Site icon العربي الموحد الإخبارية

ابن العوام الإشبيلي .. مؤسس علم الفلاحة والبيطرة

اسمه ونشأته:-

يحيى بن محمد بن أحمد، أبو زكريا ولقبه ابن العوام الإشبيلي ، عالم أندلسي في الزراعة والنبات، أصله من إشبيلية، كان يعيش في القرن السادس الهجري، وأخذ على علماء وشيوخ عصره جميع العلوم المختلفة التي كانت منتشرة.

ونشأ في أسرة ثرية كانت
تمتلك ضيعة خاصة وضاحية سميت باسم هذه الأسرة “ضاحية آل العوَّام” بإحدى
ضواحي أشبيلية على الضفة اليُمنى لنهر الوادي الكبير الذي يصبُّ في المحيط
الأطلنطي.

إشبيلية في العام 1860 م  حيث ولد ابن العوام الإشبيلي
إشبيلية في العام 1860 م – مكتبة الكونغرس الأميركية

تعلق ابن العوام المبكر بالزراعة:-

 وأحب يحيى الزراعة منذ صباه، وكان كثير التردد إلى زراعات أبيه، يتفقد أحوال العمال ويُقلِّب في الثمار، ويتأمل أطوار النبات، فلاحظ أبوه شغف ابنه -الذي عرف بالإيمان والورع والنباهة والذكاء- بحب الأرض والزراعة، فشجَّعه على تحصيل المعارف والعلوم من مخطوطات الفلاحة المكتوبة باللغات العربية والفارسية وغيرهما، وذلك بعد أن أعانه على تحصيل القدر الكافي من علوم القرآن والفقه والحديث واللغة، وكذلك الرياضيات.

 وكان يقضى نهاره في نشاط عملي تطبيقي في زراعات
أسرته، وليله في نشاط عقلي نظري في الاطلاع على الكتب والمؤلفات الزراعية
والبيطرية.

مكانته العلمية:-

شُغِفَ ابن العوام في دراسة العلوم الزراعية والنباتية؛ إذ كانت إشبيلية تمتاز بخصوبتها ونضارتها، وهو العالم الزراعي الوحيد الذي أخذ عنه ابن خلدون في مقدمته، وقد اعتمد ابن العوام في الدرجة الأولى على ما كان يقوم به من تجارب على جبل الشرف بإشبيلية، وما يسجله من ملاحظات علمية.

يعتبر ابن العوام أعظم
علماء عصره؛ فهو مؤسس علم الفلاحة والزراعة والبيطرة، وأول من وضع موسوعة في
النباتات ومكافحة الآفات، وأول من ابتكر ما يعرف الآن بـ “التقويم الزراعي”،
وطريقة الري بالتنقيط التي انتشرت في العصر الحديث، وأول من تكلم عن أن “النباتات
كواشف للبيئة” أو ما يُعرف هكذا في العلم الحديث، ووضع أسس فـن وعلم “تركيب
النباتات” أو فن تطعيم النباتات، وكذلك هو واضع اللبنات الأولى لانتقـــاء
الصفات الوراثية عن طريق التهجين بين أنواع النباتات وبعضها البعض والعديد من
التطبيقات الزراعية الحديثة.

الإشبيلي نقل الزراعة إلى مراحل متقدمة

ضياع المصنفات بسبب هجمات الأوروبيين:-

وكان ابن العوام غزير الإنتاج والاكتشافات ولكن تسببت الهجمات الشرسة التي قام بها الأوروبيون في فترة الحروب على الأندلس في ضياع معظم مصنفاته. كما بذل علماء الغرب محاولات مستميتة لطمر منجزاته العلمية، وسطا البعض على اكتشافاته وانتحلها لنفسه.

كتب ابن العوام:-

  1. الفلاحة الأندلسية، يعد موسوعة زراعية جمع فيه خلاصات موثقة لما عرفته شعوب الأندلس ومصر والعراق والمغرب العربي في مجال الزراعة والبيطرة، وحرص على أن يحشد في كتابة عدداً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والحِكم والطُّرف، وكتابه في حقيقته تجميع شامل مفيد لمقتطفات من كُتَّاب قدماء ممن سبقوه؛ مثل ابن بصَّال، وابن حجَّاج الإشبيلي، وأبي الخير الإشبيلي، والحاج الغرناطي، وكان أحياناً وفى نهاية كل فصل يكتب ملاحظاته الشخصية، ونجد في الكتاب العديد من النظريات الزراعية بالإضافة إلى العديد من التجارب التي قام بها في إشبيلية، وقد تُرجِم إلى اللغتين الإسبانية والفرنسية.
  2. تربية الكَرْمِ.
  3. عيون الحقائق وإيضاح الطرائق.

كتاب الفلاحة:-

نقل ابن العوام الإشبيلي في كتابه “الفلاحة” عن تجارب اليونان والرُّومان وعن النبط وعن حُكَماء المشِرق، ويتألف من جزءين وفيهما 35 باباً لكل من هذه الأبواب موضوع فِلاحي خاص، مثل الآتي:

  • في معرفة الأرض الطيب، والوسط، والدُّون.
  • في ذكر الزبول (للسماد) وأصنافها، وتدبيرها، ومنافعها وأوجه استعمالها.
  • تزبيل الأرض، والأشجار المغروسة، وغير المغروسة، وما يوافق كل نوع منها من الذبول.
  • في تناول أنواع المياه المستعملة في ريّ الأشجار والخُضر، واستنباط المياه.
  • صفة العمل في سقي الأشجار والخضر بالماء.
  • في اتِّخاذ الأشجار ومعرفة أوقات غِراسها، وغِراسة حبوب ثمارها.
  • في اتِّخاذ البساتين وترتيب غِراسة الأشجار فيها.
  • في صفة العمل في غِراسة الأشجار المطعَّمَة، والأبقال المدركة، واختيار أوقات الزراعات، والغراسات، وقطع القضبان، والأنشاب، والقطف، وقطع الخشب.
  • كيفية العمل في عمارة الأرض المغترسة على حسب ما يصلح بها، ووقت ذلك واختياره.
  • في تسمية الأشجار.
  • في تركيب الأشجار المؤتلفة، المتفقة بعضها في بعض، وفيه التركيب الرُّومي، والفارسي، واليوناني، والتركيب العام.
  • في صفة العمل في تقليم الأشجار، ووقت ذلك.
  • علاج الأشجار والخُضَر من الأدواء والأمراض.
  • في صِفة العمل في اختزان الحبوب والفواكه الغضَّة واليابسة، واختزان التين غضَّاً، ويابساً، واختزان الفاكهة والبَر والشعير، والعدس، والفول، والدَّقيق، وتخليل بعض الخُضَر، واختزانها، لتؤكل في غير أيَّامها.
  • فيما يريح الأرض، ويصلحها من الحبوب، والقطاني إذا زُرِعَت فيها، وفي اختيار البذور، والزراريع، ومعرفة الجيد منها، ليُعلَم الثابت السالم من الذي أصابه منها آفة وفسد.
  • في صفة العمل في زراعة الأرز، والذُّرَة ، والدُّخْن، والعَدَس، والجليان، واللوبيا، سقياً وبعلاً.
  • تذكير الأشجار.

تقليم الأشجار وتركيبها:-

تناول ابن العوَّام التقنيات المتعلِّقة بتقليم الأشجار وتركيبها وذلك لتحسين إنتاجيتها.

ويقول في هذا السياق: ” يتم تقليم الأشجار حسب نوعها، فذوات الألبان من التين والتوت، وما يوافقهما؛ فيتم تقليمها في كل عام عند جمع ورقه، وذوات الأصماغ لا تحتمل التشمير والتقليم، ولا أن يُقطع أعلاها، ومنها الخوخ والسَّفرجل والتُّفاح”.

وبشأن عملية التركيب؛ فقد أطلق ابن العوام عدَّة أسماء لها من قبيل الأنشاب والإضافة والتطعيم، وقد حدَّد وقت التَّركيب في منتصف شهر شباط فبراير إلى عشرة أيَّام تمضي من آذار مارس، أي في وقت جريان الماء في العود من الأشجار، ويبدأ في أول كانون الثاني يناير، وفي يوم يكون طيب الهوى، ولا يكون فيه بردٌ ولا ريح.

وفاة ابن العوام:-

توفي ابن العوام الإشبيلي نحو سنة 580هـ.

المصادر:

  • الأعلام (8/165).
  • موجز دائرة المعارف الإسلامية (257876).
  • تاريخ النبات عند العرب، أحمد عيسى.
  • الفلاحة في الفكر الإسلامي في الأندلس، بلال الجعافرة.
  • المعرفة https://www.marefa.org/ابن_العوام_الإشبيلي

https://www.alittihad.ae/article/49786/2010/ابن-العوام-مبتكر-التقويم-الزراعي-والري-بالتنقيط

Exit mobile version