وسط غياب للحسم العسكري الميداني، حتى هذه الساعة، دخل السودان مع بلوغ اليوم الثالث من الاقتتال في مُنزلقٍ خطير، الذي عمد إليه “الجنرالات”، الذين يُشكلون طرفي النزاع الذي خرج على السطح بشكلٍ مفاجئ، فيما تسيد المشهد العام، تبادل الاتهامات بـ”الانقلاب والتمرد”.
وحسب تقارير صحافية فقد بلغ عدد ضحايا الحـرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، قرابة 180 قتيـلا، في حين تعالت أصوات بعض الجهات الدولية بضرورة وضع السـلاح جانباً، ووقف إطلاق النار – دون شروطٍ مسبقة – والجلوس إلى طاولة الحوار.
وتتزامن تلك التحركات المسلحة “العنيفة” مع دعوات أطلقها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” للمجتمع الدولي، للتحرك ضد ما وصفها بـ”جرائم الحـرب”؛ التي يُقدم عليها رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، الذي نعته بـ”المتطرف”، الذي يقصف المدنيين من الجو.
وتأتي تصريحات “حميدتي” كرد على بيانٍ أصدرته الخارجية السودانية، أعلنت عبره “أن قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أوعز بحل قوات الدعم السريع، وإعلانها قوة متمردة”.
وبُعيد بيان الخارجية السودانية، خرج رئيس مجلس السيادة للقول عبر قناة “سي إن إن” الأمريكية، باتهام قائد قوات الدعم السريع بقيادة “انقلاب وتمرد”؛ وذلك في أعقاب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على عدد من المواقع العسكرية الهامة، في الخرطوم وعدد من المناطق المحاذية.
وتتصاعد وتيرة المعارك والاشتباكات والمواجهات في العاصمة – التي تحول مطارها إلى مقرٍ للعمليات العسكرية؛ وسط تضـارب في المعلومات حول الجهة التي تسيطر عليه -، بينما طالت الهجمات بعض المواقع السيادية، كالقصر الجمهوري، الذي طوقه الجيش بآلياته الثقيلة، والتلفزيون السوداني، الذي قطع بثه، بعد تعرض غرفته الرئيسية للقصف.
وبالتزامن مع عمليات الكر والفر في العاصمة، يتواصل القتال في مُدنٍ أخرى، كمدينة مروي، وهي المدينة التي استعادت قوات الدعم السريع سيطرتها على مطارها، بالإضافة إلى مدينة نيالا في دارفور.
وتتنازع أطراف الحكم في السودان على السلطة، بينما يرفض الشارع في الدولة التي ينشب بها هذا النزاع المسـلح، أي شكل من أشكال الحكم غير المدني، في إشارة إلى الحكم العسكري، أياً كان شكل قيادته.
ورغم من الصراعات التاريخية التي عاشها السودان تعتبر هذه المرّة الأولى التي تنطلق فيها الشرارة الأولى لنزاعٍ مُسلح من العاصمة الخرطوم، وهي العمليات الأولى التي يدخل بها الجيش السوداني إلى الأحياء والمناطق السكنية.