من هو ابن زهر؟
هو أبو مروان عبد الملك ابن زهر، ولد في إشبيلية بالأندلس ولذلك يُعرف بابن زهر الإشبيلي، في سنة 1091م/486هـ، وكان ينحدر من أسرةٍ عريقة اشتهرت بالطب والمداواة، فوالده وجده كانا طبيبان شهيران في بلاد المرابطين، وقد حصل ابن زهر على تعليمه الواسع في اللغة العربية والأدب كما أنه حفظ القرآن الكريم، وقد تعلم الطب من والده، فأخذ من معرفته في تشخيص الأمراض عن طريق بول المريض وقياس نبضه، وبعد حصوله على المعرفة زاد من خبرته ووضع أثراً كبيراً وبصمةً لا تُنسى في تاريخ الطب.
محنة ابن زهر:-
عمل في بداية أمره مع أمراء دولة المرابطين، وأصابه محنة مع الأمير علي بن يوسف بن تاشفين (1083-1143 م)، سُجِن على أثرها قرابة عشر سنوات، وهي نفس المحنة التي تعرَّض إليها والده، وبعد استلام الموحِّدين لزمام الحكم، عمل طبيباً ووزيراً مع مؤسس الدولة عبد المؤمن، الذي شمله برعايته، وجعله يتفرَّغ للكتابة والتأليف.
مكانته العلمية:-
درس العلوم الإسلامية، ثم أخذ مهنة الطب عن أبيه، فبرع فيها، وكان معاصراً للطبيب الفيلسوف ابن رشد الذي وصف ابن زُهْر بأنه أعظم الأطباء بعد جالينوس.
رحل إلى المشرق، ودخل القيروان ومصر، وعمل في الطب هنالك مدة طويلة، ثم عاد إلى الأندلس، وقصد مدينة دانية، حيث أكرمه ملكها، وأقام ابن زُهْر عنده بطلب من الملك، وفيها اشتهر أمره في مهنة الطب، وذاع صيته.
وبعدها انتقل من دانية إلى إشبيلية، وبقي فيها إلى أن توفي.
تميُّز ابن زهر في معالجة المرضى وإجراء عملياتهم:-
أخذ ابن الزهر المعرفة في كيفية القيام بالتشخيص عن طريق والده، وأضاف إلى ذلك فحص عين المريض أيضاً، كما أنه كان أول من أجرى عملية الصدر المفتوح مع الاستعانة بالتخدير، وكان متميزاً بتعقيمه لأدوات الجراحة قبل إجراء العمليات بواسطة الماء الذي كان يعلم مدى فائدته في التطهير ومقدار فائدة العسل أيضاً في قتل الجراثيم، أما طريقة التخدير؛ فكانت عن طريق إسفنجة يشبعها بعصارة الأفيون الذي يضم داخله مادة المورفين المخدر، وكان يخلطه أيضاً مع أوراق ست الحسن والزؤان، ومن ثم يترك الإسفنجة في الشمس حتى تجف، وعندما يريد إجراء العملية يرطب الإسفنجة ويضعها على أنف المريض فيحصل على التخدير المناسب.
تعرف على أبو القاسم الزهراوي.. أشهر من ألف في الجراحة عند العرب
علاج الخراريج:-
كان ابن زهر مشهوراً بتشخيصه لالتهاب غشاء القلب وكذلك أمراض الرئة، فقد اشتهر بعلاج (الخراريج) فوق الرئة حيث يقوم بشق الصدر والعمل على تطهيرها، وانتشرت خبرته في أوروبا وخاصةً إيطاليا وفرنسا، ليقوم صرح الجراحة الحديثة هناك على أعماله.
آراء جالينوس في التشريح :-
كان ينفذ آراء جالينوس في التشريح، ويعالج مرضاه بمستشفاه الخاص، وقد تميز ابن زهر بعلاج الكسور مستعملاً الجبائر، كما أنه كان خبيراً بتركيب الأدوية من الأعشاب ولديه المعرفة الكافية بمفرداتها وأوزانها، ويستطيع قراءة أسماءها سواءً كانت بالعربية أو السريانية أو اليونانية، وكان يعرف مختلف أنواعها التي تأتي إلى بلاده من الصين والهند واليونان.
ما هي أهم مؤلفات ابن زهر؟
- الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد: وهو كتابٌ جمع به تراث جده وأبيه في
الطب مع تجاربه وأبحاثه الخاصة، ويعتبر مرجعاً مهماً لكل طبيب. - التيسير في المداواة والتدبير: وهو كتابٌ يفسر ما كتبه تلميذه ابن رشد في
كتاب (الكليات)، ويضم الجزء الإكلينيكي والتجارب العلمية الخاصة بالتشريح والدورة
الدموية مع النتائج العلمية. - كتبٌ أخرى خاصة بالأدوية المفردة وعلاج أمراض
الجلد والشعر والبرص.
وفاة ابن زهر:-
توفي ابن زهر عام 1163م/ 558هـ، بعد أن أفنى حياته وهو يمارس مهنته الشريفة الطب ويعالج المرضى وينقذ المتألمين، فساهم في علاج الكثير من الناس حتى يومنا هذا عن طريق نشر أبحاثه ومعرفته، فكان طبيباً مخلصاً وعالماً لا يُنسى.
المصادر:-
- كتاب موسوعة عباقرة الحضارة العلمية في الإسلام.
- مكتبة قطر الوطنية.