توطئة:-
اُشتُهِر علامتنا بالجمع بين العلوم التجريدية كالرياضيات و تلك التطبيقية كالفلك والكيمياء والطب، ناهيك عن براعته في الأدب والشِعر وعلوم الدين، فكان عالماً موسوعياً من مشاهير عصره، تتلمذ على يديه شيوخ من خيرة علماء العرب والمسلمين هو كمال الدين بن موسى بن يونس العقيلي الموصلي.
من هو ابن يونس ؟
عالم الفلك والطبيعة والمنطق والحكمة، والطب وفنون الرياضة والموسيقى،
كمال الدين بن موسى بن يونس بن محمد بن مالك العقيلي، ولد سنة 550هـ في الموصل
بالعراق، تفقه في علوم الدين وحفظ القرآن الكريم ودرس الفلسفة والمنطق والحكمة
والرياضيات والموسيقى والأدب والشعر والتاريخ، كما نبغ في
الفقه والتفسير والحديث واللغة العربية والبلاغة وتكونت لديه ذاكرة قوية هيأته لأن
يكون مرجعاً في تاريخ العرب وحكاياتهم وأيامهم ووقائعهم وحروبهم وأشعارهم وقصصهم.
درس بالمدرسة النظامية ببغداد ، وقَصَده
العلماء للأخذ عنه ، واستخرج في علم “الأوفاق” طرقاً لم يهتدِ إليها أحد. وكان النصارى واليهود
يتلون عليه التوراة والإنجيل ، ويشرحهما شرحاً وافية.
من مشايخ ابن يونس الذين دَرَس على
يدهم نذكر؛ والده، والسيد السلماسي، والإمام يحيى بن سعدون.
أما تلامذته فهم من كبار علماء الثقافة الاسلامية، من أهمهم ابن خلکان، وابن الأثير وغيرهما.
نبوغه وعبقريته:–
من دلائل عبقرية هذا العالم الجليل أن الملوك والعلماء والفقهاء
والأجانب كانوا يرجعون إليه حين يعجزون عن حل بعض القضايا في العلوم المختلفة، فقد
وفد إليه رسول من الإمبراطور فردريك الثاني ومعه مسائل في علم النجوم ووجد لها
الإجابة الشاملة لدى كمال الدين بن يونس الذي اكتسب ثقافة علمية كبيرة في مختلف
علوم التراث والدين واللغة والفلك والنجوم.
كذلك تميز علامتنا بالبحث الدائم عن الحقيقة والاطلاع على الكتب
والحقائق بنفسه وكشف الغامض من القضايا، والعسير من الأمور، بحيث يُجلّي الحقيقة
ويُقدِّمها ناصعة مشرقة أمام الباحثين والقراء والدارسين.
و من سمات تميز ابن يونس ؛ أن أهل الذمة كانوا يتلون عليه التوراة والإنجيل ويشرح لهم هذين الكتابين المقدسين شرحاً عميقاً يعترفون له بفضله، وأنه الوحيد الذي ألمّ بالعلم وأصوله والأديان وتفسيرها.
وبذلك كان من أهم فقهاء زمانه ونابغة عصره، كما قيل إنه على دراية
وعلم وافٍ بأربعة وعشرين فناً من الفنون.
ابن يونس وعلم الفلك:–
اهتم كمال الدين بن يونس بالفلك ورصد الكواكب والأجرام السماوية أنثاء
تواجده في الموصل، مما دعاه الى تأليف كتاب عن الأسطرلاب، لكي يستخدمه في أعماله
الرصدية هناك، كذلك اخترع علامتنا آلة رصد سماها “البركار التام” لرسم
أنواع المخروطات الهندسية التي كان يعتمد عليها في علم الفلك، وقد استفاد علماء
العرب والمسلمين عبر تاريخهم من هذه الآلة فائدة عظيمة في عملية الرصد.
هذا وقد اعتبر عدد من العلماء أن ابن يونس سبق العالم الفلكي
والفيزيائي الإيطالي جاليليو جاليلي (1564 -1642 م) في اكتشاف بعض القوانين التي
تتعلق بالرقّاص، ورغم أن قانون الرقاص من اكتشاف جاليليو؛ إلا أن كمال الدين أضاف
معلومات عن هذه الأداة أذهلت العلماء فاعترفوا له بالسبق والريادة في هذا المجال.
أقوال العلماء فيه :–
كتاب وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان: “وكان شيخنا تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح – المقدم ذكره – يبالغ في الثناء على فضائله وتعظيم شأنه وتوحده في العلوم، فذكره يوما وشرع في وصفه على عادته، فقال له بعض الحاضرين: یاسیدنا، علی من اشتغل ؟ ومن كان شيخه؟ فقال: هذا الرجل خلقه الله تعالى عالم إمامة في فنونه، لا يقال على من اشتغل ولا من شيخه، فإنه أكبر من هذا.”
كتاب تاريخ إربل : “هو عالم مقدم، ضَرَب في كُل علم، وهو في علم الأوائل کالهندسة والمنطق وغيرهما ممن يشار إليه، حل إقليدس والمجسطي على الشيخ شرف الدين المظفر بن محمد بن المظفر الطوسي الفارابي، يعني صاحب الأصطرلاب الخطي المعروف بالعصا.”
كتاب عيون الأنباء: “حدثني القاضي نجم الدين عمر بن محمد بن الكريدي قال: وكان ورد إلى الموصل كتاب الإرشاد للعميدي، وهو يشتمل على قوة من خلاف الجدل، وهو الذي يسمونه العجم (جست) أي الشطار، فلما أحضر إلى الشيخ كمال الدين بن يونس نظر فيه وقال: علم مليح ما قصر فيه مؤلفه، وبقي عنده يومين حتی حرر جميع معانيه ثم إنه أقراه الفقهاء وشرح لهم فيه أشياء ما ذكرها أحد سواه، وقيل: إن كمال الدين بن يونس كان يعرف علم السيمياء من ذلك.”
ابن المستوفي: “وردت عليه مسائل من بغداد في مشكلات هذا العلم، فحلها واستصغرها، ونبه على براهينها، بعد أن احتقرها، وهو في الفقه والعلوم الإسلامية نسيج وحده، ودرس في عدة مدارس بالموصل، وتخرج عليه خلق كثير في كل فن.”
كتاب المختصر في أخبار البشر: “وكان الشيخ كمال الدين بن يونس يتهم في دينه لكون العلوم العقلية غالبة عليه، وكانت تعتريه غفلة لاستيلاء الفكرة عليه.”
ابن أبي أصيبعة: ” كان كمال علامة زمانه وأوحد أوأنه وقدوة العلماء وسيد الحكماء، قد أتقن الحكمة وتميز في سائر العلوم، برع في الحساب ونظرية الأعداد وقطوع المخروط وكتب في المربعات السحرية والجبر والسيمياء والكيمياء والأعداد المربعة والمسبع المنتظم والصرف والمنطق، وقد حل مسألة تتعلق بإنشاء مربع يكافئ قطعة من دائرة. ويقال إن الأبهري الذي سبق ذكره قد برهن على صحة حل ابن يونس وعمل في ذلك مقالة. وعلى ذكر الأبهري فإن له مؤلفات قيمة في علم الهيئة والإسطرلاب ورسائل نفيسة في الحكمة والمنطق والطبيعيات والإيساغوجي.”
أهم مؤلفات كمال الدين بن يونس:–
من المؤسف أنه لم يصلنا من نتاج كمال الدين إلا القليل، فقد ضاع أكثره
أثناء الانقلابات والفتن التي حدثت في العراق، ونذكر مما بلغنا من مؤلفات هذا
العالم؛ شرح كتاب التنبيه في الفقه، کتاب کشف المشكلات وإيضاح المعضلات في تفسير
القرآن، كتاب مفردات ألفاظ القانون، كتاب في الأصول، كتاب في الفلك، كتاب في
المنطق، كتاب الأسرار السلطانية في النجوم، كتاب في الحكمة، کتاب عیون المنطق،
ودواوين شعرية متعددة .
وفاته:–
توفي ابن يونس سنة 639هـ بالموصل حيث قضى حياته في المدينة وألَّف جميع
كتبه.
المصادر:–
خير الدين الزركلي: كتاب الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء
من العرب والمتعربين والمستشرقين، دار العلم للملايين.
وليد الزبيري وآخرون : الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة، سلسلة إصدارات الحكمة.
علي عبد الفتاح: أعلام المبدعين من العرب والمسلمين، دار ابن حزم.
توطئة:-
اُشتُهِر علامتنا بالجمع بين العلوم التجريدية كالرياضيات و تلك التطبيقية كالفلك والكيمياء والطب، ناهيك عن براعته في الأدب والشِعر وعلوم الدين، فكان عالماً موسوعياً من مشاهير عصره، تتلمذ على يديه شيوخ من خيرة علماء العرب والمسلمين هو كمال الدين بن موسى بن يونس العقيلي الموصلي.
من هو ابن يونس ؟
عالم الفلك والطبيعة والمنطق والحكمة، والطب وفنون الرياضة والموسيقى،
كمال الدين بن موسى بن يونس بن محمد بن مالك العقيلي، ولد سنة 550هـ في الموصل
بالعراق، تفقه في علوم الدين وحفظ القرآن الكريم ودرس الفلسفة والمنطق والحكمة
والرياضيات والموسيقى والأدب والشعر والتاريخ، كما نبغ في
الفقه والتفسير والحديث واللغة العربية والبلاغة وتكونت لديه ذاكرة قوية هيأته لأن
يكون مرجعاً في تاريخ العرب وحكاياتهم وأيامهم ووقائعهم وحروبهم وأشعارهم وقصصهم.
درس بالمدرسة النظامية ببغداد ، وقَصَده
العلماء للأخذ عنه ، واستخرج في علم “الأوفاق” طرقاً لم يهتدِ إليها أحد. وكان النصارى واليهود
يتلون عليه التوراة والإنجيل ، ويشرحهما شرحاً وافية.
من مشايخ ابن يونس الذين دَرَس على
يدهم نذكر؛ والده، والسيد السلماسي، والإمام يحيى بن سعدون.
أما تلامذته فهم من كبار علماء الثقافة الاسلامية، من أهمهم ابن خلکان، وابن الأثير وغيرهما.
نبوغه وعبقريته:–
من دلائل عبقرية هذا العالم الجليل أن الملوك والعلماء والفقهاء
والأجانب كانوا يرجعون إليه حين يعجزون عن حل بعض القضايا في العلوم المختلفة، فقد
وفد إليه رسول من الإمبراطور فردريك الثاني ومعه مسائل في علم النجوم ووجد لها
الإجابة الشاملة لدى كمال الدين بن يونس الذي اكتسب ثقافة علمية كبيرة في مختلف
علوم التراث والدين واللغة والفلك والنجوم.
كذلك تميز علامتنا بالبحث الدائم عن الحقيقة والاطلاع على الكتب
والحقائق بنفسه وكشف الغامض من القضايا، والعسير من الأمور، بحيث يُجلّي الحقيقة
ويُقدِّمها ناصعة مشرقة أمام الباحثين والقراء والدارسين.
و من سمات تميز ابن يونس ؛ أن أهل الذمة كانوا يتلون عليه التوراة والإنجيل ويشرح لهم هذين الكتابين المقدسين شرحاً عميقاً يعترفون له بفضله، وأنه الوحيد الذي ألمّ بالعلم وأصوله والأديان وتفسيرها.
وبذلك كان من أهم فقهاء زمانه ونابغة عصره، كما قيل إنه على دراية
وعلم وافٍ بأربعة وعشرين فناً من الفنون.
ابن يونس وعلم الفلك:–
اهتم كمال الدين بن يونس بالفلك ورصد الكواكب والأجرام السماوية أنثاء
تواجده في الموصل، مما دعاه الى تأليف كتاب عن الأسطرلاب، لكي يستخدمه في أعماله
الرصدية هناك، كذلك اخترع علامتنا آلة رصد سماها “البركار التام” لرسم
أنواع المخروطات الهندسية التي كان يعتمد عليها في علم الفلك، وقد استفاد علماء
العرب والمسلمين عبر تاريخهم من هذه الآلة فائدة عظيمة في عملية الرصد.
هذا وقد اعتبر عدد من العلماء أن ابن يونس سبق العالم الفلكي
والفيزيائي الإيطالي جاليليو جاليلي (1564 -1642 م) في اكتشاف بعض القوانين التي
تتعلق بالرقّاص، ورغم أن قانون الرقاص من اكتشاف جاليليو؛ إلا أن كمال الدين أضاف
معلومات عن هذه الأداة أذهلت العلماء فاعترفوا له بالسبق والريادة في هذا المجال.
أقوال العلماء فيه :–
كتاب وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لابن خلكان: “وكان شيخنا تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح – المقدم ذكره – يبالغ في الثناء على فضائله وتعظيم شأنه وتوحده في العلوم، فذكره يوما وشرع في وصفه على عادته، فقال له بعض الحاضرين: یاسیدنا، علی من اشتغل ؟ ومن كان شيخه؟ فقال: هذا الرجل خلقه الله تعالى عالم إمامة في فنونه، لا يقال على من اشتغل ولا من شيخه، فإنه أكبر من هذا.”
كتاب تاريخ إربل : “هو عالم مقدم، ضَرَب في كُل علم، وهو في علم الأوائل کالهندسة والمنطق وغيرهما ممن يشار إليه، حل إقليدس والمجسطي على الشيخ شرف الدين المظفر بن محمد بن المظفر الطوسي الفارابي، يعني صاحب الأصطرلاب الخطي المعروف بالعصا.”
كتاب عيون الأنباء: “حدثني القاضي نجم الدين عمر بن محمد بن الكريدي قال: وكان ورد إلى الموصل كتاب الإرشاد للعميدي، وهو يشتمل على قوة من خلاف الجدل، وهو الذي يسمونه العجم (جست) أي الشطار، فلما أحضر إلى الشيخ كمال الدين بن يونس نظر فيه وقال: علم مليح ما قصر فيه مؤلفه، وبقي عنده يومين حتی حرر جميع معانيه ثم إنه أقراه الفقهاء وشرح لهم فيه أشياء ما ذكرها أحد سواه، وقيل: إن كمال الدين بن يونس كان يعرف علم السيمياء من ذلك.”
ابن المستوفي: “وردت عليه مسائل من بغداد في مشكلات هذا العلم، فحلها واستصغرها، ونبه على براهينها، بعد أن احتقرها، وهو في الفقه والعلوم الإسلامية نسيج وحده، ودرس في عدة مدارس بالموصل، وتخرج عليه خلق كثير في كل فن.”
كتاب المختصر في أخبار البشر: “وكان الشيخ كمال الدين بن يونس يتهم في دينه لكون العلوم العقلية غالبة عليه، وكانت تعتريه غفلة لاستيلاء الفكرة عليه.”
ابن أبي أصيبعة: ” كان كمال علامة زمانه وأوحد أوأنه وقدوة العلماء وسيد الحكماء، قد أتقن الحكمة وتميز في سائر العلوم، برع في الحساب ونظرية الأعداد وقطوع المخروط وكتب في المربعات السحرية والجبر والسيمياء والكيمياء والأعداد المربعة والمسبع المنتظم والصرف والمنطق، وقد حل مسألة تتعلق بإنشاء مربع يكافئ قطعة من دائرة. ويقال إن الأبهري الذي سبق ذكره قد برهن على صحة حل ابن يونس وعمل في ذلك مقالة. وعلى ذكر الأبهري فإن له مؤلفات قيمة في علم الهيئة والإسطرلاب ورسائل نفيسة في الحكمة والمنطق والطبيعيات والإيساغوجي.”
أهم مؤلفات كمال الدين بن يونس:–
من المؤسف أنه لم يصلنا من نتاج كمال الدين إلا القليل، فقد ضاع أكثره
أثناء الانقلابات والفتن التي حدثت في العراق، ونذكر مما بلغنا من مؤلفات هذا
العالم؛ شرح كتاب التنبيه في الفقه، کتاب کشف المشكلات وإيضاح المعضلات في تفسير
القرآن، كتاب مفردات ألفاظ القانون، كتاب في الأصول، كتاب في الفلك، كتاب في
المنطق، كتاب الأسرار السلطانية في النجوم، كتاب في الحكمة، کتاب عیون المنطق،
ودواوين شعرية متعددة .
وفاته:–
توفي ابن يونس سنة 639هـ بالموصل حيث قضى حياته في المدينة وألَّف جميع
كتبه.
المصادر:–
خير الدين الزركلي: كتاب الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء
من العرب والمتعربين والمستشرقين، دار العلم للملايين.
وليد الزبيري وآخرون : الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة، سلسلة إصدارات الحكمة.
علي عبد الفتاح: أعلام المبدعين من العرب والمسلمين، دار ابن حزم.