Site icon العربي الموحد الإخبارية

أبو يوسف الكندي.. أول الفلاسفة العرب

اسمه ونشأته:-

يعقوب بن إسحاق بن الصَّبَّاح الكِنْدي الأشعثي، أبو يوسف الكندي أحد فلاسفة العرب، وأحد أبناء الملوك من كِنْدة، وكان أبوه إسحق بن الصباح أميراً على الكوفة للمهدي والرشيد، وقد نشأ في البصرة، وانتقل إلى بغداد.

أبو يوسف الكندي – المكانة العلمية:-

فيلسوف العرب والإسلام في عصره، كان رأساً في الفلسفة، وعلم الحساب، والمنطق، والفلك، والطب، وله باع طويل في الهندسة والموسيقى وتأليف الألحان، وألَّف، وترجم، وشرح كتباً كثيرة، يزيد عددها عن ثلاثمائة.
له كتب كثيرة في فنون من العلم، وخدم الملوك، فباشرهم بالأدب، وترجم من كتب الفلسفة الكثير، وأوضح منها الـمُشْكِل، ولخَّص المستصعب، وبسط العويص.

يقول ابن العبري عن أبي يوسف: “وأما يعقوب الكندي، فكان شريف الأصل بصرياً، وكان أبوه أميراً على الكوفة للمهدي والرشيد”.

وأضاف” وكان يعقوب عالماً بالطب والفلسفة والحساب والمنطق وتآليف مشهورة من المصنفات الطوال، ولم يكُن في الإسلام من اشتهر عند الناس بمعاناة علم الفلسفة حتَّى سمُّوه فيلسوف؛ غير يعقوب هذا”.

مكانة مميزة حظي بها أبو يوسف الكندي
مكانة مميزة حظي بها الكندي

لقي في حياته ما يلقاه أمثاله من فلاسفة الأمم، فوشِيَ به إلى المتوكل العباسي، فضُرِبَ وأُخِذَت كتبه، ثم ردت إليه. وأصاب عند المأمون والمعتصم منزلةً عظيمةً وإكراماً.
قال ابن جُلْجُل: “لم يكن في الإسلام غيره احتذى في تواليفه حذو أرسطاطاليس”.

وله شعر جيد وبلاغة، ومن شعره:

أنـــاف الذنــابى على الأرؤس .. فغمِّـــض جفونك أَو نكِّـــس

وضائــل ســـوادك واقبض يَديـــك .. وَفِي قَعْر بَيْتك فاسـتجلس

وَعــند مليــكك فابــغِ الْعُلُـــوَّ .. وبالوحدة الْيَوْم فاستأنس

فَـــإِنَّ الْغنـى فِــي قُـلُــوب الرِّجَــال .. وَإِنَّ التَّعزُّز بالأنفــــــــس

النسخة العربية من Anaphoricus (في المطالع) من تأليف عالم الفلك والرياضيات إبسقلاوس ابن مدينة الإسكندرية (Ὑψικλῆς [مكتوبة هنا إسقلاوس وإيسقلاوس]؛ النصف الأول من القرن الثاني ق.م)، ترجمه من اليونانية قسطا بن لوقا (توفي حوالي ٩١٢) وراجعه الكِندي (توفي حوالي عام ٨٧٣) والنسخة الموجودة هنا من تحرير نصير الدين الطوسي (توفي في ١٢٧٤).

أبو يوسف الكندي .. لمحة من بعض أفكاره:-

  • هو فيلسوفٌ إسلامي بالمعنى الدقيق، وما يُثبت ذلك؛ كثرةُ رسائله في إثبات النبوة والدِّفاع عنها بشكل قوي.
  • يرى أنَّ العالم مُحدثٌ ليسير على غير نهجِ وطَرحِ أرسطو الذي قال : إن العالم قديم.
  • يرى بأنَّ النَّفسَ بسيطة وأنَّها من نور الله، وعنها صَدَرَ عالَم الأفلاك، والنَّفسُ الإنسانية تفيض عن هذه النفس الكلية، وهي تَتصِل بالجَسَد، ولكنها تبقى في جوهرها مُستقلة عنه، حتى إذا فارقته التذت لذة كبيرة.
  • يرى أن الكواكب لا تؤثر في النفس الإنسانية، لأنها إنما تؤثر في الأمور الطبيعية.
  • العقلُ هو مَصدَر المعارف، ويرى أن هناك عقلاً فاعلاً هو الله، وآخر بالقوة يكمن في داخل الإنسان، وثالثٌ بالمَلَكَة وهو العقل المنفعل بعد حصول المعقولات فيه، ورابعٌ مُبين يؤدي للغير معقولاته.
  • يميل الدكتور شوقي ضيف إلى أن الكندي مال إلى الفكر الاعتزالي الذي صَعَدَ نجمهُ في عهد الخليفة العباسي المأمون، وأخَذَ في التقهقُر في زَمَن الخليفة المتوكل، والدليل على ذلك إشادته المتكررة بدور العقل.
  • يعتقد بأن الحَواس تُدرك الجزئيات والصُور المادية، في حين أن العقل يدرك الكليَّات وما يرتبط بها من الأنواع والأجناس.
  • تناهي الجسم والزَّمان والحركة من جهة الفعل لا من جهة القوة.
  • هاجم نوعاً معيناً من الكيمياء الذي انتشر في عهده وارتبط بكشف الأسرار والسِّحر والخُرافة.

أبو يوسف الكندي الطبيب:-

وباعتباره شخصية موسوعية؛ لم يكتفِ الكِندي بنشاطه الفلسفي والفكري، بل تعدَّاه ليحجز لنفسه مكانة مميزة بين أشهر أطباء عصره.

وللكِندي أكثر من عشرين رسالة في العلوم الطبية، هذا فضلاً عن ترجمته كتاب “الأدوية المفردة” لجالينوس عن اليونانية.

 ومن مقولاته الطبية ووصاياه للأطباء ولتلاميذه ما يلي:

  • وليتقِّ الله المتطبب ولا يُخاطر، فليس عن الأنفُس عَوَض.
  • العاقل يظُنُّ أن فوق علمهِ علماً، فهو أبداً يتواضع لتلك الزيادة، والجاهل يظُنُ أنه قد تناهى، فتمقته النُّفُوسُ لذلك.
  • على الطبيب الَّا يتكبَّر على المريض، وأن يحمد الله على هذه النِّعمة التي أنعمها الله عليه، فكما يحبُّ أن يُقال: إنه سبب عافية المريض، فليحذر أن يقال: إنَّه سبب تلفه وموته.

نوادره:-

  • عُرِف الكندي بالبخل، وروي عن أبي بكر بن خُزَيْمَة قال: قال أصحاب الكندي له: اعمل لنا مثل القرآن. فقال: نعم. فغاب عنهم طويلاً، ثم خرج عليهم، فقال: والله لا يقدر على ذلك أحد.
  • أورد ابن العبري في كتابه “تاريخ مختصر الدول” ما يفيد بعلاقة البغض التي نشأت بين أبي معشر والفيلسوف العربي يعقوب بن إسحاق الكندي.

وقال ابن العبري – المتوفى سنة 1286 م- عن البلخي :” وكان يضاغن أبا يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي ويغري به العامَّة ويُشنِّع عليه بعلوم الفلسفة، فدسَّ عليه الكندي من حسَّن لهُ النظر في علم الحساب والهندسة، فدخل في ذلك فلم يُكمل له، فعدل إلى علم أحكام النجوم وانقطع شرُّهُ عن الكندي”.

البلخي العلم الشهير في علم التنجيم

أبو يوسف الكندي – كتبه:-

له مصنفات جليلة ورسائل
كثيرة جداً في جميع العلوم؛ منها:

  1. رسالة في التنجيم.
  2. اختيارات الأيام.
  3. تحاويل السنين.
  4. إلهيات أرسطو.
  5. رسالة في الموسيقى.
  6. الأدوية المركبة، ترجم إلى اللاتينية، وطبع بها.
  7. رسم المعمور، خرائط وصور عن الأرض.
  8. ذات الشعبتين، وهي آلة فلكية.
  9. الفلسفة الأولى فيما دون الطبيعيات والتوحيد، نُشِرَ
    باسم «كتاب الكندي إلى المعتصم باللَّه في الفلسفة الأولى».

حديث حول مؤلفاته:-

كَتَبَ الكِندي عَشَرات الكُتب والمؤلَّفات والرَّسائل، ولكن يبدو أن الذي وصَلنَا كانَ عدداً محدوداً منها، ويُعتقَد بأن ذلك مرتبط بتعرُّضها للتلف أو الحَرق شأنها شأن نظيراتها التي كانت في مكتبة بيت الحكمة، وذلك في أعقاب الغزو المغولي لبغداد سنة 1258 م (656 هجرية).

والدليل على أن الذي وصلنا من مؤلفاته؛ عدد قليل جداً مما تم كتابته من قِبل الكندي؛ ما أورده ابن النديم في “الفهرست”، والذي يقول: إنها وصلت إلى نحو 240 مؤلفاً، من بينها مؤلفات في التوحيد والعَدل والاستطاعة وحُرِّية التعبير، مما يدلُّ على اتجاهه الاعتزالي.

كذلك؛ فإن جمال الدين القفطي يقول في كتابه “إخبار العلماء بأخبار الحكماء”: إن عدد مؤلفات الكِندي بلغ نحو مائتين وثلاثين، أما مؤرخ أعمال الأطباء ابن أبي أصيبعة؛ فيقول إن: عددها بلغ نحو مائتين وثمانين تُغطِّي العلوم الرياضية والهندسية والفلكية والجغرافية والطبيعية، فضلاً عن المنطق والأخلاق والسياسة والكلام والجدل والطِّب.

يقول ألدومييلي: إن كتاب الكندي في الهندسة والذي تم ترجمته إلى اللاتينية؛ أثَّرَ بشكل كبير في الفيلسوف والراهب الإنجليزي روجر بيكون (توفي 611 هجرية- 1292 ميلادية) والذي يعتبر أول أوروبي يضع قوانين المنهج العلمي.

الكندي خاض غمار عدة علوم

وفاته:-

اُخُتلِفَ بشأن تاريخ وفاة الكندي، حيث جاء الروايات على النحو التالي:

  • ماسينيون حدد سنة الوفاة عند 246 هجرية، ما يوازي 860 م.
  • نلليو جعل من سنة وفاة الكندي 260 هجرية، أي 873 م.
  • دي بور ذهب إلى أنها سنة 257 هجرية، أي 870 م.
  • ينتهي مصطفى عبد الرازق إلى ترجيح سنة الوفاة بأنها في نهاية سنة 525 ه، 864 م، ذلك لأن الجاحظ المتوفى سنة 255 ه؛ كان قد ذكر الكندي في كتابي “البخلاء” و”الحيوان” بصيغة الماضي، كما أن رسالة الكندي (في ملك العرب وكميته) تدُلُّ على أنه شهد الخليفة المستعين، والفتنة الني قُتِلَ فيها سنة 252 ه.

وصيته لابنه قبل وفاته:-

“يا بُني، الأبُ رب، والأخ فخ، والعَم عم، والخَال وبال، والولَد كَمَد، والأقارب عقارب، وقَوْل لا يصرف البلا، وقَوْل نعم يزيل النِّعَم، وسماعُ الغِناء برسام (كلمة سريانية تعني علَّة الموت) حادٌ، لأنَّ الإنسانَ يسمع فيطرب، ويُنفِق فيُسرِف، فيقتر فيغتمّ، فيعتلُّ فيموت، والدينار محموم فإن صرفته مات، والدرهم محبوس فإن أخرجته فرَّ، والنَّاس سُخرة، فخُذ شيئهم واحفظ شيئك، ولا تقبل ممن قال اليمين الفاجرة، فإنَّها تدعُ الدَّار بلاقع”.

المصادر:

  • الأعلام (8/195).
  • سير أعلام النبلاء (12/337/رقم 134).
  • عيون الأنباء في طبقات الأطباء (285).
  • لسان الميزان (8/527/رقم 8632).
  • تاريخ مختصر الدول، ابن العبري.
  • العصر العباسي الثاني، شوقي ضيف.
  • مكتبة قطر الوطنية (المخطوطات والوثائق)
  • الكندي من فلاسفة المشرق والإسلام في العصور الوسطى، الشيخ كامل عويضة.
  • قصَّة العلوم الطبية في الحضارة الإسلامية، راغب السرجاني.
Exit mobile version