يتمثل النشاط الرئيسى لوكالة فيتش، فى تقييم قدرة الدول على سداد ديونها، من خلال منحها درجةً تتمثل بحروف، وذلك على غرار وكالتى التصنيف الرئيسيتين الأخريين موديز وستاندرد آند بورز، ولا يتوقع أن يرتب تخفيض وكالة “فيتش” للتصنيف الائتمانى درجة فرنسا سوى تداعيات فورية قليلة على باريس، بحسب سكاى نيوز.
وتعتبر درجة “إيه إيه إيه” الأفضل، أى ائتمان بجودة قصوى، وتُعتبر درجة “سي” أو “دي” الأسوأ، وتشير إلى احتمالية التخلّف عن السداد بحسب الوكالات.
وبررت الوكالة قرارها خصوصاً بالإشارة إلى “عجز كبير فى الميزانية وتقدّم بسيط” فى مجال خفضه، بعد ثلاث سنوات من الإنفاق العام الكبير بهدف الحد من أزمتى كوفيد-19 والتضخم.
واعتبرت وكالة فيتش بمنح الديون الفرنسية درجة “ايه ايه” أنها “ذو جودة جيدة جدًا” وتبقى بشكل عام مرغوبة من المستثمرين وآمنة بالنسبة لهم، ولكنها خفّضتها إلى الدرجة الأخيرة قبل المستوى “إيه” الذى يساوى ائتماناً بـ”جودة جيدة”.
وعلى الرغم من كون تخفيض وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى لفرنسا غير جيد لها طبعاً، إلا أنه يبقى أقل تأثيراً من خسارتها درجة “إيه إيه إيه” فى مطلع العقد الثانى من القرن الحالي، إذ أن موديز وستاندرد آند بورز حرمتا باريس من هذه الدرجة فى 2012، وفيتش فى 2013.
وقالت مؤسِّسة شركة “غلوبال سوفيرين أدفايزوري” المتخصصة فى ديون الدول، آن لور كيشيل، فى تصريحات لوكالة فرانس برس فى مطلع مارس إن الخطوة “كانت قفزة فى المجهول”.
وأضافت: “فى وقت مماثل، نقول لأنفسنا أن بعض المستثمرين يمكن أن يشاركوا بشكل أقل” فى شراء الديون الفرنسية فى الأسواق.
وحاليًا، تمنح وكالة ستاندرد آند بورز درجة “إيه إيه” مع نظرة مستقبلية سلبية لفرنسا، بينما منحتها موديز درجة “إيه إيه 2″، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وبذلك تكون الوكالتان قد منحتا باريس ثالث أفضل تصنيف ممكن، على أن تُحدّث “ستاندرد آند بورز” تقييمها فى 2 يونيو.
لم يفاجئ خفض التصنيف الائتمانى لفرنسا المستثمرين بشكل تام، مع إرفاق وكالة فيتش درجة “إيه إيه” التى تتمتع بها فرنسا بـ”نظرة مستقبلية سلبية”، ما يمهد الطريق لخفض التصنيف.
وطمأن وزير المال الفرنسى برونو لومير السبت مؤكداً لوكالة فرانس برس مجددا رغبة الحكومة فى “تمرير إصلاحات هيكلية للبلاد”.
وفى تقييمها اعتبرت “فيتش” أن التوتر الاجتماعى الشديد حول إصلاح نظام التقاعد “يشكل خطرًا على برنامج الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون للإصلاح”.
وأضاف لومير السبت فى شأن قضية الديون، “لا تشكوا فى تصميمنا الكامل على إعادة الاستقرار إلى الميزانية العامة للبلاد وتسريع خفض الديون، وتقليل العجز وتسريع خفض الإنفاق العام”.
وأكدت آن لور كيشيل أن فرنسا “لم تخسر مستثمرين” بديونها حين خسرت تصنيفها الائتمانى “إيه إيه إيه” فى 2012-2013. وفى الواقع، خفّضت الوكالات تصنيف دول أوروبية عديدة أخرى، ما خفف من خطورة الوضع بنظر الأسواق.
وقالت كيشيل محذرة “من ناحية أخرى، نعلم أن هناك تقييم أكثر خطورة: فإذا انتقلنا إلى درجة “إيه”، من الممكن أن يتراجع بعض المستثمرين” عن شراء الديون الفرنسية.
ومقارنة بكبرى الدول الأوروبية، تُصنف فرنسا بدرجة منخفضة مقابل ألمانيا التى تحظى بدرجة “إيه إيه إيه” بحسب الوكالات الثلاث الرئيسية، ولكن برلين تشكل استثناء.
وتهدد وكالة موديز بخفض تصنيف إيطاليا بمقدار درجة واحدة لتصنّف ديونها فى فئة الاستثمارات غير المرغوب بها إلى حد كبير.
وتُصنَّف إسبانيا أيضاً بدرجة منخفضة مقارنة بفرنسا، بخلاف هولندا التى ما زالت تتمتع بأفضل تصنيف ممكن من وكالات موديز وفيتش وستاندرد آند بورز.
وبغض النظر عن تصنيفها، تواجه جميع الدول الأوروبية التحدى عينه منذ العام 2022، وهو ارتفاع أسعار الفائدة، ما يزيد من كلفة الديون السيادية.