أبو علي الحسين ابن سينا الشيخ الرئيس المتوفى عام 1037 م، يعتبر أحد أهم الشخصيات العلمية والفكرية التي لم تقتصر آثارها على العالمين العربي والإسلامي فحسب؛ بل وعلى البشرية برمتها، في سابقها وحتى في حاضرها.
ومن هنا؛ فإن العلوم الطبية التي تركها أمير الأطباء، ظلت ذخيرةً للبشرية التي يمكن لها -بعد مرور 10 قرون على وفاة الشيخ الرئيس- أن تعود إليها.
وقد خلّف ابن سينا وراءه 450 كتاباً ومؤلفاً ورسالةً بقي منها اليوم 240 مجلداً ومخطوطة، منها الطبي وبعضها الفلسفي أيضا، فقد كان شخصية موسوعية منهمكة في تحصيل العلوم والمعارف وبثها.
ابن سينا وموسوعة القانون
وخلال البحث في أعماله الطبية التي أبهرت العلم القديم والحديث، نتناول ما أفرده ابن سينا في كتابه الرائد المسمى بـ “القانون في الطب” ، هذه الموسوعة الشاملة المكونة من خمسة مجلدات.
وفي حال تناسينا أننا اليوم في العصر الطبي الحديث المتقدم هذا، ومع القليل من التمعن؛ سنجد أن كتاب القانون لأمير الأطباء يتضمن العديد من الوصفات والعلاجات الانتقائية الخاصة بالمرضى الذين يعانون اليوم من أمراض معينة.

تركيبات ابن سينا :-
فعلى وجه التحديد، سنجد في المجلد الخامس من كتاب القانون، طبيعة تفسير ابن سينا لأسلوب تركيب (650) عقاراً ومركباً دوائياً، ويقوم بإرجاع أصول واستخدامات كل منها إلى جذورها، فمنها العقارات العربية ومن بينها الهندية واليونانية أيضاً.
ولم يكتف الشيخ الرئيس بتطوير التركيبات الدوائية وربطها بحالات مرضية فحسب، بل كان أيضاً يعطي الوصفة الدوائية مع نصيحة باتباع نظام غذائي، أو يوصي بتناول بعض النباتات التي تكون بمتناول اليد.
وصفاته النباتية والعشبية :-
ابن سينا تمتع بتعمُّقه في مجال توظيف النباتات والمعادن وغيرها للأغراض الصحية وبغية استعمالها من قبل المرضى والمصابين في العلاجات والترياقات، ومن بين وصوفاته:
- مُزْمار الرَّاعي: (نباتٌ له ورقٌ شبيه بورق لسان الحمل، إلَّا أنَّهُ أدقُّ منه وهي منحنية إلى الأرض وساق رقيقة سادجة طولها ذراع..) ينفع من الأورام الرَّخوة والثقيلة في الأحشاء.
- أَسْتُرْغَار : (نبات ينبُت في خراسان): جيِّد للمعدة يُنقِّيها ويُقوِّيها.
- البيش (نبات ينبُت في بلاد الصين بقرب السِّند): البيش حَارٌ في الغاية من الحرارة واليبوسة، يُذهِب بالبَرَص طلاءً، وكذلك إن شُرِبَ من معجونه الذي نَقَعَ فيه وهو البرزجلي، وكذلك ينفع من الجُذام، وترياقه فأرة البيش وهي فأرةٌ تتغذَّى به.
- بِيْش مُوش بيْشَا : هي حشيشة تنبُت مع البيش، وأي بيش جَاوَرَها لم يُثمِر، وهي أعظم ترياق البيش، ولها جميع المنافع التي للبيش في البرص والجُذام، وهي ترياقٌ لكُل سُمٍّ من الأفاعي والحيَّات.
- آشنة : (تُسمَّى شيبة العجوز، نباتٌ أبيض كأنَّما قرضت أوراقه بمقراض، طيُّب الرَّائحة حادَّها، وينبُت في البساتين والسِّياجات): له قوَّة مُسخِّنة حادَّة إذا دُقَّ وضُمِّدَت به الأورام العارضة من رياح البلغم حلَّلها، وينفع المزكومين، وينفع سدد المنخرين، وقد يُنضِج النزلات، وإذا ضُمِّدَ به الوَرَم في ابتداء ما يعرض له، حلَّلهُ ومنعهُ أن يجتمع فيه مادَّة، وينفع طبيخهُ سخناً النِّساء اللواتي عرَضَ لهُنَّ نزفُ الدَّم إذا جلسْنَ فيه أو احتملنَهُ، ويُنقِّي الرُّطوبان العارضة في الرَّحم والأورام التي تعرض من الرِّياح الغليظة، وتفتح فمّ الرَّحم ويدر الطَّمث ويجذب الجنين.
- سَليْخَة: (أصنافٌ كثيرةٌ تكونُ في بلاد المغرب ولها ساقٌ غليظُ القِشر، وورق يُشبه السَّوسن): تحلل الرِّياح الغليظة، وفيها قبضٌ قليل مع حَرَافة أكثر، ولطافتهُ يسيرة، وهو يقطع الحَرافة ويقبضهُ يعين القابضة، وبتحليلهِ بعين المُنقلَة، وبما فيه من التحليل والقبض واللَّطافة ويقوّي الأعضاء.
- الأفيون: فيه تجفيفٌ للقُروح وشربُهُ مما يبطل الفهم والذِّهن وإذا شُرِبَ وحدهُ من غير جندبادستر أبطل الهضم جِدَّاً.
- النفط: لطيفٌ خصوصاً الأبيض، محلل مُذِيب مُفتِّح للسَّدد، نافعٌ من أوجاع المفاصل، ويُسكِّن المغص ويكسر من برد الرَّحْم ورياحها، والنفط الأزرق ينفعُ من أوجاع الأُذُن قطوراً.
أبرز الأطعمة التي نصح الشيخ الرئيس مرضاه بتناولها:–
السمسم
هذه البذور الذهبية الصغيرة المعروفة بغناها بالزيت الذي يحتوي على فيتامين (E)، وتعتبر مصدر أساسياً للكالسيوم التي تقوي الشعر والأظافر.
وقد نصح الشيخ الرئيس بها لكونها برأيه مفيدة للخلايا الدماغية والعصبية، ذلك لأن السمسم يحتوي في تكوينه على الليسيثين.
ماء ثمار الكوسا
من يميل اليوم إلى اتباع نهج حمية ” الديتوكس”؛ فإن عليهم تناول ثمار الكوسا التي اعتادوا على إدخالها ضمن نظامهم الغذائي.
ذلك؛ لأن ثمارها تساعد على تحسين صحة العين، كما أنها تعتبر المصدر الأول للمستحضرات المضادة للشيخوخة. كما نصح ابن سينا بماء الكوسا لكونها مفيدة لتنظيم ضغط الدم، حيث أوصى بشربها عدة مرات في الأسبوع الواحد.

القرنبيط
يعتبر تناول القرنبيط من أفضل الأغذية التي تعمل على تنظيف الكبد، فعندما تتناوله يقوم الكبد تلقائياً بإنتاج انزيم يقوم بالتخلص من السموم، بحسب الشيخ الرئيس .
كما أن القرنبيط -ولاحتوائه على الكبريت بمركبات متعددة- تسهم بتحسين صحة الكبد، فهذا النوع من الخضار غني بالألياف وبفيتامين (B)، وهو كذلك غني بمضادات الأكسدة التي من الممكن أن تقي الشخص من الإصابة بالسرطان.
وكان ابن سينا قد أوصى بالاهتمام بتناول القرنبيط لما له من آثار متميزة على صحة وحيوية الجسد.
اللوز
هو أحد الأغذية التي كان ينصح بها بشكل كبير، وخاصة في حال كُنت تعاني من أمراض التنفس.

وهنا؛ ينصحك الشيخ الرئيس بتناول اللوز بكميات يومية، وذلك لأن اللوز يحتوي على العديد من الدهون الجيدة للصحة مع مجوعة من المعادن كالمغنيسيوم، الالياف البروتينات ناهيك عن توافر فيتامين (e).
وكانت النصيحة المتكررة لابن سينا
أنك لو قمت بتناول قبضة من اللوز وشربتَ معها شراب دافئ مُحلى بالعسل؛ فدون أي شك
ستشعر بتحسن كبير خلال وقت قصير.
ولد أبو علي بن عبد الله ، المعروف بالبلخي ثم البخاري، الذي عَرِفه الغرب باسم “أفيسينا” في سنة (980م) وذلك في قرية تسمى أفشانا بخارى (في أوزبكستان).
اقرأ ايضاً ابن سينا .. أول من توصل إلى تشخيص حالة الدوالي

المصادر:–
https://www.dailysabah.com/food/2019/10/16/what-would-ibn-sina-wantyou-to-eat
مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، العمري.
Photo by Nithin P John on Unsplash
Photo by Ignacio F. on UnsplashCopy