على مؤلفات الزهراوي في علاج مرضاهم

أبو القاسم الزهراوي .. بعض المنجزات:-

عمل أبو القاسم الزهراوي في ابتكار الأدوات الجراحية والتي وصل عددها إلى أكثر من 200 أداة، حيث كانت رسوماته بالغة الدقة وكان الهدف منها هو أن تكون وسيلة تعليمية لمن يريد أن يصنع منها، واليوم تعتبر مخطوطاته التوضيحية هذه الأقدم والأشهر في تاريخ الطب المنشور.

 ومن أشهر أدواته: الحقنة، ملقط التوليد، الإبرة والخيط الجراحي، منشار العظم مع المشرط الخاص بالجمجمة، وكل هذه الأدوات السابقة نفسها وتقريباً بنفس أشكالها تستعمل اليوم كما رسمها الزهراوي… وفيما يلي أبرز منجزاته:

  • كشف الشريان الصدغي، وتحديد أنواع مختلفة من الصداع.
  • قام بالكشف عن حالة إعتام عدسة العين.
  • ابتكار مقصلة لاستئصال اللوزتين.
  • قام بابتكار مبضع يدخل القصبة الهوائية.
  • استعمل الخطَّاف لاستئصال الورم من الأنف.
  • تبنى وضعية الاستلقاء عند الولادة.
  • قام بربط الأوعية الدموية النازفة.
  • قام بعلاج البواسير الشرجية.
  • تصحيح موضع الكتف المخلوع.
  • قام باستئصال الثدي المصاب بالتورم وتصغير حجم الثدي.
  • قام باستئصال الغدة الدرقية المتورمة.

أبو القاسم الزهراوي – المنهج العلمي:-

أبدع أبو القاسم الزهراوي منهجاً علمياً صارماً لممارسة العمل الجراحي، وبيَّن ذلك لطلابه في كتاب «التصريف لمن عجز عن التأليف»، ويقوم منهجه على ما يلي:

  1. تشريح الجسم ومعرفة كل دقائقه.
  2. الاطلاع على من سبقه من الأطباء والاستفادة من خبراتهم.
  3. الاعتماد على التجربة والمشاهدة الحسية.
  4. الممارسة العملية التي تكسب الجرَّاح مهارة وبراعة في العمل.

كتب عميد الجراحة :-

  1. التصريف لمن عجز عن التأليف، في الطب، وأكثره في الجراحة، جعله أبو القاسم الزهراوي على ثلاثين مقالة، وفيه رسوم توضيحية، وهو أكبر تصانيفه وأشهرها، وقد ترجم إلى اللاتينية، قال عنه ابن حزم الظاهري: “لئن قلنا: إنه لم يُؤلَّف في الطب أجمع منه للقول والعمل في الطبائع والجبر لنصدقن”.
  2. تفسير الأكيال والأوزان.
  3. المقالة في عمل اليد.

أبو القاسم الزهراوي وكتابه الأشهر:-

 ترك أبو القاسم الزهراوي كتاباً شهيراً يسمى “التصريف لمن عجز عن التأليف”، والذي يتضمن خلاصة علمية لأكثر من 30 مجلد طبي بعضها يتحدث عن الصيدلة والجراحة، بالإضافة إلى مجموعة من المواضيع المتعلقة بالصحة والعناية بها، وكانت كلها معلومات جمعها الزهراوي خلال 50 عام من العمل الطبي.

تضمن أخِر مجلد من هذا الكتاب 300 صفحة تتحدث عن الجراحة، وكان أول كتاب في التاريخ يصنف الجراحة الطبية ويعالج موضوعها بأطروحة مصورة.

لقد حلَّ مبحث أبي القاسم الزَّهراوي في الجِراحة محَل كتابات القُدَماء، وظلَّ مبحثه هذا العُمدة في فن الجِراحة حتَّى القرن السَّادس عشر (أي لما يزيد على خمسة قرون من زمانه)، ويشتمل على صورٍ توضيحيةٍ للعديد من آلات الجِراحة (أكثر من مائتي آلة جِراحية!!)، كان لهَا أكبر الأثر فيمن أتى من بعده من الجَرَّاحين الغربيين، وكانت بالغة الأهمية على الأخَص بالنسبة لأولئك الذين أصلحوا فن الجِراحَة في أوروبا في القرن السَّادِس عشر.

— راغب السرجاني، العلم في بناء الدولة.


 فقد قام فيها بتغطية جراحة التوليد، معالجة أمراض النساء، طب المسالك البولية والعين وصولاً إلى جراحة العظام وجراحة الحوادث العسكرية، وهي معلومات بقيت مرجعاً للجراحين والأطباء العاملين حتى أواخر القرن السادس عشر للميلاد.

الأسنان:-

ومما أورده أبو القاسم الزهراوي في كتابه؛ كيفية التعامل مع زراعة الاسنان حيث أوردها في كتابه بالتفصيل وتتمثل بكيفية إعادة زراعة الاسنان، وكيفية نحت الاسنان البديلة من عظام الحيوانات، حتى أنه تطرق إلى كيفية تقويم الاسنان التي بها انحراف أو تشوه.

وإلى اليوم؛ ما زال الأطباء يتبعون أحد أساليبه في إزالة الطبقة الجيرية والرواسب من الأسنان.

ابتكارات:-

ويذكر أن الزهراوي قام باستخدام الحبر في تحديد مكان الشق على جسم مريضة قبيل الجراحة هذا الأسلوب الذي ابتدعه وما زال الأطباء يقومون به إلى اليوم، وهو أول من استعمل الحرير في خياطة الجروح واعتمد القطن الطبيعي كضمادة توضع على الجرح.

وضمن كتابه؛ يورد استعمال الجبس في تجبير الكسور، ولا بد من التنويه إلى أن هذا الأسلوب في التعامل مع الكسر لم يظهر في أوروبا قبل القرن التاسع عشر.

الزهراوي .. نهاية مسيرة:-

توفي الزهراوي في الأندلس سنة 427هـ (1013م)، مسدلاً الستار على مسيرة أحد أكبر الشحصيات الطبية التي أنجبتها البشرية.

ولأخذ تصوّر عن الفجوة الهائلة التي كانت تفصل المستوى الطبي في الأندلس عنه في أوروبا في حقبة الزهراوي؛ يقول كامبل في كتابه “الطب العربي”: ” كانت الجراحة في الأندلس تتمتع بسمعة أعظم من سمعتها في باريس أو لندن أو أدنبره، ذلك لأن ممارسي مهنة الجراحة في سرقسطة؛ كانوا يُمنحون لقب طبيب جرَّاح، أما في أوروبا؛ فكان لقبهم حلَّاق جرَّاح، وظلَّ هذا التقليد سارياً حتى القرن العاشر الهِجري”.

الزهراوي علم طبي كبير

اقرأ أيضاً: البيمارستان النوري في دمشق .. أحد أبرز تجليات تقدم المسلمين في المجال الطبي

المصادر:

  • الأعلام (2/310).
  • معجم العلماء العرب، باقر أمين الورد.
  • بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس (286/رقم 715).
  • الصلة في تاريخ أئمة الأندلس (162).
  • علماء الأندلس إبداعاتهم المتميزة وأثرها في النهضة الأوربية (31).
  • عيون الأنباء في طبقات الأطباء- ابن أبي أصيبعة (501).
  • كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/411).
  • معجم المطبوعات العربية والمعربة (2/833).
  • قصَّة العلوم الطبية في الحضارة الإسلامية، راغب السرجاني.
Exit mobile version