من هو ابن جميع ؟
هبة الله بن زين بن حسن بن افرائيم بن يعقوب بن إسماعيل بن جميع، أبو العشائر، شمس الرياسة الإسرائيلي من الأطباء المشهورين، كثير الاجتهاد في صناعة الطب، جيد التصنيف.
ولد بفسطاط مصر سنة 594هـ، ونشأ به، وخدم الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي، وارتفعت منزلته عنده.
اعتمد الملك الناصر عليه كثير الاعتماد في صناعة الطب.
مكانته العلمية:–
نبغ ابن جميع الفيلسوف القبطي والطبيب الذي ألَّف فى الأدوية والعطور والعقاقير والسموم، وذلك بعد أن تلقى تعليمه الأول فى الكتاتيب القبطية، وبعد أن نال قسطاً من التعليم في الكتاتيب؛ انخرط فى سلك كُتَّاب الدَّولة، حتى وَصَل إلى منصب كاتب الأمير، ثم انكب على دراسة كتب الأدوية فى مختلف العلوم المدنية والدينية واللغوية.
كان ابن جميع من مشهوري الأطباء ومذكوري العلماء، كثير الاجتهاد في صناعته، حَسَن المعالجة للمرضى، جيد التصنيف.
وقد كان له مجلسا عاما للذين يشتغلون عليه بالطب، فذكر الشيخ السديد ابن أبي البيان أنه قرأ صناعة الطب على ابن جميع كما ذكر أنه كان كثير التحصيل في صناعة الطب، متصرفا في علمها، فاضلا في أعمالها.
هذا وقد كان لابن جميع نظر في العربية وتحقيق للألفاظ اللغوية، وكان لا يٌقرئ إلا وكتاب الصحاح الجوهري بين يديه، ولم تمر كلمة لغوية لم يعرفها على حقيقتها إلا كشف عنها واطلع على حقيقتها.
فضائله:–
ومن بين غرائب القصص التي بلغتنا عن هذا العلامة:
قال ابن أبي أصيبعة صاحب “الطبقات: حدثني بعض المصريين أن ابن جميع كان يوماً جالساً في دُكاَّنه عند سوق القناديل بفسطاط مصر، وقد مرَّت عليه جنازة، فلما نظر إليها صاح بأهل الميت وذكر لهم بأن صاحبهم لم يمُت وأنهم إن دفنوه فهم يدفنونه حياً.
قال: فبقوا ناظرين إليه كالمتعجبين من قوله ولم يصدقوه فيما قال، ثم إنَّ بعضهم قال لبعض هذا الذي يقوله ما يضرنا، إننا نمتحنه فإن كان حقاً فهو الذي نريده، وإن لم يكن حقاً فما يتغير علينا شيء، فاستدعوه إليهم، وقالوا بيّن الذي قد قلت لنا، فأمرهم بالسَّير إلى البيت وأن ينزعوا عن الميت أكفانه وقال لهم: إحملوه إلى الحمَّام ثمَّ سَكَب عليه الماء الحَار وأحمي بدنه و نطله ينطولات و عطَّسه فرأوا فيه أدنى حس، وتحرَّك حركةً خفيفة.
فقال أبشروا بها، ثم تم علاجه إلى أن أفاق وصلُح، فكان ذلك مبدأ اشتهاره بجودة الصناعة والعلم، وظهرت عنه كالمعجزة.
ثم إنه سُئل بعد ذلك من أين علمت أن ذلك الميت وهو محمول وعليه الأكفان أنَّ فيه روحاً؟.، فقال: إني نظرت إلى قدميه فوجدتهما قائمتين، وأقدامُ الذين قد ماتوا تكون منبسطة فحدستُ أنه حيٌّ وكان حَدسي صائباً.
مؤلفاته:–
كان ابن جميع عالمًا فاضلًا ولاهوتيًا ضليعًا ومؤرخًا كنسيًا من المتضلعين في التاريخ الكنسي والطقوس وغيرها من العلوم الدينية… ما يجعل كتبه متعددة المجالات، تتأرجح بين الطِب والصيدلة واللاهوت.
نذكر من هذه المصنفات ما يلي:
- السلم الكبير: قاموس للغة القبطية.
- الإرشاد لمصالح الأنفس والأجساد.
- التصريح بالمكنون في تنقيح القانون لابن سینا.
- خواص الليمون وما يركب منه .
- كتاب عن الميرون، وصف فيه ابن جميع المواد التي يتألف منها وكيفية طبخه (الميرون كلمة يونانية معناها دهن أو طيب أو رائحة عطرة، تستخدم في الطقوس المسيحية).
- جلاء العقول في علم الأصول، الملقب بكشف الأسرار الخفية في أسباب المسيحية، يتضمن 18 فصلًا في وحدانية الله وتثليث أقانيمه والتجسد الإلهي.
- مصباح الظلمة وإيضاح الخدمة، يمثل موسوعة لاهوتية كنسية.
- البيان الأظهر في الرد على من يقول بالقضاء والقدر.
- الخطب، خاصة بالأعياد والمواسم.
- مقالة في الليمون وشرابه ومنافعه.
- الرسالة السيفية في الأدوية الملوكية .
- رسالة إلى القاضي المكين أبي القاسم علي بن الحسين .
- المهذب من المجرب في الطب.
وفاة ابن جميع:-
قضى ابن جميع آخر أيام حياته فى عُزلة تامة في داره وذلك حينما أحسَّ بالضعف الشديد وقُرب نهاية أجله، وقد توفِّيَ سنة 631هـ، فى عهد البابا يؤانس التاسع ودفن على الأرجح في الكنيسة المعلقة.
المصادر:–
- محمد فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرون – المجلد الثالث.
- يعقوب ملطي؛ قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية.
- ابن فضل الله العمري؛ مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، تحقيق كامل سلمان الجبوري، ج12.
- إسماعيل باشا بن محمد أمين؛ هدية العارفين أسماء المؤلفين والمصنفين، المجلد السابع.
- سليم عبابنة؛ معجم أعلام الطب في التاريخ العربي الإسلامي.