هو ضياء الدين ابن البيطار هو عالمٌ جليلٌ وحكيم للنبات، وُلد في ملقة بالأندلس عام 1197م، وتوفي في دمشق عام 1248م، وكان أعظم عالمٌ نباتي عربي في العصور الوسطى، حيث بحث عن هذا العلم بسفره إلى عدة بلادٍ مختلفة منها اليونان وبلاد الشام والمغرب والإسبان ومصر، وكان يجمع الحشائش المختلفة ويدرسها عن كثب كما أنه كان يجتمع بكل من يهتم بالتاريخ الطبيعي ويأخذ منهم العلم والمعرفة.
الجامع لمفردات الأدوية والأغذية:–
ذكر ابن البيطار في هذا الكتاب كل ما يتعلق بالأدوية وأسمائها وما تحتويه وما ينتفع بها وما وقع الاشتباه فيها، وهو أفضل كتابٍ في الأدوية المفردة وأجودها، حيث قال عنه ماكس مايرهوف أنه أفضل كتابٍ عربي لعلم النبات، فهو يضم أبحاثاً لعلماء الأعشاب التي تعتمد على أكثر من 150 كتاباً بعضها يوناني، مع التأكد منها وتدقيقها ووضع الملاحظات والتنقيحات، ويحتوي على شرحٍ لأكثر من 1400 عقارٍ نباتي وحيواني ومعدني، ومن ضمنها 300 عقارٍ جديد، مع تبيين فوائد النباتات وكيفية استخدامها كأغذية وأدويةٍ للعلاج… ومن هذه الوصوفات:
- نعنع: يُحرِّك الجِماع، ومن النَّاس من يدُقَّهُ ويضعهُ مع دقيق الشَّعير على الجِراحات والدَّبيلات فينفعها، وإذا شُرِبَت عُصارته مع الخل، قطعَتْ نفث الدَّم، وهُوَ يقتُل الدُّود الطُّوال، ويُحرِّك شهوة الجِماع.. وإذا احتملته المرأة قبل الجِماع منع الحَمْل، وإذا دُلِّكَ بهِ اللِّسان الخَشِن، لانت خُشونته..
- الكزبرة: تنفعُ من الدُّوار الكائن عن بخار مراري أو بلغمي، وتُوَلِّد ظُلمة البصر أكلاً، وتنفعُ من الخفقان شُرْباً، والكُزبرة اليابسة؛ لها خاصَّيَّة في تقوية القلب وتفْريحِهِ، وهي قاطعةٌ للدَّم إذا شُرِبَ منها مثقالان بثلاث أواقٍ من لسانِ الحَمَلِ معصوراً غير مغليّ، والرَّطبة منها إذا مُضِغِت نَفَعَت السُّلاق الكائن في الفَم، والرَّطبة منها نافعة من هيَجان المرة الصفراء إذا أُكِلَت، ومن وجدَ في معدتهِ التهاباً فأكلها رَطِبة بالخَلّ أو بماء الرُّمَّان الحامض نفعته.
- الكُمَأة ( يوجد في الرَّبيع ويؤكل نيَّاً أو مطبوخاً، ويُسمَّى حالياً في بعض البُلدان بالفُقع): إدمان أكلها و الإكثار منها يولِّد داء البلغم والبهق الأبيض خاصَّةً، وثِقل اللِّسان، وضعف المعدة، وينبغي أن يؤكَل بالمري وإن سُلِقَت بالماء وطُبِخَت بالزَّيت، وطُيِّبَت بالأفاوية الحارَّة كالفلفل والدَّار صيني، ذَهَب عنها توليدها البلاغم اللَّزجة اللَّزجة وإن سُلِقَت بالمِلح والصعتر (الزعتر) والمري قلَّ ذلك منها أيضاً.
- وماء الكمأة من أصلح الأدوية للعين، إذا ربّي به الأثمد (حجر أسود يميل للحُمرة يستخدم في الكُحل بعد دقِّه) واكتُحِلَ به، ويُقوِّي أجفان العين، ويزيد الرُّوح الباصِرة، ويدفع نزول الماء عنها، والكمأة اليابسة إذا سُحِقَت وعُجِنَت بماء وخُصِّبَت به الرَّأس؛ نفَعَ مِنَ الصَّلَع العارض قبل وقته.
- كما فيطوس (صنوبر الأرض): يُنقي ويُفتِّح ويجلو الأعضاء الباطِنَة، وهُوَ من أنفع الأدوية لمَن بهِ يَرَقَان، ولمن يحدُث في كبدهِ السَّدَد..، وبعضهم يُسقى منه لوَجَع الورْك بعد طبخهِ بماء العَسَل، ومادام طريَّاً فهُو يقدر أن يلزق ويدمل الجراحات المُتعفِّنَة.. وإذا شُرِبَ من ورقهِ مع الشَّراب سبعة أيام متوالية أبرأ (عالَجَ) عِرْق النسا، ويُسقى منه لعلَّة الكبد، ووجع الكِلَى والمغص..
- الكمون: إذا طُبِخَ بالزَّيت واُحتُقِنَ بهِ أو تضمَّد مع دقيق الشَّعير، وافق المغص والنفخ، ويُسقى بخلٍّ ممزوجٍ بالماء لعُسْر النَّفس الذي يُنتَصب فيه، ويُسقى بالشَّراب لنهش الهوام، وينفع من ورم الأُنثيين مخلوطاً بالزيت ودقيق الباقلى (الباقلاء) ووضِعَ عليها، .. ويقطع الرُّعاف إذا قُرِّب مسحوقاً من الأنف…
- لسان الثَّور (نباتٌ خشن أسود يُشبهُ ورقع في شكله ألسُن البقر): إذا طُبِخَ في الشَّراب، وشُرِبَ، أحدَثَ لشارِبِهِ سُرُوراً، وينفعُ من به سُعال من خُشونة قَصْبة الرِّئة والحُنجَرة، وإذا طُبِخَ بالعسل وخاصَّة في تقريح القلب وتقويته عظيمة ويعينها ما فيه من إسهال السوداء الرقيق بذلك جوهر الرُّوح ودم القلب ويُلَيِّن الطَّبيعة.
- ماش (كنائب اللوبياء): ليس بنافِخٍ ويؤكل، والخلطُ الذي يولِّدهُ محمودٌ، وإن ضُمِّدَت بهِ الأعضاء الواهنة، نَفَعَهَا وسكَّن وجَعَها إذا عُجِنَ بالمطبوخ والزعفران والمُرُّ..
- مزمار الرَّاعي (نبتة برية لها ورق شبيه بورق لسان الحمل): نقل ابن البيطار عن جالينوس: جرَّبتُ منه أنه يُفتِّت الحصى المتولِّدَة في الكليتين إذا طُبِخَ وشُرِبَ ماؤهُ وذلك لأنَّ قوَّته تجلي (يرى ابن سينا أنَّهُ ينفع من الأورام الرَّخوة والثقيلة في الأحشاء).
- ناركِيْوَا (نوع من الخشخاش الأسود): قِشْر هذا النبات إذا نُزِعَ عن أغصانِهِ وجُفِّفَ وسُحِقَ و ذُرَّ على القُروح الجاسِية حَلَّلها لا سيِّما إذا دُهِنَت بالزَّيت، ثُمَّ ذُرَّ بعد ذلك، وإذا بُخِّرَ بأغصان هذه الشَّجرة بحملها وورقها وأغصانها وجُمِعَ رمادها وصُنِعَ منه نُورة وخُلِطَ مع زرنيخ وطُلِيَ به الشَّعرُ النَّابتُ على البدن، أسقطهُ حيَّاً وأبطأ نباته كثيراً، وإذا طُلِيَ بهِ على الكَلَف والنَّمَش إذهبهُ، وقد يفعل الرَّمادُ وحدهُ ذلكَ من غير زرنيخ…
- النرجس : أصل النرجس قوَّتهُ قُوَّة مُجَفِّفَة، يُلحِّم الجِراحات العظيمة، ويُلَحِّم القطع الحادثة في الوَتَرات، وفيه شيءٌ يجلو ويُحدِّث، و إذا أُكِلَ أصل ُالنرجِسِ مسلوقاً أو شُرِبَ هَيَّجَ القيء، وإذا استُعمِلَ مع العَسَل مسحوقاً وافقَ حرق النَّار، وإذا تَضَمَّد به ألزَقَ الجِرحات العارضة للأعصاب، وإذا سُحِقَ وخُلِطَ بالعسل وتضمَّد به؛ نَفَعَ من انفتال الأوتارِ التي في العقبين والأوجاع المُزمِنة العارضة في المفاصل، وإذا خُلِطَ بالبزر الذي يُقال لهُ فَيْدنوس والخلّ، نقَّى البهق والكَلَف.
- نمَّام (الريحان): قُوَّتهُ حارة تُدِرُّ الطمث والبول، ومنه غير بُستاني وأسخن من البُستاني وأصلح في أعمال الطِّب، يدرُّ الطمث والبول، يَنْفَعُ المغص وأوجاع العضل وترضِّ أطرافها وورم الكَبِد الحار، ويوافِق الهَوام، وإذا شُرِبَ أو تضمِّدَ بهِ أو طُبِخَ بالخلّ وصيِّر معه دهن ورد وصُبَّ على الرأس؛ سكَّن الصُّداع…
- هَليُوْن: (الأسفراج عند أهل المغرب): يفتحُ السَّدَد للكبد والكليتين وبخاصة أصلها (النبتة) وبزرها، ويشفي من وجَع الأسنان، لأنَّها تُجَفِّف من غير أن يُسَخَّن، وإذا سُلِقَ سَلْقَةً خفيفةً وأُكِل؛ لَيَّنَ وأدَر البول، وإذا طُبِخَت أصولهُ وشُرِبَ طبيخهُ؛ نَفَعَ من عُسر البول واليرقان وعرق النِسا ووجع المَعِي..
- الياسمين: قوَّته حَارَّةٌ تنفعُ المشايخ، ومَنْ مزاجهُ بارد، ويصلُح لوجع الرَّأس الكائن من البلغم والسَّوداء الحادثة عن عَفَنِه، جيِّدٌ لوجَع الرَّأس من بردٍ ورياحٍ غليظة، ويُقوِّي الدِّماغ ويُحلِّل الرُّطوبات البلغمية، ويَنْفَع من اللقوة ومن الشَّقيقة، وإذا دُقَّ رطباً ويابِساً ووُضِعَ على الكَلَف أذهبهُ.. وإذا سُحِقَ يابِساً وذُرَّ على الشَّعر الأسود بيَّضهُ..
ثناء على ابن البيطار :-
قال الطبيب والمؤرِّخ ابن أبي أصيبعة تلميذ ابن البيطار عنه : “قرأت عليه تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدوس؛ فكنت أجد من غزارة علمه ودرايته وفهمه شيئًا كثيرًا جدٌّا، وكنت أحضر عدة من الكتب المؤلفة في الأدوية المفردة مثل كتاب ديسقوريدوس وجالينوس والغافقي وأمثالها من الكتب الجليلة في هذا الفن، فكان يذكر أولا ما قاله ديسقوريدوس في كتابه باللفظ اليوناني على ما قد صححه في بلاد الروم، ثم يذكر جمل ما قاله ديسقوريدوس من نعته وصفته وأفعاله”.