ابن البناء المراكشي :-
ابن البناء المراكشي هو أحمد بن محمد بن عثمان، أبو العباس الأَزْدي؛ من علماء الرياضيات والفلك والطب البارزين.
وُلِدَ في ابن البنَّاء في مَرَّاكُش المغربية سنة 654هـ (1256 م)، وقضى أغلب فترات حياته بها، وهذا هو السبب في انتسابه لها، وبها درس النحو والحديث والفقه، ثم ذهب إلى فاس ودرس الرياضيات والطب والفلك.
وكان من أساتذته ابن مخلوف السِّجِلْمَاسِيّ الفلكي، وابن حَجَلَة الرياضي، وبالإضافة إلى أنه كان دائم التردد على قرية أغمات القريبة من مراكش ليتتلمذ على يد أبو عبد الله الحزميري (توفي عام 1279) الذي تأثر به ابن البناء كثيراً وربما كان هو السبب في اهتمامه بكل من علم الفلك والتنجيم واتباعه للصوفية.
وقد حظي ابن البنَّاء بتقدير ملوك الدولة الـمَرِينيَّة في المغرب الذين استقدموه إلى فاس مراراًـ وتكراراً، وقد عمِل كمنجم في خدمة السلطان المريني أبي سعيد الذي حكم في الفترة بين عامي (1309 – 1331)، ويُقال: إنه تنبأ بوفاة الأخير .
ابن البناء المراكشي – المكانة العلمية:-
كرَّس حياته للتدريس الذي كان يمارسه في المسجد الكبير في مراكش وفي منزله الخاص، وكان لديه ثمانية تلاميذ على الأقل.
فقد نشأ ابن البناء المراكشي منصرفاً إلى العلم، فنبغ في علوم شتى، وأوضح النظريات الصعبة والقواعد المستعصية في الحساب، وقام ببحوث مستفيضة عن الكسور، ووضع قواعد لجمع مربعات الأعداد ومكعباتها، وقاعدة الخطأين لحل معادلات الدرجة الأولى، والأعمال الحسابية، وأدخل بعض التعديل على الطريقة المعروفة “بطريقة الخطأ الواحد” ووضع ذلك على شكل قانون.
وقد تفوق ابن البنّاء على من سبقه من علماء الرياضيات من العرب في الشرق وخاصة في حساب الكسور.
واُشتُهِرَ ابن البنَّاء بالاعتماد على الأرقام الهندية الغبارية المعروفة في الغرب بالأرقام العربية 0-1-2-3-4-9-10 كما اُشتُهِرَ بالجوانب التطبيقية الحِسابية وذلك خلال أعماله التدريسية والتأليفية.
كتب ابن البناء المراكشي :-
تتألف أعمال ابن البناء المراكشي من حوالي مائة عنوان ، منها 50 عنواناً تقريباً في الرياضيات وعلم الفلك (يشمل التنجيم أيضاً)، و تضم قائمة كتبه الدراسات القرآنية، وأصول الدين، والمنطق، والفقه، والبلاغة ، والعروض، والصوفية، والفرائض، والأوزان والمقاييس، والمساحة، والسحر، والطب.
اشتهر ابن البناء بكتبه في الرياضيات (خاصة الحساب والجبر)؛ واعتُبِر آخر علماء الرياضيات المبدعين في المغرب، بمعنى أنه انتبه إلى المسائل الجديدة وقدّم لها حلولاً مبتكرة. كانت أعماله منتشرة للغاية ، كما أنها أثرت في عدد هائل من التعقيبات التي استمرت تُكتب حتى بداية القرن العشرين.
ضاع غالبية مؤلفاته، ولم يفلح العلماء العرب والإجانب في العثور إلَّا على عدد قليل منها، نقلوا بعضها إلى لغاتهم، وقد تجلَّى منها فضله على بعض البحوث والنَّظريات في الحساب والجبر والفلك، وفيما يلي أبرز تلك المؤلفات المتواجدة حالياً:
- حاشية على الكشاف.
- منتهى السلوك في علم الأصول.
- كليات، في المنطق، و«شرحها».
- كليات، في العربية.
- المقالات في الحساب، وهو بحث في الأعداد الصحيحة، والكسور، والجذور، والتناسب.
- اللوازم العقلية في مدارك العلوم.
- الروض المريع في صناعة البديع.
- عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل.
- منهاج الطالب لتعديل الكواكب، وقد حقق المستشرق الإسباني فيرنه خينس مقدمة الكتاب وبعض فصوله، وترجمها إلى الإسبانية سنة 1952م.
- قانون، في معرفة الأوقات بالحساب.
- كتاب رفع الحجاب، وهو شرح لكتاب تلخيص أعمال الحساب، ورد ذكره في مقدمة ابن خلدون الذي قال عنه”.. وهو مستغلق على المبتدئ بما فيه من البراهين الوثيقة المباني، وهو كتابٌ جليلٌ القَدر أدركنا المشيخة تُعظِّمهُ، وهو كتاب جديرٌ بذلك، وإنَّما جاءه الاستغلاق من طريق البرهان ببيان علوم التعاليم، لأنَّ مسائلها وأعمالها واضحة كُلَّها، وإذا قَصَدَ شرحها، إنَّما هو أعطاء العلل في تلك الأعمال، وفي ذلك من العُسر على الفهم مالا يوجد على أعمال المسائل..”.
- تلخيص أعمال الحساب، يعترف “سمث” و”سارطون” بأن كتاب ابن البناء المراكشي من أحسن الكتب التي ظهرت في الحساب. وقد ظل الغربيون يعملون به إلى نهاية القرن السادس عشر للميلاد، وكتب كثير من علماء العرب شروحاً له، واقتبس منه علماء الغرب. كما اهتم به علماء القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد تُرجِمَ إلى الفرنسية عام 1864م على يد مار Marre، ونشرت ترجمته في روما. وقد أعاد ترجمته إلى الفرنسية الدكتور محمد سويسي، ثم نشر النص والترجمة مع تقديم وتحقيق سنة 1969م.
ويعتبر هذا الكتاب أحد أسباب انتشار وذيوع شهرة ابن البنَّاء، إذ أنه ضمَّ دراسات موسعة في الكسور، وقواعد الجمع ومربعات ومكعبات في الأعداد، كما تضمَّن قاعدة الخطأين لحل معادلات الدَّرجة الأولى والأعمال الحسابية التي تقوم على مثل هذه المعادلات.
كما وقد أدخل ابن البناء بعض التعديلات على ما يُطلَق عليه “طريقة الخطأ الواحد”، فمثلاً في مسألة بيع وشراء يفترض رقمٍ ما في البيع على البيع المفروض يساوي الخطأ في الشِّراء مقسوماً على حاصل ضرب الشِّراء والرَّقَم المفترض.
ابن البناء المراكشي والزرقالي:-
في مجال علم الفلك؛ اتبع ابن البناء المراكشي الطريقة الأندلسية التي يُمثِّلها الفلكي أبو إسحاق الزرقالي (المتوفي سنة 1087 م) من طليطلة الذي حصل على كتبه بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
كتب ابن البناء كتابين قصيرين عن نوعين من الأسطرلاب ( الصحيفة الزرقالية ، والشكازية) ، كما كتب كتاباً فلكياً يحتوي على جداول (زيج) بعنوان (منهاج الطالب في تعديل الكواكب) مستمد من بحث للزرقالي، وأصبح هذا الزيج شائعاً للغاية في المغرب.
كُتبت ثلاثة تعليقات على الأقل على زيج ابن البناء ، وبقيت تستخدم حتى القرن التاسع عشر. وكان المصدر الأساسي الذي استخدمه ابن البناء في الكتابة هو الزيج الغير مكتمل لأبي اسحاق الزرقالي، الذي يبدو أنه كان له التأثير الغالب في علم الفلك المغربي خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر.
يحتوي كتاب المنهاج لابن البناء على مختارات من جداول أبي اسحاق مصحوبة بمجموعة من القوانين التي يسهُل فهمها مما يجعل هذا الزيج مصدراً متاحاً لحساب خطوط طول الكواكب، وكذلك يحتوي على تعديلات على جداول ابن اسحاق لجعل عمليات الحساب أكثر سهولة ، فقد قام ابن البناء بعمل إزاحة للمعادلات الشمسية والمعادلات الكوكبية (تم إضافة ثابت في بداية كل جدول لتجنُّب القيم السالبة)، وهي تقنية استخدمت للمرة الأولى في المغرب. وعلى الرغم من استخدام ابن البناء للبناء القياسي المستمد من جداول بطليموس بالنسبة لجداول معادلات شذوذ المريخ وزهرة وعطارد؛ غير أنَّه قام بتغيير المعادلات بالكامل بالنسبة لكوكبي المشتري والمريخ، وقام بحسابها بنفس طريقة حساب معادلة القمر.
الكواكب السيارة :-
ولم يكن المنهاج هو الزيج الوحيد الذي قدمه ابن البناء المراكشي ، فقد أعدَّ مُلخَّصاً بعنوان “اليسارة في تقويم الكواكب السيارة” ، أُعِد هذا الزيج المصغر – الذي اهتم بشكل أساسي بحساب خطوط الطول الكوكبية – على الأرجح من أجل المنجمين المشهورين الذين حفظوا النصوص القصيرة للقوانين الموجودة فيه عن ظهر قلب.
وكذلك فقد تم تبسيط الجداول العددية القليلة بقدر الإمكان، واهتم الكتاب بوضع الشروح والتعديلات والتصحيحات للأخطاء مثل تلك التي كتبها ابن قنفذ القسنطيني.
لاقى كتاب “اليسارة في تقويم الكواكب السيارة” بعض النجاح، ولخصه ابن البناء بنفسه في كتاب “الإشارة في اختصار اليسارة”.
ابن البنَّاء والتقويم والقبلة:-
وفي مجال الفلك أيضاً؛ كتب ابن البناء المراكشي كتاباً عن التقويم العربي قبل الإسلام ، وفيه تنبؤات بالأرصاد الجوية تعتمد على الشروق والغروب النجمي.
كما كان مهتماً بضبط مواقيت الصلاة، وكتب كتباً قصيرة مثل كتابه ” قانون في معرفة الأوقات بالحساب”، والذي كان موجهاً لتعليم المؤذنيين والأئمة المسؤولين عن تحديد أوقات الصلاة وتحديد بداية الشهور القمرية. علاوة على ذلك؛فقد كتب ابن البناء تقريراً قصيراً عن رؤية الهلال الجديد لرمضان عام 1301 وفقاً لصيام أهل مدينة فاس قبل يوم واحد من صيام أهل مراكش وتلمسان.
يظهر هذا الاهتمام بالشأن الديني والعملي في نصين قصيرين عن القبلة، حيث كان معاصرو ابن البناء يشعرون بالقلق نظراً للاتجاهات المختلفة للمساجد، ولذلك حاول أن يهدأهم بأن أخبرهم أن كل المساجد لها اتجاه صحيح لا ينبغي تغييره طالما أن البناء تم بعد الاجتهاد.
ومن المثير للدهشة أنه لم يكتفِ برفض الأساليب غير الدقيقة في علم الفلك، ولكنه رفض أيضاً علم الفلك الموقعي الذي قدم حلولاً دقيقة للمشكلة السابقة منذ القرن التاسع. وقد فسر ذلك بسببين: الأول: أن النتائج المقدمة لم تكن دائماً صحيحة نظراً للاختلافات في خطوط الطول بين مكة والمدن الإسلامية، والسبب الثاني أن المعرفة المطلوبة لم تكن متوافرة لعامة المسلمين.
موقفه من التنجيم :-
هناك تضارب في موقف ابن البناء المراكشي من التنجيم، فمن المعروف أنه اهتم به في المراحل الأولى من حياته العلمية وأنه كتب عدداً من الكتب القصيرة تتسم بالقليل من الأصالة، وكان يتبع تقليداً أندلسياً له خصائص معينة تختلف عن خصائص التقليد الإسلامي الشرقي.
ومن ناحية أخرى؛ فقد كتب كتاباً بعنوان “الرد على أحكام النجومية” والذي يبدو أنه كُتِب في الفترة الثانية من حياته العلمية (1290 – 1301). ومن الصعب تحديد ما إذا كان ابن البناء قد فقد إيمانه بالتنجيم كعلم وذلك لأن كتاب “المنهاج” الذي كُتب في نفس الفترة يصف التنجيم الرياضي، كما يُقال: إن السلطان المريني أبو سعيد كان يستشيره باعتباره منجماً.
آراء الباحثين في أعماله:-
يتضح من كتابات ابن البناء المراكشي أنه كان يكتب بشكل أساسي من أجل طلابه، وحاول دائماً أن تكون كتاباته مختصرة وموجزة للغاية. كما أنه كان مهتماً أيضاً بالتطبيقات العملية لمعرفته. فعلى سبيل المثال، كتب عن تطبيقات الهندسة في مسح الأراضي، واستخدام الحساب والجبر في حل مشاكل الميراث وفي الأوزان والمقاييس، وقد تحدث بعض العملاء والنقاد عن هذه المساهمات، منهم:
- يقول الباحث محمد مفتاح: “إن القارئ لكتاب ابن البنَّاء؛ يرى الرياضيات والمنطق رأي العين، فابن البنَّاء وريثٌ شرعيٌ لتقاليد المدرسة البلاغية المنطقية العربية الإسلامية: مدرسة الفارابي وابن سينا وابن رشد”.
- ويقول الباحث الجزائري حكيم بوغازي : “لقد سعى ابن البنَّاء لتوظيف نظرية التَّناسب الهندسي توظيفاً سليماً بغية لمَّ الشَّمْل جميع المصطلحات، إلى جانب تكوين صورة متقاربة ودقيقة من الشواهد وتفاصيلها، فضلاً عن كيفية الوصول من المجهول إلى المعلوم بالضرورة، عبر الاستنتاج والاستقراء والبرهنة العلمية الرياضية، مع توجيه عنايته إلى الدَّرس البلاغي والصُّوفي والتفسير انطلاقاً من نظرية التناسب الرياضية”.
وفاته:-
توفي ابن البنّاء في مدينة مَرَّاكُش المغربية سنة 721هـ.
اقرأ أيضاً: قصر الحمراء أشهر قصور الأندلس
المصادر:
- الأعلام (1/222).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (رقم 38).
- موسوعة علماء العرب والمسلمين وأعلامهم، محمد فارس.
- تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، قدري طوقان.
- دراسة بعنوان “التناسب الهندسي في التُّراث البلاغي- ابن البنَّاء المرَّاكشي نموذجاً”، حكيم بوغازي.
ابن البناء المراكشي :-
ابن البناء المراكشي هو أحمد بن محمد بن عثمان، أبو العباس الأَزْدي؛ من علماء الرياضيات والفلك والطب البارزين.
وُلِدَ في ابن البنَّاء في مَرَّاكُش المغربية سنة 654هـ (1256 م)، وقضى أغلب فترات حياته بها، وهذا هو السبب في انتسابه لها، وبها درس النحو والحديث والفقه، ثم ذهب إلى فاس ودرس الرياضيات والطب والفلك.
وكان من أساتذته ابن مخلوف السِّجِلْمَاسِيّ الفلكي، وابن حَجَلَة الرياضي، وبالإضافة إلى أنه كان دائم التردد على قرية أغمات القريبة من مراكش ليتتلمذ على يد أبو عبد الله الحزميري (توفي عام 1279) الذي تأثر به ابن البناء كثيراً وربما كان هو السبب في اهتمامه بكل من علم الفلك والتنجيم واتباعه للصوفية.
وقد حظي ابن البنَّاء بتقدير ملوك الدولة الـمَرِينيَّة في المغرب الذين استقدموه إلى فاس مراراًـ وتكراراً، وقد عمِل كمنجم في خدمة السلطان المريني أبي سعيد الذي حكم في الفترة بين عامي (1309 – 1331)، ويُقال: إنه تنبأ بوفاة الأخير .
ابن البناء المراكشي – المكانة العلمية:-
كرَّس حياته للتدريس الذي كان يمارسه في المسجد الكبير في مراكش وفي منزله الخاص، وكان لديه ثمانية تلاميذ على الأقل.
فقد نشأ ابن البناء المراكشي منصرفاً إلى العلم، فنبغ في علوم شتى، وأوضح النظريات الصعبة والقواعد المستعصية في الحساب، وقام ببحوث مستفيضة عن الكسور، ووضع قواعد لجمع مربعات الأعداد ومكعباتها، وقاعدة الخطأين لحل معادلات الدرجة الأولى، والأعمال الحسابية، وأدخل بعض التعديل على الطريقة المعروفة “بطريقة الخطأ الواحد” ووضع ذلك على شكل قانون.
وقد تفوق ابن البنّاء على من سبقه من علماء الرياضيات من العرب في الشرق وخاصة في حساب الكسور.
واُشتُهِرَ ابن البنَّاء بالاعتماد على الأرقام الهندية الغبارية المعروفة في الغرب بالأرقام العربية 0-1-2-3-4-9-10 كما اُشتُهِرَ بالجوانب التطبيقية الحِسابية وذلك خلال أعماله التدريسية والتأليفية.
كتب ابن البناء المراكشي :-
تتألف أعمال ابن البناء المراكشي من حوالي مائة عنوان ، منها 50 عنواناً تقريباً في الرياضيات وعلم الفلك (يشمل التنجيم أيضاً)، و تضم قائمة كتبه الدراسات القرآنية، وأصول الدين، والمنطق، والفقه، والبلاغة ، والعروض، والصوفية، والفرائض، والأوزان والمقاييس، والمساحة، والسحر، والطب.
اشتهر ابن البناء بكتبه في الرياضيات (خاصة الحساب والجبر)؛ واعتُبِر آخر علماء الرياضيات المبدعين في المغرب، بمعنى أنه انتبه إلى المسائل الجديدة وقدّم لها حلولاً مبتكرة. كانت أعماله منتشرة للغاية ، كما أنها أثرت في عدد هائل من التعقيبات التي استمرت تُكتب حتى بداية القرن العشرين.
ضاع غالبية مؤلفاته، ولم يفلح العلماء العرب والإجانب في العثور إلَّا على عدد قليل منها، نقلوا بعضها إلى لغاتهم، وقد تجلَّى منها فضله على بعض البحوث والنَّظريات في الحساب والجبر والفلك، وفيما يلي أبرز تلك المؤلفات المتواجدة حالياً:
- حاشية على الكشاف.
- منتهى السلوك في علم الأصول.
- كليات، في المنطق، و«شرحها».
- كليات، في العربية.
- المقالات في الحساب، وهو بحث في الأعداد الصحيحة، والكسور، والجذور، والتناسب.
- اللوازم العقلية في مدارك العلوم.
- الروض المريع في صناعة البديع.
- عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل.
- منهاج الطالب لتعديل الكواكب، وقد حقق المستشرق الإسباني فيرنه خينس مقدمة الكتاب وبعض فصوله، وترجمها إلى الإسبانية سنة 1952م.
- قانون، في معرفة الأوقات بالحساب.
- كتاب رفع الحجاب، وهو شرح لكتاب تلخيص أعمال الحساب، ورد ذكره في مقدمة ابن خلدون الذي قال عنه”.. وهو مستغلق على المبتدئ بما فيه من البراهين الوثيقة المباني، وهو كتابٌ جليلٌ القَدر أدركنا المشيخة تُعظِّمهُ، وهو كتاب جديرٌ بذلك، وإنَّما جاءه الاستغلاق من طريق البرهان ببيان علوم التعاليم، لأنَّ مسائلها وأعمالها واضحة كُلَّها، وإذا قَصَدَ شرحها، إنَّما هو أعطاء العلل في تلك الأعمال، وفي ذلك من العُسر على الفهم مالا يوجد على أعمال المسائل..”.
- تلخيص أعمال الحساب، يعترف “سمث” و”سارطون” بأن كتاب ابن البناء المراكشي من أحسن الكتب التي ظهرت في الحساب. وقد ظل الغربيون يعملون به إلى نهاية القرن السادس عشر للميلاد، وكتب كثير من علماء العرب شروحاً له، واقتبس منه علماء الغرب. كما اهتم به علماء القرنين التاسع عشر والعشرين. وقد تُرجِمَ إلى الفرنسية عام 1864م على يد مار Marre، ونشرت ترجمته في روما. وقد أعاد ترجمته إلى الفرنسية الدكتور محمد سويسي، ثم نشر النص والترجمة مع تقديم وتحقيق سنة 1969م.
ويعتبر هذا الكتاب أحد أسباب انتشار وذيوع شهرة ابن البنَّاء، إذ أنه ضمَّ دراسات موسعة في الكسور، وقواعد الجمع ومربعات ومكعبات في الأعداد، كما تضمَّن قاعدة الخطأين لحل معادلات الدَّرجة الأولى والأعمال الحسابية التي تقوم على مثل هذه المعادلات.
كما وقد أدخل ابن البناء بعض التعديلات على ما يُطلَق عليه “طريقة الخطأ الواحد”، فمثلاً في مسألة بيع وشراء يفترض رقمٍ ما في البيع على البيع المفروض يساوي الخطأ في الشِّراء مقسوماً على حاصل ضرب الشِّراء والرَّقَم المفترض.
ابن البناء المراكشي والزرقالي:-
في مجال علم الفلك؛ اتبع ابن البناء المراكشي الطريقة الأندلسية التي يُمثِّلها الفلكي أبو إسحاق الزرقالي (المتوفي سنة 1087 م) من طليطلة الذي حصل على كتبه بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
كتب ابن البناء كتابين قصيرين عن نوعين من الأسطرلاب ( الصحيفة الزرقالية ، والشكازية) ، كما كتب كتاباً فلكياً يحتوي على جداول (زيج) بعنوان (منهاج الطالب في تعديل الكواكب) مستمد من بحث للزرقالي، وأصبح هذا الزيج شائعاً للغاية في المغرب.
كُتبت ثلاثة تعليقات على الأقل على زيج ابن البناء ، وبقيت تستخدم حتى القرن التاسع عشر. وكان المصدر الأساسي الذي استخدمه ابن البناء في الكتابة هو الزيج الغير مكتمل لأبي اسحاق الزرقالي، الذي يبدو أنه كان له التأثير الغالب في علم الفلك المغربي خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر.
يحتوي كتاب المنهاج لابن البناء على مختارات من جداول أبي اسحاق مصحوبة بمجموعة من القوانين التي يسهُل فهمها مما يجعل هذا الزيج مصدراً متاحاً لحساب خطوط طول الكواكب، وكذلك يحتوي على تعديلات على جداول ابن اسحاق لجعل عمليات الحساب أكثر سهولة ، فقد قام ابن البناء بعمل إزاحة للمعادلات الشمسية والمعادلات الكوكبية (تم إضافة ثابت في بداية كل جدول لتجنُّب القيم السالبة)، وهي تقنية استخدمت للمرة الأولى في المغرب. وعلى الرغم من استخدام ابن البناء للبناء القياسي المستمد من جداول بطليموس بالنسبة لجداول معادلات شذوذ المريخ وزهرة وعطارد؛ غير أنَّه قام بتغيير المعادلات بالكامل بالنسبة لكوكبي المشتري والمريخ، وقام بحسابها بنفس طريقة حساب معادلة القمر.
الكواكب السيارة :-
ولم يكن المنهاج هو الزيج الوحيد الذي قدمه ابن البناء المراكشي ، فقد أعدَّ مُلخَّصاً بعنوان “اليسارة في تقويم الكواكب السيارة” ، أُعِد هذا الزيج المصغر – الذي اهتم بشكل أساسي بحساب خطوط الطول الكوكبية – على الأرجح من أجل المنجمين المشهورين الذين حفظوا النصوص القصيرة للقوانين الموجودة فيه عن ظهر قلب.
وكذلك فقد تم تبسيط الجداول العددية القليلة بقدر الإمكان، واهتم الكتاب بوضع الشروح والتعديلات والتصحيحات للأخطاء مثل تلك التي كتبها ابن قنفذ القسنطيني.
لاقى كتاب “اليسارة في تقويم الكواكب السيارة” بعض النجاح، ولخصه ابن البناء بنفسه في كتاب “الإشارة في اختصار اليسارة”.
ابن البنَّاء والتقويم والقبلة:-
وفي مجال الفلك أيضاً؛ كتب ابن البناء المراكشي كتاباً عن التقويم العربي قبل الإسلام ، وفيه تنبؤات بالأرصاد الجوية تعتمد على الشروق والغروب النجمي.
كما كان مهتماً بضبط مواقيت الصلاة، وكتب كتباً قصيرة مثل كتابه ” قانون في معرفة الأوقات بالحساب”، والذي كان موجهاً لتعليم المؤذنيين والأئمة المسؤولين عن تحديد أوقات الصلاة وتحديد بداية الشهور القمرية. علاوة على ذلك؛فقد كتب ابن البناء تقريراً قصيراً عن رؤية الهلال الجديد لرمضان عام 1301 وفقاً لصيام أهل مدينة فاس قبل يوم واحد من صيام أهل مراكش وتلمسان.
يظهر هذا الاهتمام بالشأن الديني والعملي في نصين قصيرين عن القبلة، حيث كان معاصرو ابن البناء يشعرون بالقلق نظراً للاتجاهات المختلفة للمساجد، ولذلك حاول أن يهدأهم بأن أخبرهم أن كل المساجد لها اتجاه صحيح لا ينبغي تغييره طالما أن البناء تم بعد الاجتهاد.
ومن المثير للدهشة أنه لم يكتفِ برفض الأساليب غير الدقيقة في علم الفلك، ولكنه رفض أيضاً علم الفلك الموقعي الذي قدم حلولاً دقيقة للمشكلة السابقة منذ القرن التاسع. وقد فسر ذلك بسببين: الأول: أن النتائج المقدمة لم تكن دائماً صحيحة نظراً للاختلافات في خطوط الطول بين مكة والمدن الإسلامية، والسبب الثاني أن المعرفة المطلوبة لم تكن متوافرة لعامة المسلمين.
موقفه من التنجيم :-
هناك تضارب في موقف ابن البناء المراكشي من التنجيم، فمن المعروف أنه اهتم به في المراحل الأولى من حياته العلمية وأنه كتب عدداً من الكتب القصيرة تتسم بالقليل من الأصالة، وكان يتبع تقليداً أندلسياً له خصائص معينة تختلف عن خصائص التقليد الإسلامي الشرقي.
ومن ناحية أخرى؛ فقد كتب كتاباً بعنوان “الرد على أحكام النجومية” والذي يبدو أنه كُتِب في الفترة الثانية من حياته العلمية (1290 – 1301). ومن الصعب تحديد ما إذا كان ابن البناء قد فقد إيمانه بالتنجيم كعلم وذلك لأن كتاب “المنهاج” الذي كُتب في نفس الفترة يصف التنجيم الرياضي، كما يُقال: إن السلطان المريني أبو سعيد كان يستشيره باعتباره منجماً.
آراء الباحثين في أعماله:-
يتضح من كتابات ابن البناء المراكشي أنه كان يكتب بشكل أساسي من أجل طلابه، وحاول دائماً أن تكون كتاباته مختصرة وموجزة للغاية. كما أنه كان مهتماً أيضاً بالتطبيقات العملية لمعرفته. فعلى سبيل المثال، كتب عن تطبيقات الهندسة في مسح الأراضي، واستخدام الحساب والجبر في حل مشاكل الميراث وفي الأوزان والمقاييس، وقد تحدث بعض العملاء والنقاد عن هذه المساهمات، منهم:
- يقول الباحث محمد مفتاح: “إن القارئ لكتاب ابن البنَّاء؛ يرى الرياضيات والمنطق رأي العين، فابن البنَّاء وريثٌ شرعيٌ لتقاليد المدرسة البلاغية المنطقية العربية الإسلامية: مدرسة الفارابي وابن سينا وابن رشد”.
- ويقول الباحث الجزائري حكيم بوغازي : “لقد سعى ابن البنَّاء لتوظيف نظرية التَّناسب الهندسي توظيفاً سليماً بغية لمَّ الشَّمْل جميع المصطلحات، إلى جانب تكوين صورة متقاربة ودقيقة من الشواهد وتفاصيلها، فضلاً عن كيفية الوصول من المجهول إلى المعلوم بالضرورة، عبر الاستنتاج والاستقراء والبرهنة العلمية الرياضية، مع توجيه عنايته إلى الدَّرس البلاغي والصُّوفي والتفسير انطلاقاً من نظرية التناسب الرياضية”.
وفاته:-
توفي ابن البنّاء في مدينة مَرَّاكُش المغربية سنة 721هـ.
اقرأ أيضاً: قصر الحمراء أشهر قصور الأندلس
المصادر:
- الأعلام (1/222).
- بُناة الفكر العلمي في الحضارة الإسلامية (رقم 38).
- موسوعة علماء العرب والمسلمين وأعلامهم، محمد فارس.
- تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، قدري طوقان.
- دراسة بعنوان “التناسب الهندسي في التُّراث البلاغي- ابن البنَّاء المرَّاكشي نموذجاً”، حكيم بوغازي.