أظهرت دراسة أمريكية جديدة أنّ عددًا كبيرًا من طلاب الجامعات الأمريكية يعانون من مشاكل في صحتهم العقلية، وأن هناك نسبة متزايدة تفكر فى عدم إكمال الدراسة، وفقًا لشبكة CNN.
وأضافت الدراسة أن نحو 2 من كل 5 طلاب جامعيين، قرابة 50% منهم من الطالبات، يتعرضون لضغوط عاطفية أثناء التحاقهم بالكلية، وفقًا لاستطلاع نشرته مؤسسة جالوب ولومينا وهي منظمة خاصة مستقلة تركز على خلق فرص تعليمية متاحة للتعلم في مرحلة ما بعد الثانوية، وبيّنت ردود 12 ألف بالغ حاصلين على شهادة الثانوية العامة لكنهم لم يكملوا درجة الزمالة أو الإجازة.
وكشف الاستطلاع أن أكثر من 40٪ من الطلاب المسجلين حاليًا في برنامج الشهادة الجامعية قد فكروا بترك الدراسة في الأشهر الستة الماضية، مسجلين ارتفاعًا بنسبة 34٪ في السنة الأولى من جائحة “كورونا”، وأعاد معظمهم السبب إلى التوتر العاطفي والصحة العقلية الشخصية، أكثر من الاعتبارات المالية وصعوبة الحصص الدراسية.
ويرى الخبراء أن سنوات الشباب البالغين تعتبر مرحلة دقيقة للصحة العقلية عمومًا، والتغييرات المهمة التي تترافق غالبًا مع الالتحاق بالجامعة، ما يمكن أن يضيف ضغوطًا عليهم.
وقالت سارة ك. ليبسون أستاذة مساعدة في جامعة بوسطن وباحثة رئيسية في منظمة Healthy Minds Network البحثية، التي تركز على الصحة العقلية لدى المراهقين والشباب، إنّ “حوالي 75٪ من مشاكل الصحة العقلية مدى الحياة تظهر بحلول منتصف العشرينيات، ما يعني أن سنوات الكلية هي وقت حرج جدًا من الناحية الوبائية”.
ثم أنه بالنسبة للعديد من المراهقين والشباب، يترافق الانتقال إلى الكلية باستقلالية جديدة. قد يكونون يعانون من العلامات والأعراض الأولى لمشاكل الصحة العقلية فيما هم يختبرون حاليًا هذا المستوى الجديد من الاستقلالية التي تتضمّن استقلالًا جديدًا عن اتخاذ القرار من حيث صلته بالصحة العقلية.
يُقدر أنّ 1 من كل 5 بالغين في الولايات المتحدة مصابون بمرض عقلي، ويتأثر الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا بشكل متفاوت. وتتزايد نسبة طلاب الجامعات الذين أبلغوا عن شعورهم بالقلق والاكتئاب منذ سنوات، وقد ازداد هذا الواقع سوءًا خلال جائحة “كوفيد-19”.
وأظهر تحليل للبيانات الفيدرالية أجرته مؤسسة Kaiser Family Foundation أن نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا قد أبلغوا عن أعراض قلق واكتئاب عام 2023، مقارنة مع حوالي ثلث البالغين.
ورأى الخبراء أنّ الصحة العقلية في الكلية مهمة للغاية، وأشارت ليبسون إلى “أنّنا نهتم بكل نتيجة متوقعة طويلة الأمد تقريبًا، ضمنًا أرباحهم الاقتصادية المستقبلية، وإنتاجية مكان العمل، وصحتهم العقلية والبدنية في المستقبل أيضًا”.
وتبيّن أن الحاجة إلى الدعم ملحة. فقد أجاب نحو 1 من كل 7 طلاب جامعيين إن أفكار ترك الدراسة تراودهم، وهذا رقم أعلى من العام السابق، وفقًا للاستطلاع الذي أجرته شبكة Healthy Minds Network.
بالنسبة للعديد من طلاب الجامعات، فإن التفكير أو اتخاذ قرار بالتخلي عن متابعة التحصيل الجامعي بسبب تحديات الصحة العقلية، يترافق ومشاعر سلبية، مثل القلق والخوف والحزن.
وقالت جولي ولفسون، مديرة التوعية والبحث في برنامج College ReEntry لدى Fountain House، وهي منظمة غير ربحية تعمل على دعم الأشخاص المصابين بأمراض عقلية، إنه “بالنسبة لكثير من الطلاب، هذا لا يتماهى مع ما تخايلوا أنّ حياتهم ستكون عليه، هذا ليس الجدول الزمني الذي وضعوه لأنفسهم”.
وتابعت: “فهم يرون أصدقاءهم يواصلون تقدمهم ويتخرجون ويحصلون على أول وظيفة لهم. فيما هم يشعرون بأنهم عالقون وكأنهم يشاهدون خطط حياتهم تتلاشى”، لكن خبراء الصحة العقلية يشددون على أهمية إعطاء الأولوية للاحتياجات الشخصية في الحالة الراهنة.
وقال ماركوس هوتالينج، عالم النفس في Union College ورئيس رابطة مديري مراكز الإرشاد في الجامعات والكليات: “لا عيب بأخذ إجازة لبعض الوقت”.
ونصح بالقول “تَوقّف عن فصل دراسي، لسنة كاملة حتى، وحسّن نفسك من خلال العلاج أو الدواء، ثم عُد أقوى، طالبًا أفضل، وأكثر تركيزًا، والأهم من ذلك، أكثر صحة”.
كما أن الخبراء يشجعون مؤسسات التعليم العالي على المساعدة في تخفيف هذا الضغط من خلال وضع سياسات تبسّط عملية العودة، وأضاف: “آمل في المستقبل، أن توضع سياسات وأنظمة أكثر ترحيباً بالطلاب الذين يحاولون الاعتناء بأنفسهم.”