لعلها لحظة أخرى من التقاطع بين الأفكار الشعبية الشائعة، وبين الدراسات العلمية الموثقة، بشأن العلاقة بين الزواج والثروة، تحديداً الحصول على مال وفير بشكل مفاجئ.
وفقا لموقع “إندبندنت عربية”، فقد حدث ذلك التقاطع في السويد، مما يفرض على من يقرأه مراعاة الفوارق الثقافية مع معطيات تلك الدراسة وأحوال المنطقة العربية التي تسودها ثقافة مختلفة بشأن الأسرة والزواج والمرأة، إضافة إلى معاناتها فقراً مديداً في الدراسات والأرقام الموثقة في مجالات شتى.
ففي السويد، وثقت دراسة نهضت بها جامعات في السويد وإسبانيا والولايات المتحدة، أن المال يجعل المرء جذاباً في عيون الجنس الآخر، بالتالي فإنه يؤثر في الزواج والطلاق وإنجاب الأطفال، وفق مقالة نشرتها مجلة “فورتشن” أخيراً. وتشيع تلك الفكرة في الثقافة الشعبية، وقد وثقت في علوم الاقتصاد قبل نصف قرن بفضل أعمال غاري بيكر، الحائز على جائزة نوبل فيها، بحسب الموقع الإلكتروني لـ”فورتشن”.
وبحسب تلك المجلة، تركزت الدراسة الجديدة على شريحة محددة مكونة من فائزين وفائزات بالجوائز الكبرى لليانصيب في السويد، التي يصل متوسط قيمتها إلى مليون كرون سويدي، (نحو 96 ألف دولار أمريكي).
وكالعادة، قورنت نتائج عينة من الفائزين والفائزات جرى انتقائها بطريقة عشوائية من جهة، وبين عينة عشوائية من بقية المجتمع.
وكذلك أوردت “فورتشن” أنه بالنتيجة، تبين أن الثروة المفاجئة تدفع الرجال العزاب إلى الزواج خلال خمس سنوات بعد تدفق المال إلى أيديهم، وتخفض ميل المتزوجين إلى الطلاق في السنوات العشر التالية لوصول الثروة.
وكذلك يزداد ميل الرجال إلى الحصول على أطفال، عقب حصولهم على غنى مفاجئ.
وفي المقابل، يسهم الفوز بالمال الوفير في إقدام النساء على طلب الطلاق والانفصال عن الأزواج، بمقدار الضعفين!
ويصعب تفادي التأمل في ذلك الميل لدى المتزوجات في بلاد تعتبر مكانة المرأة راسخة ومتقدمة فيها.
وبحسب موقع “فورتشن”، أوردت الدراسة نفسها أن هنالك عناصر اجتماعية وثقافية تتدخل في تلك المسألة، يصير المجال مفتوحاً أمام السؤال عن مسألة الهيمنة الذكورية وأشكالها المتنوعة، بما في ذلك غير المباشرة و”الخفية”، ومدى تأثيرها في العلاقات العميقة للأسر في دول غربية متقدمة في مجال المساواة وإعلاء شأن حقوق المرأة. وبمعنى ما، يبدو تدفق المال كأنه يحرر النساء من ضغوط كن يتقبلنها في غيابه، لكنهن لا يعدن مضطرات إلى تحمل تلك الأثقال طالما مكنهن المال من التحرر منها.
ولعله خبر يحرك أسئلة أكثر عمقاً وتشعباً لدى القراء العرب، بل ربما يرتدي أهمية أكبر لدى العربيات اللاتي يعانين أشكالاً متشابكة من الهيمنة الذكورية. وربما يكون مهماً انتظار رأيهن وصوتهن بشأن تلك الأمور التي تعتبر محوراً حاسماً في علاقتهن مع مجتمعاتهن وثقافاتها وممارساتها حيالهن. إذاً، لننتظر ولنرى.