اسمه ونشأته:-
محمد بن الحسين الخراساني، أبو جعفر الخازن (900-960 ميلادية)، وهو من علماء الفلك والرياضيات في القرن الهجري الرابع.
ينتمي إلى طائفة الوثنيين الصابئة ذات الجذور الفارسية والتي تم التسامح معها في الإسلام المبكر.
العائلة:-
كانت عائلة الخازن من سبأ، وهي مملكة في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، ربما تعرف باسم شيبا من القصة التوراتية للنبي سليمان وملكة سبأ.
تتوفر معلومات قليلة جدًا عن حياته الشخصية بصرف النظر عن أنه عاش في خراسان، حيث يقول البعض: إنَّه وُلِد في مكان يعرف باسم ساغان بالقرب من مرو في محافظة خراسان.
تتألف خراسان بمعناها الواسع من مدن وأقاليم مشهد ونيسابور وسبزيفار (إيران) وكشمير (بين الهند وباكستان) وبلخ وهيرات (الآن في أفغانستان)، ميرف ونيسا وأبيوارد (الآن في تركمانستان)، سمرقند وبخارى (الآن في أوزبكستان).
مكانته العلمية:-
من كبار الفلكيين في الإسلام، خدم بأرصاده أبا الفضل ابن العميد وزير ركن الدولة البُوَيهي، وكان الخازن عالماً بالرياضيات والهندسة.
وفقاً للموسوعة الإسلامية؛ فقد عمِل الخازن أميناً للخزانة في عهد الأمير الساماني منصور بن نوح الأول (961-976 م) ثم كوزير في نيسابور .
اقترب من ركن الدولة ووزيره العزيز العميد وقضى جزءًا من حياته في الري، كما عمل كمبعوث للبويهيين خلال مفاوضات السلام التي أقاموها مع السامانيين.
طوّر الخازن فيما بعد صداقة وثيقة مع الوزير العميد، وقضى بقية حياته في البحث وتأليف الكتب تحت حمايته.
حتى عام 1978 م، كان يعتقد أن أبا جعفر الخازن وأبا جعفر محمد بن الحسين كانا عالميّ رياضيات مختلفيّن، ومع ذلك، فقد أظهر المحقق اللبناني عادل أنبوبا عام 1978 م؛ أنهما الشخص ذاته.
إسهاماته العلمية:-
وضع أبو جعفر الخازن نظرية في شكل الكون وتركيبه، وذكر بأن الأشياء تتجه للأسفل عند السقوط قبل نيوتن، كما وضع تفسيراً لحركة الكواكب في تقدمها وتباعدها، وتفسيراً عن اختلاف مطالع القسي (جمع قوس) المتساوية في كتابه «المدخل الكبير إلى علم النجوم».
فقد طور نموذجًا شمسيًا، حيث تتحرك الشمس في دائرة مع الأرض كمركز لها، بحيث تكون حركتها موحدة فيما يتعلق بنقطة لا تتطابق مع مركز الأرض. أخيرًا، تعامل مع تأثير الجاذبية وبالتالي يسبق نيوتن.
وقد ناقش كذلك في كتابه هذا لأول مرة نظرية ابن الهيثم في تكوين النجوم، وبيَّن أنه اعتمد على فروض بطليموس التي ترجمها ثابت بن قُرَّة، وناقشها أيضاً في كتابه الآخر «سر العالمين».
طرق لتعيين أول الشهر والعام :-
وقد وضع الخازن طرائق لتعيين أول شهر محرم وأول السنة الهجرية، وبعض المسائل في علم التواريخ، وقد بيَّن الخازن في هذا الكتاب رأيه في شكل العالم.
وهو يختلف عنده عن الشكل الذي يقوم على الفلك الخارج المركز، وفلك التدوير، وتتساوى فيه أبعاد الأرض عن الشمس مع اختلاف الحركة، فتصير ناحيتي الشمال والجنوب متكافئتين في الحر والبرد، ودرس التسيير وآلته.
أبو جعفر هو أيضًا مؤلف أطروحة جغرافية يعطي فيها خطوط الطول والعرض لـ 2402 منطقة، أي المدن والجبال والبحار والجزر والمناطق الجغرافية والأنهار. علاوة على ذلك، هناك خرائط قدمها بشكل أدقَّ من نظيره الإغريقي بطليموس.
آلات الرصد الفلكية:-
كذلك وضع أبو جعفر الخازن شرحاً لبعض آلات الرصد الفلكية؛ ومن أهمها آلة قياس ارتفاع الشمس، وابتكر حلقة محيطها 13 قدماً وثمانية أذرع، وهذه الحلقة أصغر من الحلقة التي استخدمها السابقون عليه، وحقق بواسطة هذه الحلقة انحراف دائرة البروج، وكان ذلك بمساعدة طائفة من العلماء، وقد تحدث عنها في كتابه «الآلات العجيبة الرصدية».
العمل الفلكي الرئيسي لأبي جعفر يحوم حول أقراص الإسطرلاب.
الإسطرلاب هو جهاز يستخدمه علماء الفلك والملاحون والمنجمون لتحديد مواقع الشمس والقمر والكواكب والنجوم والتنبؤ بها. تحديد التوقيت المحلي بالنظر إلى خطوط العرض المحلية والعكس بالعكس والمسح والتثليث وإلقاء الأبراج. وبالتالي فهو كتيب فلكي للألواح يصيغ نسخة جديدة من الإسطرلاب.
لسوء الحظ، يبدو أن هذا العمل مفقود، ولكن هناك بعض الإشارات إليه في أعمال المؤلفين اللاحقين، ووفقاً لبعض المصادر العلمية (ديفيد كينغ)؛ فإنه يوجد مخطوطة للكتاب في مكتبة خاصة في الهند.
يذكر ديفيد كينغ أيضًا أن مثل هذا الإسطرلاب صُنِع في القرن الثاني عشر على يد هبة الله ب. الحسين، ويقال: إنه في ميونيخ، ألمانيا، وقد كان هناك نسخة طبق الأصل من الإسطرلاب في بداية القرن العشرين.
ومع ذلك، اختفت هذه النسخة خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن في وقت لاحق في عام 1996، تم تتبعها من قبل ديفيد كينغ في متحف الفراء الفن الإسلامي في برلين الشرقية، ونشر صورًا للصك في مقالتين منفصلتين.
علم الرياضيات وإيجاد الحلول:-
أما في علم الرياضيات؛ فقد تمكن الخازن من حل المعادلات التكعيبية حلاً هندسياً بواسطة قطوع المخروط، وسبق بذلك بيكر وديكارت في كتابه «شكل القطوع»، ودرس في الحساب مسائل العدد، كما ألَّف كتباً في حساب المثلثات، وحل بعض المسائل الخاصة بحساب المتوازيات.
أدرك الخازن أن معادلة تكعيبية يمكن حلها هندسيًا بواسطة أجزاء مخروطية، وكان الماهان قد أظهر (حوالي 850 ميلادية) أنه يمكن حل مشكلة غير محلولة في أرخميدس على الكرة والأسطوانات إلى المعادلة المكعبة׃
استند أبو جعفر إلى تعليق على عمل أرخميدس بواسطة إيتوكيوس من عسقلان (القرن الخامس الميلادي) وأدرك أن المعادلة يمكن حلها أيضًا عن طريق الأجزاء المخروطية. كما درس المعادلة׃
وذكر (بدون دليل) أنه ليس لديه حل في الأعداد الصحيحة الموجبة.
علاوة على ذلك؛ عمل أيضًا على مشكلة القياس المتساوي القياس، وكتب تعليقًا على الكتاب العاشر لعناصر إقليدس.
قدَّم الخازن أيضًا مساهمات بارزة في مجالات رياضية مختلفة ، من بينها أهم قضية إثبات رياضي، على سبيل المثال، إثبات غير مباشر بالتناقض.
يقدم الخازن مثالاً جيدًا من خلال إنشاء بعض خصائص المثلثات القائمة الزاوية في الرسالة رسالة في المثلثات القائمة الزوايا.
كتبه:.
- زيج الصفائح، قال القِفْطِيُّ: “وهو أجلُّ كتاب وأجمل مصنف في هذا النوع”.
- المسائل العددية.
- شرح كتاب إقليدس.
- شكل القطوع.
- الآلات العجيبة الرصدية.
- سر العالمين.
- المدخل الكبير إلى علم النجوم.
- الأبعاد والأجرام.
وفاته:-
توفي أبو جعفر الخازن نحو سنة 400هـ.