اسمهُ ونشأتهُ:–
هو أبو عبد الله، محمد بن موسى الخوارزمي الفارسي، النابغة في كل من: الحساب، الجبر والهندسة مع الفلك.
العالِم الذي وُلِد سَنة (163هـ، 780م) كان قد أبدع في شتى العلوم وذلك خلال عهد الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد، وحينذاك؛ كان أحد العلماء الجهابذة في بيت الحكمة في بغداد.
مكانة بيت الحكمة:-
وكان قد احتشد في بيت الحكمة أكبر علماء الأرض، كما اجتمع فيها كبار العلماء والفلاسفة والفقهاء، إلى أن تم الإجهاز على إرثها الكبير خلال الغزو المغولي لدار السلام بغداد في العام 656 هجري، 1285 ميلادي.
وآنذاك؛ نجا من مكتبة بيت الحكمة 400 ألف كتاب نفيس فقط، وذلك بفضل
جهود الموسوعي العملاق نصير الدين الطوسي (1201-1274 م) والذي أفلح في اقناع زعيم
الجيش المغولي هولاكو بالإبقاء على هذه المؤلَّفات التي لا تقارن في عددها مقارنة
بما تم القاؤه في نهر دجلة.
عصر الخوارزمي:–
سُمِّي العَصر الذي نشط فيه بعصرِ الخوارزمي، حيث يُعتبر أعظم علماء الرياضيين في عهد المأمون (786 -833 م) وفي مجالِسه، فهوَ واضِع أُسُس عِلم الجبر.
الخوارزمي وعلم الجبر:–
قام الخوارزمي بتطوير مفهوم الخوارزمية في علم الرياضيات، لذا كان
يستحق ان يُطلِق عليه بعض التقنيين والعلماء المعاصرين لقبَ “جدّ”
الحوسبة وعلومها.
في الحقيقة ما وضعه الخوارزمي يُشكِّل حَجَرَ الأساس ومُنطلق العلوم بأكملها، فعِلم الجَبر الذي قامت عليه الثورة التقنية اليوم هو نتيجة لكتابات ومخطوطاته وخاصة تحفته “الجبر والمقابلة”.
والجبر هو إزالة الطرح من المعادلة والمقابلة بين الكميَّات المتشابهة في طرفي المعادلة، بأن تلقي الكميَّة من شبيهتها فلا يبقى منهما إلَّا واحدة في أحد الطرفين، وهذا هو في الواقع ما يجده لكتاب “الجبر والمقابلة” بدقَّة وإمعان.
كتاب يُمثِّل نقلة نوعية:–
هذا الكتاب تم ترجمته من
العربية إلى اللاتينية لمرتين كل من جيرارد الكرموني وروبرت تشستر وذلك في القرن
الثاني عشر للميلاد.
هذا المؤلَّف المميز يقوم فيه الخوارزمي بالعمل على المئات من
المعادلات التربيعية البسيطة، وذلك عبر اتباع أساليب التحليل، بالإضافة إلى طرح
الأمثلة الهندسية.
والبديع في كتاب الخوارزمي أنه
أوجد عبارات مبسطة لتقسيم الأراضي والميراث، فقد كان يحاول قدر الإمكان أن يوجد
حلاً للمشكلات العملية الحسابية بأساليب أكثر مرونة من نمط الحل الرياضي الذي تم
الاعتياد عليه وتعارف عليه في عصره.
ومن الجدير بالذكر أن الخوارزمي
توجه بالبحث والعمل في المعادلات من الدرجة الأولى والثانية.
أعمال الخوارزمي:–
اعتنى محمد بن موسى الخوارزمي بعِلم الفلك، فدرس التقاويم الفلكية،
كما قام بحساب وقياس مواضع كل من الشمس والقمر الحقيقية وبعد الكواكب عنها.
ويذكر من أعمال الخوارزمي في الفلك؛ أنه بحَثَ في الجداول المثلثية
والجيب والتجيب.
هذا إلى جانب بحثه في علم الفَلَك الكروي والذي تَطرَّق فيه إلى أطوار
القمر مع دراسة حالات الخسوف والكسوف، مرتكزاً على عَمل من سبقه من علماء الفلك
والباحثين فيه.
الخوارزميات:–
لقد سُميَّت الأعمال المتعلقة بالرياضيات ومعادلات هذا العِلم فيما
بعد بـ”الخوارزميات”.
ففي يومنا هذا تستعمل الخوارزميات تبعاً لمبادئ الجمع والقسمة طويلة،
وهي ذات المبادئ التي وضعها الخوارزمي قبل (1200) سنة على أقل تقدير.
الأرقام العربية:–
كما يعود الفضل للخوارزمي في
إدخال الأرقام العربية إلى العالم الأوروبي والذي نقلها عبر كتاباته، فهو الذي أوصل
للغرب؛ الأرقام العربية التسعة مضافاً إليها الصفر.
لم يقتصر الخوارزمي على تعليم الغرب كتابة الأعداد والحساب، فقد تخطَّى تلك المرحلة إلى المُعقَّد من مشاكل الرياضيات، وما زالت القاعدة الحسابية اللوجارتمية حتى اليوم تحمل اسمه كعَلَم من أعلامها، وعُرِفَ أنصاره في إسبانيا وألمانيا وإنجلترا -الذين كافحوا كفاحاً مريراً من أجل نشر طريقته الرياضية- باسم الخوارزميين، وكان ظفرهم على أنصار الحسابية المعروفة باسم “أباكوس” عظيماً، فانتشرت الأرقام العربية يتقدَّمها الصِّفر في كُلِّ أنحاءِ أوروبا.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
الجغرافيا أيضاً:–
لم يكتفِ الخوارزمي بالعملِ في الرياضيات والفلك؛ بل ساهمَ بشكلٍ كبيرٍ
في علم الجغرافيا ووضع بصمته المؤثرة في هذا المضمار.
فقد قام بمراجعة أعمال الإغريقي بطليموس (100-170 م) في الجغرافيا، فعَمَدَ
إلى تنظيمها مُصححاً بحث الأول وذلك عبر استعماله لنتائج وحسابات خاصة به كتبها في
مخطوطته التي تحمل اسم (صورة الأرض).
اليوم؛ تم العثور على المخطوطة
النصية، ولكن الخرائط لم تنجُ بسبب تعرضها لظرِوف الزمن والمناخ، لكن ومن خلال الوَصّف
الدقيق لأبي عبد الله في كتاباته؛ فقد تمكن العلماء من إعادة تكوين الخرائط
المذكورة ورسمها.
الخوارزمي رسم الخرائط بدقّة:–
ومن المُذهل أن الخوارزمي نجح برسم 70 خريطة وصورة جغرافية للعالم الذي عرفهُ في تلك الفترة، وذلك بدقّة كبيرة للغاية.
ومن المرجَّج أن الخوارزمي؛ ساهم في عملية قياس درجتين أرضيتين زمن المأمون لتقدير حجم الأرض، وبرسم خريطة جغرافية كبيرة للعالم.
وهذا ما يُضاف إلى إنجازاته
المنقولة والمترجمة إلى اللاتينية لتكون علامة فارقة ومؤثرة في العلوم الغربية.
الساعة الشمسية:–
لا يمكن لأي باحث أو عالم إلا أن يهتم بالوقت، وهو ما عمل عليه
الخوارزمي، حيث قام بإدخال التحسينات على الساعة الشمسية التي كان يستدل بها في
معرفة أوقات الصلاة ضمن المساجد.
فمربع الظل الذي ابتدعه الخوارزمي ليحدد مدى ارتفاع جسم ما، كان
عاملاً حاسماً مساعداً في تحديد الوقت بدقة في مدينة بغداد وذلك خلال القرن التاسع
للميلاد.
التعامل مع اللغات أيضاً !!
لا يمكن حصر أعمال محمد بن موسى الخوارزمي في اتجاه أو قالب معين، فهو كاتب وباحث فَذ اطلع على العلوم العبرية، الهندية، الفارسية واليونانية. فاكتشف ما وصل إليه من سبقه وبنى عليه معرفة سليمة ومتابعة.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر؛ قام هذا العالم الموسوعي المسلم بكتابة بعض
المؤلفات عن الإسطرلاب تبعاً لما قرأ عنه في التقويم العبري.
وكانت له مؤلفات تاريخية سياسية تجمع أبراج وأسماء الشخصيات السياسية
البارزة التي عاصرها ومن سبقها.
وفاة الخوارزمي:–
هذا العقل البشري الفريد -الذي قلَّما يتكرر- تُوفِّي في سنة (235هـ،
850 م) تاركاً خلفه ارثاً علمياً أفضى إلى المساهمة بإشعال جذوة الثورة التقنية
والمعرفية التي نراها اليوم.
المصادر:–
موسوعة الأعلام العرب والمسلمين، ج2، ص169.
علماء العرب، ميخائيل خوري.
https://pixabay.com/illustrations/globe-earth-world-hand-keep-4661518/
اسمهُ ونشأتهُ:–
هو أبو عبد الله، محمد بن موسى الخوارزمي الفارسي، النابغة في كل من: الحساب، الجبر والهندسة مع الفلك.
العالِم الذي وُلِد سَنة (163هـ، 780م) كان قد أبدع في شتى العلوم وذلك خلال عهد الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد، وحينذاك؛ كان أحد العلماء الجهابذة في بيت الحكمة في بغداد.
مكانة بيت الحكمة:-
وكان قد احتشد في بيت الحكمة أكبر علماء الأرض، كما اجتمع فيها كبار العلماء والفلاسفة والفقهاء، إلى أن تم الإجهاز على إرثها الكبير خلال الغزو المغولي لدار السلام بغداد في العام 656 هجري، 1285 ميلادي.
وآنذاك؛ نجا من مكتبة بيت الحكمة 400 ألف كتاب نفيس فقط، وذلك بفضل
جهود الموسوعي العملاق نصير الدين الطوسي (1201-1274 م) والذي أفلح في اقناع زعيم
الجيش المغولي هولاكو بالإبقاء على هذه المؤلَّفات التي لا تقارن في عددها مقارنة
بما تم القاؤه في نهر دجلة.
عصر الخوارزمي:–
سُمِّي العَصر الذي نشط فيه بعصرِ الخوارزمي، حيث يُعتبر أعظم علماء الرياضيين في عهد المأمون (786 -833 م) وفي مجالِسه، فهوَ واضِع أُسُس عِلم الجبر.
الخوارزمي وعلم الجبر:–
قام الخوارزمي بتطوير مفهوم الخوارزمية في علم الرياضيات، لذا كان
يستحق ان يُطلِق عليه بعض التقنيين والعلماء المعاصرين لقبَ “جدّ”
الحوسبة وعلومها.
في الحقيقة ما وضعه الخوارزمي يُشكِّل حَجَرَ الأساس ومُنطلق العلوم بأكملها، فعِلم الجَبر الذي قامت عليه الثورة التقنية اليوم هو نتيجة لكتابات ومخطوطاته وخاصة تحفته “الجبر والمقابلة”.
والجبر هو إزالة الطرح من المعادلة والمقابلة بين الكميَّات المتشابهة في طرفي المعادلة، بأن تلقي الكميَّة من شبيهتها فلا يبقى منهما إلَّا واحدة في أحد الطرفين، وهذا هو في الواقع ما يجده لكتاب “الجبر والمقابلة” بدقَّة وإمعان.
كتاب يُمثِّل نقلة نوعية:–
هذا الكتاب تم ترجمته من
العربية إلى اللاتينية لمرتين كل من جيرارد الكرموني وروبرت تشستر وذلك في القرن
الثاني عشر للميلاد.
هذا المؤلَّف المميز يقوم فيه الخوارزمي بالعمل على المئات من
المعادلات التربيعية البسيطة، وذلك عبر اتباع أساليب التحليل، بالإضافة إلى طرح
الأمثلة الهندسية.
والبديع في كتاب الخوارزمي أنه
أوجد عبارات مبسطة لتقسيم الأراضي والميراث، فقد كان يحاول قدر الإمكان أن يوجد
حلاً للمشكلات العملية الحسابية بأساليب أكثر مرونة من نمط الحل الرياضي الذي تم
الاعتياد عليه وتعارف عليه في عصره.
ومن الجدير بالذكر أن الخوارزمي
توجه بالبحث والعمل في المعادلات من الدرجة الأولى والثانية.
أعمال الخوارزمي:–
اعتنى محمد بن موسى الخوارزمي بعِلم الفلك، فدرس التقاويم الفلكية،
كما قام بحساب وقياس مواضع كل من الشمس والقمر الحقيقية وبعد الكواكب عنها.
ويذكر من أعمال الخوارزمي في الفلك؛ أنه بحَثَ في الجداول المثلثية
والجيب والتجيب.
هذا إلى جانب بحثه في علم الفَلَك الكروي والذي تَطرَّق فيه إلى أطوار
القمر مع دراسة حالات الخسوف والكسوف، مرتكزاً على عَمل من سبقه من علماء الفلك
والباحثين فيه.
الخوارزميات:–
لقد سُميَّت الأعمال المتعلقة بالرياضيات ومعادلات هذا العِلم فيما
بعد بـ”الخوارزميات”.
ففي يومنا هذا تستعمل الخوارزميات تبعاً لمبادئ الجمع والقسمة طويلة،
وهي ذات المبادئ التي وضعها الخوارزمي قبل (1200) سنة على أقل تقدير.
الأرقام العربية:–
كما يعود الفضل للخوارزمي في
إدخال الأرقام العربية إلى العالم الأوروبي والذي نقلها عبر كتاباته، فهو الذي أوصل
للغرب؛ الأرقام العربية التسعة مضافاً إليها الصفر.
لم يقتصر الخوارزمي على تعليم الغرب كتابة الأعداد والحساب، فقد تخطَّى تلك المرحلة إلى المُعقَّد من مشاكل الرياضيات، وما زالت القاعدة الحسابية اللوجارتمية حتى اليوم تحمل اسمه كعَلَم من أعلامها، وعُرِفَ أنصاره في إسبانيا وألمانيا وإنجلترا -الذين كافحوا كفاحاً مريراً من أجل نشر طريقته الرياضية- باسم الخوارزميين، وكان ظفرهم على أنصار الحسابية المعروفة باسم “أباكوس” عظيماً، فانتشرت الأرقام العربية يتقدَّمها الصِّفر في كُلِّ أنحاءِ أوروبا.
— زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب.
الجغرافيا أيضاً:–
لم يكتفِ الخوارزمي بالعملِ في الرياضيات والفلك؛ بل ساهمَ بشكلٍ كبيرٍ
في علم الجغرافيا ووضع بصمته المؤثرة في هذا المضمار.
فقد قام بمراجعة أعمال الإغريقي بطليموس (100-170 م) في الجغرافيا، فعَمَدَ
إلى تنظيمها مُصححاً بحث الأول وذلك عبر استعماله لنتائج وحسابات خاصة به كتبها في
مخطوطته التي تحمل اسم (صورة الأرض).
اليوم؛ تم العثور على المخطوطة
النصية، ولكن الخرائط لم تنجُ بسبب تعرضها لظرِوف الزمن والمناخ، لكن ومن خلال الوَصّف
الدقيق لأبي عبد الله في كتاباته؛ فقد تمكن العلماء من إعادة تكوين الخرائط
المذكورة ورسمها.
الخوارزمي رسم الخرائط بدقّة:–
ومن المُذهل أن الخوارزمي نجح برسم 70 خريطة وصورة جغرافية للعالم الذي عرفهُ في تلك الفترة، وذلك بدقّة كبيرة للغاية.
ومن المرجَّج أن الخوارزمي؛ ساهم في عملية قياس درجتين أرضيتين زمن المأمون لتقدير حجم الأرض، وبرسم خريطة جغرافية كبيرة للعالم.
وهذا ما يُضاف إلى إنجازاته
المنقولة والمترجمة إلى اللاتينية لتكون علامة فارقة ومؤثرة في العلوم الغربية.
الساعة الشمسية:–
لا يمكن لأي باحث أو عالم إلا أن يهتم بالوقت، وهو ما عمل عليه
الخوارزمي، حيث قام بإدخال التحسينات على الساعة الشمسية التي كان يستدل بها في
معرفة أوقات الصلاة ضمن المساجد.
فمربع الظل الذي ابتدعه الخوارزمي ليحدد مدى ارتفاع جسم ما، كان
عاملاً حاسماً مساعداً في تحديد الوقت بدقة في مدينة بغداد وذلك خلال القرن التاسع
للميلاد.
التعامل مع اللغات أيضاً !!
لا يمكن حصر أعمال محمد بن موسى الخوارزمي في اتجاه أو قالب معين، فهو كاتب وباحث فَذ اطلع على العلوم العبرية، الهندية، الفارسية واليونانية. فاكتشف ما وصل إليه من سبقه وبنى عليه معرفة سليمة ومتابعة.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر؛ قام هذا العالم الموسوعي المسلم بكتابة بعض
المؤلفات عن الإسطرلاب تبعاً لما قرأ عنه في التقويم العبري.
وكانت له مؤلفات تاريخية سياسية تجمع أبراج وأسماء الشخصيات السياسية
البارزة التي عاصرها ومن سبقها.
وفاة الخوارزمي:–
هذا العقل البشري الفريد -الذي قلَّما يتكرر- تُوفِّي في سنة (235هـ،
850 م) تاركاً خلفه ارثاً علمياً أفضى إلى المساهمة بإشعال جذوة الثورة التقنية
والمعرفية التي نراها اليوم.
المصادر:–
موسوعة الأعلام العرب والمسلمين، ج2، ص169.
علماء العرب، ميخائيل خوري.
https://pixabay.com/illustrations/globe-earth-world-hand-keep-4661518/