العربي الموحد الإخبارية

عيسى بن الحكم الدمشقي .. صاحب الكناش الكبير

عيسى بن الحكم الدمشقي ، التعريف بالشخصية:-

يعتبر عيسى بن الحكم الدمشقي أحد أبرز الأطباء المبكرين الذين عاصروا نهايات الدولة الأموية و بدايات نظيرتها العباسية، وعُدَّ من فضلاء الأطباء ونُبَلاء ذوي الأنباء.

فقد وُلِد ابن أبي الحكم سنة 105 هجرية (723 م) لأبٍ مشهود له في مجال الطَّب، مقتفياً أثر والده الحكم الدمشقي، ليفوقه من حيث البراعة والشُّهْرَة.

عُرِفَ بـ”المسيح”، نظراً لما ظهرت على يديه العيسوية من الآثار المسيحية، بيد أنها غير النبوية.

وحينما انتقلت عاصمة الدولة من دمشق إلى بغداد؛ بقي طبيبنا في المدينة التي نشأ فيها، لكنه غادرها فيما بعد إلى بغداد وذلك في فترة حُكُم هارون الرشيد (170-193 هـ)، ثُمَّ عادَ إلى الشَّام.

ولعيسى من الكُتُب كنَّاش (الكُنَّاشة لفظ سرياني معناه المجموعة أو التذكرة)، وكتاب منافع الحيوان، كما كتب “الرسالة الياقوتية” التي كتبها لهارون الرشيد، و تناول فيها سبل علاج أمراض العيون، وقد ذكرها الرازي في كتابه الشهير “الحاوي”.

أقوال العلماء فيه:-

أثنى المؤرخون على عيسى بن الحكم الدمشقي ، وتحدثوا عن مكانته الطبية، فيما يلي أبرزهم:

  • قال عنه ابن أبي أصيبعة: ” .. وهو صاحب الكُنَّاش الكبير الذي يُعرَفُ به ويُنْسَبُ إليه”.
  • وقال عنه القفطي: “رجلٌ من أهل دمشق في زمن الرَّشيد، وكان خبيراً بالطب، حَسَن المباشرة والمُعالجة”.

وصفات الدمشقي الطبية :-

عيسى بن الحكم الدمشقي تعمَّقَ في مجال توظيف النباتات والكائنات والمعادن وأصناف الحجارة وغيرها للأغراض الصحية وبغية استعمالها من قبل المرضى والمصابين في العلاجات والترياقات، ومن بين وصوفاته :

  • أَسْتُرْغَار : (نبات ينبُت في خراسان)، وقوَّته أحَرٌّ وأيبَس من الأنجدان وأبطأ في المعدة ، وأقل هَضْمَاً للطعام من أصل الأنجدان، وأصل الأنجدان أحَدُّ منه وخاصَّته أن يُغَثِّي ويُقيِّئ بتلذيعه للمعدة إذا أكثر منه وينبغي أن يُستعمل منه خَلّهُ ولا يتعرض بجسمه.
  • نفط: حارٌ في الدَّرجة الرَّابِعة يدرُّ الطمث والبول وينفع من السُّعال العتيق والبهر، واللَّهب، ووجَع الوركين، ولسع الهوام طلاءً.
  • الكبريت: وقوَّته في الحرارة واليُبوسة من الدرجة الرَّابعة، يُذهِب بالبَرَص، ويجلو الكَلَف، ويُذهب بضربان الأُذُن.
  • طين مختوم (مجلوب من جزيرة لميوس): وينفع شرب سحيقه ويَتْفَعهُ من الوباء في زمنه.
  • القلى: حادٌ في الرَّابعة، ومنافِعُه كالمِلح إلَّا أنه أحدُّ من المِلح، ينفعُ من البهق والقُروح، وينفعُ من الجَرَب وتآكل اللَّحم الزَّائد.
  • الودع (مناقف صغار يخرج من البحر، جوفاء يكون في جوفها دويبة كالحلمة): الودع والحلزون إذا أُحرِقَا، جَففا البلة ونفعا من حُروق العين وقطعا الدَّم.

مواقف حصلت مع عيسى بن الحكم :-

  • قال عنه يوسف بن إبراهيم: ” نزلتُ على عِيسَى بن الحكم فِي منزله بِدِمَشْق سنة خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَبِي نزلة صعبة فَكَانَ يغذوني بأغذية طيبَة ويسقيني الثَّلج فَكنت أنكر ذَلِك واعلمه إِن تِلْكَ الأغذية مضرَّة بالنزلة، فيعتل عَليّ بالهواء وَيَقُول: أَنا أعلم بهواء بلدي مِنْك وَهَذِه الْأَشْيَاء الْمضرَّة بالعراق نافعة بِدِمَشْق، فَكنت اغتذي بِمَا يغذوني بِهِ، فلما خرجت عن البلد خَرَجَ مشيعاً لي حتى صرنا على الموضع المعروف بالراهب، وهو الموضع الذي فارقني فيه”، فقال لي: “قد أعددت لك طعاماً يحمل معك يخالف الأطعمة التي كنت تأكلها، وأنا آمرك أن لا تشرب ماء بارداً، ولا تأكل من الأغذية مثل التي كنت تأكلها في منزلي. ثم قال وإن والدي توفِّيَ وهُوَ ابن مئة وخمس سنين، ولم يتشنج له وجه، ولم يتغير ماء وجهه، لأشياء كان يفعلها، فاعمل أنت بها. وهي: أن لا تذوق القديد، ولا تغسل يديك ورجليك عند خروجك من الحمام إلا بماء بارد، فالزم ذلك فأنت منتفع به”.
  • قال يوسف بن إبراهيم أيضاً :” عرض لغضيض أم ولد الرشيد، قولنج، فأحضرتُ ابن الحكم ، وأحضرت الأَبح والطبري المنجميْن، وسألت عيسى عما يرى في معالجتها فقال: إن القولنج قد استحكم بها، وإنها إن لم تبادر بالحقنة لم يؤمن عليها التلف. فقالت للأبح والطبري: اختارا لي وقتاً أعالج فيه. فقال الأبح: علتك هذه ليست من العلل التي يمكن أن يؤخر لها العلاج إلى وقت يحمدهُ المنجمون. ولمَّا سألتُ الطبري عن رأيه قال: القمر اليوم مع زُحَل، وهو في غدٍ مع المشتري، وأنا أرى لك أن تؤخِّري العلاج حتَّى مُقارنة القمر بالمشتري. فقبِلَت غضيض قول الطبري، وهذا ما أدّى إلى وفاتها قبل ذلك الحين”.
ابن الحكم الدمشقي .. الطبيب الشهير.

اقرأ ايضاً ابن ملكا البغدادي .. الطبيب والفيسلوف الأوحد في زمانه

المصادر:-

  • ابن أبي أصيبعة، طبقات الأطباء.
  • جمال الدين القفطي،  تاريخ الحُكَمَاء.
  • العمري، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار.
  • باقر علي الورد، معجم العلماء العرب.
Exit mobile version