رغم مرور آلاف السنوات تظل ألغاز الحضارة المصرية القديمة عصية على الحل، والانبهار بعظمة كينونتها يتشظى عابرا حدود الزمان والمكان، ليقف المرء مشدوها فاغرا فاه، يحتدم في رأسه مئات الأسئلة وعلامات التعجب تعتصر عقله وهو يتأمل كنوز المصريين القدماء.
ربما هذا هو الشعور الذي سينتابك وأنت تتأمل إرث الأجداد وخاصة تلك القطعة التي لم يعرف حتى الآن وظيفتها الأساسية أو كيفية صنعها والتي أصطلح على تسميتها بـ “قرص سابو”، وهو من القطع الأثرية التي يلفها الغموض فلا يمكنك الإفلات من شعور الحيرة والفضول دفعة واحدة.قرص مصقول من الشست Schist وهي صخور متحولة متوسطة الحبيبات، للوهلة الأولى قد تظنه جزءا مركبا ميكانيكية، أو يشبه عجلة القيادة بإحدى المركبات ؟! لن تستطيع الجزم، لا شيء مؤكد، غير أن الأكيد هو أن اليد التي لامسته أحسنت صقله وتشكيله بمهارة منقطعة النظير.عثر على القرص في مقبرة الأمير سابو ابن الملك عج إب الملك الخامس بالأسرة الأولى حواليو 3150 إلى 2900، في مقبرة رقم 3111، عام 1936، بواسطة والتر بريان إيمري عالم المصريات البريطاني الشهير، لكنه وجد مكسورا وتم ترميمه، وقد اختلف الباحثون في معرفة كينونته وما الغرض الأساسي من صناعته أو وظيفته ،فمنهم من صنفه على أنه آنية للزهور، واعتقد البعض الأخر أنه جزء من آله للطحن أو جزء من آلات دفع المياه، أو لنسج الخيوط وجدل الحبال، بينما ذهبت بعض الفرضيات لاعتباره نموذج حجري لمكون داخلي من محرك صحن طائر خارج الأرض.يبلغ قطر القرص 610 مليمتر، وارتفاعه 104 مليمترات، ولعل أكثر ما يثير الحيرة هو أن حجر الشيست المصنوع منه يعد من المواد الهشة الصعب نحتها و تتطلب مهارة حرفية لتشكيله بتلك الدقة، جدير بالذكر أنه عثر على القرص مع مجموعة من السكاكين الحجرية والأواني والسهام وأطباق صخرية وأدوات نحاسية لتظل حضارة الأجداد تبهرنا بكنوزها المكتشفة أو دفينة الرمال حتى يكشف عنها اللثام يوما عنها .