اسمه ونشأته:-
علي بن أحمد بن علي بن هبل ،مهذب الدين أبو الحسن البغدادي، المعروف بالخِلاَطِيِّ، الطبيب الأديب، وُلِدَ ابن هَبَل في بغداد بباب الأزج، بدرب ثمل، 23 ذي القعدة، سنة 515هـ، ونشأ بها.
مكانة علي بن أحمد العلمية:–
كان علي بن أحمد بن هبل فريد عصره وعلامة زمانه في مهنة الطب وفي العلوم الحكمية، وقد تميز كذلك في فنون أخرى؛ هي: الأدب، وحفظ القرآن الكريم، والفقه، وكان من أهل الفضل والصلاح، وكان يتصف بشدة الذكاء.
اجتمع في البداية بعبد
الله بن أحمد الخشاب النحوي، وقرأ عليه شيئاً من النحو، وتردد أيضاً إلى المدرسة
النظامية ببغداد، وقرأ الفقه، ثم اشتهر بعد ذلك بمهنة الطب، وتفوق بها على أكثر
أهل عصره من الأطباء.
وكان علي بن أحمد بن هبل قد تعلم مهنة الطب على يد أبي البركات علي ملكا، واشتُهر ببغداد بمهارته في مهنة الطب، وسمع بها من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي.
ثم انتقل إلى الموصل، حيث
تفرغ لتعليم الحكمة والطب فيها رغم أنه كان فاقداً لبصره.
وخرج إلى أذربيجان، وأقام
بخِلاط عند صاحبها شاه أرمن؛ كي يقوم بمعالجته وتطبيبه، وتعلم أهلها منها الحكمة
والأدب وردسوهما على يديه، وأعطاها الشاه الكثير من الأموال، وقبل رحيله من خِلاط
بعث جملة ما له من المال إلى الموصل إلى مجاهد الدين قيماز الزيني وديعةً عنده،
وكان ذلك نحو مائة وثلاثين ألف دينار.
ثم أقام علي بن أحمد بن هبل بماردين عند بدر الدين لؤلؤ والنظام إلى أن قتلهما ناصر الدين بن أرتق صاحب ماردين، وعُمِي ابن هَبَل بماء نزل في عينيه عن ضربة، وكان عمره عند ذلك 75 سنة.
ثم عاد بعد ذلك إلى الموصل، وحدث فيها حتى تقدَّم في السن وعجز عن الحركة، وعندها لزم بيته بسكّة أبي نجيح، وذلك قبل وفاته بسنتين، وكان يجلس على سرير ويقصده كل أحد من المشتغلين عليه بالطب وغيره.
تشخيصه النفسي:-
كان ابن هبل خبيراً في التشخيص والعلاج النفسي، وفيما يلي بعض نماذج تشخيصه:
- قال ابن هبل: “وقد ذكر بعضهم أن الماليخوليا يكون عن الجن بأن يخالطوا الأرواح؛ فيغيروا مزاجها، إلَّا إنا نحن نرى الإنسان يتغير مزاجه فنفصد علاجه ونروم صلاحه سواءً كان تغير المزاج عن الجن أو الخلط، ولما يذكر عن الجن نظائر يتوقف العقل عن تكذيبه وتصديقه لعسر الوقوف على السبب الموجب في الروح الكدودة مع سوء المزاج”.
- علَّق ابن هبل على طريقة معالجة مرض العشق الوسواسي الشبيه بالمالينخوليا، قائلاً: “العشق مرض يعرض من إدامة الفكر في استحسان بعض الصور الحاصلة في الخيال وإدامة النظر إليها، وتحضير النفس شوقاً إلى استحضار ما هي مثاله، ويساعد على ذلك الحركات الشهوانية، فيعرض من ذلك شيء من الجفاف واليبس المؤدي إلى المالينخوليا”.
شعره:.
له شعر حسن وألفاظ بليغة، ومن شعره هذه الأبيات:
ومن شعره قوله:
أقوال العلماء فيه:–
قال أبو الحسن علي بن عدنان النحوي الموصلي: “كان الشيخ مهذب الدين بن هَبَل من بغداد، وأقام بالموصل، ثم بخِلاط عند شاه أرمن صاحب خِلاط، وبقي عنده مدة، وحصَّل من جهته من المال العين مبلغاً عظيماً”.
قال عنه ابن العبري – المتوفى عام 1286 م- “.. وكان من أهل بغداد عالماً بالطبِّ والأدب، ولد ببغداد ونشأ بها ثم جاز إلى الموصل وخرج إلى أذربيجان، وأقام بخلاط عند صاحبها شاه أرمن يطبُّه، وقرأ الناس عليه”.
وأضاف ابن العبري في كتابه “تاريخ مختصر الدول”، أن ابن هبل خرج وعاد إلى الموصل، وقد تموَّل، فأقام بها إلى حين وفاته، وعمَّر حتى عجِزَ عن الحركة، فلزم منزله قبل وفاته بسنتين ومات وعمره خمس وتسعون سنة، وكان الناس يترددون ويقرؤون عليه، وصنَّف كتاباً حسناً في الطب سماه المختار يجيء في أربع مجلدات”.
كتبه:-
قام علي بن أحمد بن هبل بكتابة العديد من الكتب نذكر منها :
- المختار في الطب، كتب حسن كبير في الطب، يتميز بحسن تبويبه، وبساطة العثور على المراجع، وحسن الاختصار.
- الطب الجمالي: وقد صنفه سنة 560هـ بالموصل لجمال الدين محمد الوزير المعروف بالجواد.
- الآراء والمشاورات.
وفاته:-
توفي علي بن أحمد بن هبل في الموصل، يوم الأربعاء، 13 محرم، سنة 610هـ، ودفن بها بمقبرة المعافى بن عمران.
تعرف أكثر على أحمد بن الجزار القيرواني .. الفيلسوف الباهر والطبيب الحاذق
المصادر:–
- الأعلام (4/256).
- تاريخ مختصر الدول.
- إنباه الرواة على أنباه النحاة (2/231/رقم 434).
- الوقاية من الأمراض النفسية وعلاجها في الطب العربي الإسلامي، الدكتور محمود الحاج قاسم محمد.
- العبر في خبر من غبر (3/153).
- عيون الأنباء في طبقات الأطباء (407).
- موسوعة علماء العرب والمسلمين وأعلامهم (272).
- Photo by JAFAR AHMED on Unsplash