Site icon العربي الموحد الإخبارية

ابن طاهر البغدادي …الفقيه البارع في الحساب

البغدادي أو ربما قد تَسمع عنه باسم بـ ابن طاهر ،هو عبد القاهر ابن طاهر بن محمد البغدادي التميمي الشافعي المكنى بالبغدادي، نسبة إلى عاصمة العباسيين والذي ولد فيها سنة (980 للميلاد).

يعود في نسبه إلى قبيلة بني تميم والتي تعتبر من أشرف
قبائل العرب العريقة في شبه الجزيرة العربية، وينسب نفسه إلى المذهب الفقهي
الشافعي.

تعلم ابن طاهر البغدادي الفقه والشريعة الإسلامية في المدرسة الفقهية التي أسسها الإمام محمد إدريس الشافعي (767-820 م) وهو المذهب الذي قام على تعاليم القرآن الكريم وشريعته وعلى الحديث الشريف، هذا المذهب يؤكد على ضرورة التفكر وإعمال العقل عندما غياب النص الديني في مواجهة مسألة ما.

الإمام الشافعي - أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة
الإمام الشافعي – أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة

مكانة ابن طاهر البغدادي العلمية:.

مع أن البغدادي نشأ في عاصمة خلافة العباسيين؛ إلى أنه تجواله
مع أبيه قاده إلى مدينة نيسابور الواقعة في منطقة طوس الإيرانية، ويظهر أنه كان يمتلك
الموارد المالية الكافية والكفيلة بتحمله النفقات العالية للتعلم والبحث.

بقي ابن طاهر البغدادي في نيسابور حتى وقعت الأخيرة فريسة للاضطراب السياسي، حيث بدأت تعج بالخلافات والنزاعات والفتن بين قبائل التركمان، وفي سبيل الحصول على المعرفة؛ قرر البغدادي الذهاب إلى مكان أكثر هدوءاً واستقراراً يتمكن فيه من مواصلة حياته العلمية، فوقع اختياره على مدينة أصفهان.

في أصفهان؛ كان ابن طاهر البغدادي قادراً على التعلم والتعليم، فهو يعتبر أحد أعظم المعلمين الذين عُرفوا في تلك الحقبة الزمنية، لدرجة أن أهل نيسابور قد انتابهم الحزن العميق على فقدهم هذا الشخص البارز الذي توجه في أصفهان مباشرة إلى التعليم في المساجد حيث كان يعلم فيها لوجه الله دون أي أجر، فقد كان مكتفيا ً بماله، مكرساً حياته للسعي خلف المعرفة للتعلم والتعليم.

أبرز مؤلفاته الدينية والفقهية:-

  • نفي خلق القرآن.
  • تفسير القرآن.
  • الإيمان وأصوله.
  • تفسير آيات الله الحسنى.
  • الناسخ والمنسوخ.
  • التكملة في الحساب.
  • الملل والنحل.
  • الفَرق بين الفِرَق.
  • العماد في مواريث العباد.

كتبه العلمية:-

ويلاحظ أن كتابات ابن طاهر البغدادي كانت تتمحور حول العقيدة وعلوم الدين وفقهه، ومع ذلك؛ فإنه لديه كتابين على الأقل يبحثان في علم الرياضيات.

الكتاب الأول الذي قام
بكتابته ابن طاهر البغدادي هو “المساحة” الذي يبحث في الأطوال ومساحات
الأشكال وأحجامها.

بينما يسمى كتابه الثاني والأهم بـ ” التكملة في الحساب”، هذا المؤلَّف الذي اعتمد فيه البغدادي مجموعة من النظم الحسابية من الأعداد التي يمكن عدّها على الأصابع، مروراً بنظام العد الستيني، انتهاءً بآليات حساب الأرقام ونظام الأعداد الكسرية.

ضمن هذا العمل؛ عكف البغدادي على تبيان أهمية كل نظام
حسابي مع تفضيله الاعتماد على الحسابات الهندية وكسورها.

 في هذا الكتاب؛ قام البغدادي بتسليط الضوء على السبب الذي أدى إلى انقسام علماء الرياضيات بين الخوارزميين (من اقتدى بما وصل إليه الخوارزمي وواصل مسيرة تطويره) وبين العدادين (الذين يعتمدون على الأعداد الهندية والعد في عملهم).

في الواقع؛ اتبع الخوارزميون أساليب عد محمد بن موسى الخوارزمي (781-850 م) التي فُقدت أطروحاتها، فالخوارزمي لم يعمل في الحقيقة على الأرقام الهندية بل على أسلوب العد المعتمد على الأصابع (الأعداد الطبيعية)، وهذا ما يشير إليه البغدادي في كتابه “التكملة في الحساب”.

وبالتدقيق في نظرية الأعداد التكميلية؛ نجد أن البغدادي
يقدم أسلوب مناقشة مميز ومثير للاهتمام في دراسته لكل من الأعداد الزائدة، الأعداد
الناقصة، الأرقام الكاملة، بالإضافة إلى الأرقام المكافئة.

 وبالاستعانة بالترميز الحديث؛ نجد أنه بفرض الدالة (Sn)  تعبر عن الدالة التي تتغير تبعاً لقيمة (n) وهي مجهول ينتمي إلى مجموعة الأعداد الصحيحة.

 يقوم البغدادي
بتحديد مجموعة الأعداد الكاملة بأنها الأرقام (n)
التي تعرف بترميز اليوم بـ (S(n)=n)، ويعرف الأعداد
الزائدة بأنها تلك التي فيها (n) تحقق S(n)>n
 بينما تعرف الأرقام الناقصة بأنها تلك التي تكون
فيها (n) تحقق
(S(n)

تميزه عن الإغريق:

وهذه الأعداد قد تمت دراستها سابقاً ببعض من الاهتمام من
قبل علماء الإغريق القدماء، ولكن ما يذكر للبغدادي فيها أنه قد حدد الرقم (945)
بأنه العدد الوفير الأصغر، هذا الإنجاز الذي بات ينسبه العالم الغربي اليوم إلى عالم
الرياضيات الفرنسي كلود غاسبارد باشي دي الذي عاش في القرن السابع عشر الميلادي.

في القرن الأول للميلاد (100م)؛ قام العالم اليوناني
نيقوماخس الجرشي بتقديم بعض الادعاءات المتعلقة بالأعداد الكاملة والتي بقيت مقبولة
لدى الرياضيين في أوروبا لغاية القرن السادس عشر الميلادي.

ولكن بالنسبة للبغدادي كانت بعض مسلمات نيقوماخس في هذه الأعداد
مجرد أفكار لا صحة رياضية لها بقوله:

المسلمون قدموا للبشرية مساهمات علمية بارزة

“إن من قام بالتأكيد على أنه يوجد
فقط رقم كامل واحد في كل قوة من (10) فهو على خطأ، فلا يوجد أي رقم مثالي بين
العشرة آلاف وبين رقم مائة ألف. بينما إن كل من يؤكد على أن الأرقام المثالية
تنتهي بأحد الرقمين (6 او 8) فهو على صواب”.

الأرقام المتكافئة:

لم يقف البغدادي هنا بل تابع في دراسة الأرقام المتكافئة
ويعتبر تاريخياً هو أول من قام بذلك، حيث قام بفرض أن الرقمين (n,
m) هما رقمين متكافئين في حال تحققت العبارة (S(n)=S(m))،
ثم يتبحر بعد ذلك في الإشكالية الرياضية بالاعتماد على عدد (K)
حيث أوجد قيمة كل من (n,m) علماً بأن S(n)=S(m)=k.

وبالفعل فإن الطريقة التي يقترح بها البغدادي الحل هي
طريقة سلسة وجميلة حيث يتابع الإشكالية بفرض أن (k=57)
، فمنه يحصل على أن S (159) =57, S
(559) =57 ، ومع ذلك فقد غاب عن
البغدادي أن S(703)=57 أيضاً.

و ما وصل إليه البغدادي في الأعداد المتحابة (الودية) تتضمن اختلافاً طفيفاً عما بلغه العالم ثابت بن قرة الحراني (836-901 م)، فالأعداد المتحابة التي يمكن فهمها عبر الترميز الحديث بأنه يكون الرقمين (n, m) رقمين وديين في حال تحقق S(n)=n, S(m)=m.

وفاة ابن طاهر البغدادي :

توفي البغدادي سنة 1037 للميلاد في أسفرة (طاجاكستان
حالياً) عن عمر يناهز الثالثة والخمسين عاماً تاركاً خلفه العديد من المؤلفات
الشرعية والرياضية، هذا فضلا عن توريثه سمعة طيبة كمرب ومعلم فاضل.

المصادر:

http://mathshistory.st-andrews.ac.uk/Biographies/Al-Bghdadi.html

Exit mobile version