هزّت الصين عالم السيارات مرتين منذ بداية العام الجاري، حيث كانت المرة الأولى عندما أذهلت السيارات الكهربائية الصينية المنافسين الغربيين في «معرض شنغهاي للسيارات» بجودتها وميزاتها وسعرها، ثم جاءت التقارير التي تفيد بأنه خلال الربع الأول من عام 2023 تفوّقت الصين على اليابان كأكبر مصدر للسيارات في العالم.
وحاليا تنافس الصين على قيادة سوق السلع الاستهلاكية الأكثر ربحاً والمرموقة في العالم، وهي سوق السيارات الكهربائية، التي طالما هيمنت عليها العلامات التجارية الأميركية والأوروبية واليابانية والكورية الجنوبية.. لكن كيف؟
الجواب يكمن في مزيج فريد من السياسة الصناعية والحمائية والديناميكية التنافسية المحلية.. فصانعو السياسات وقادة الأعمال هم دائماً مستعدون لمواجهة السياسات الصناعية والحمائية، لكنهم غير مستعدين للمنافسة المحلية.
سياسة صناعية
في ما يتعلق بالسياسة الصناعية، أي استخدام الموارد الحكومية لمساعدة القطاعات المفضلة، فقد مارستها الصين لعقود، لكن في حال السيارات الكهربائية، كان للسياسة الصناعية الصينية أهداف عدة عملت على تحقيقها. أولاً: رأت الحكومات في جميع أنحاء العالم أن تغيّر المناخ يمثل تهديداً دائماً يتطلب تدخلات للانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري، وهنا تراهن الصين بشكل صحيح على أنه في مجال النقل، فإن الانتقال سيكون لمصلحة السيارات الكهربائية.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه في عام 2009، بدأت الصين تقديم دعم سخي لمشتري السيارات الكهربائية، إذ استهدفت المشتريات العامة لسيارات الأجرة والحافلات المركبات الكهربائية، وتم دعم أجهزة إعادة الشحن، ورفعت حكومات المقاطعات رأس المال لتعدين الليثيوم وتكريره لبطاريات السيارات الكهربائية.
كما أنه في عام 2020، تجنّبت شركة «نيو» الصينية – التي كانت في ذلك الوقت منافساً طموحاً لشركة «تيسلا» الأميركية – الإفلاس بفضل خطة الإنقاذ التي قادتها الحكومة.
حمائية
وفي حين ضمنت السياسة الصناعية الطلب على المركبات الكهربائية، فإن الحمائية ضمنت أن هذه المركبات ستصنع في الصين، من قبل الشركات المحلية.
ومن أجل التأهل للحصول على الإعانات، يجب أن تكون السيارات مصنوعة محلياً.
ورغم أن العلامات التجارية الأجنبية مؤهلة لذلك، فقد كان على تلك العلامات أن تستخدم بطاريات مصنوعة من قبل الشركات الصينية، ما يمنح المنتجين الصينيين ميزة على روّاد السوق في ذلك الوقت من اليابان وكوريا الجنوبية.
وللبيع في الصين، كان على شركات صناعة السيارات الأجنبية الالتزام بالشروط التي تهدف إلى رفع مستوى مهارات الصناعة المحلية.
مشروعات مشتركة
وقال المحلل في معهد «مركاتور» الألماني للدراسات الصينية، جريجور سيباستيان، إن مجموعة «قوانغتشو» للسيارات المملوكة للدولة الصينية، طوّرت المعرفة التصنيعية اللازمة لتصبح لاعباً رئيساً في مجال صناعة المركبات الكهربائية بفضل المشروعات المشتركة مع شركتي «تويوتا» و«هوندا».
ورغم كل هذا الدعم الحكومي، ظلت مبيعات السيارات الكهربائية الصينية ضعيفة حتى عام 2019، وسمحت الصين لشركة «تيسلا» بفتح مصنع لها في شنغهاي.
وأفاد المدير الإداري لشركة «سينو أوتو إنسايتس»، تو لي، التي تُعدّ عبارة عن خدمة بحثية متخصصة في صناعة السيارات الصينية، بأن الصين اعتبرت «تيسلا» محفزاً لتعزيز الاهتمام وزيادة مستوى القدرة التنافسية للصانعين الصينيين.
تنفيذ
أوضح مؤسس شركة «تنسنت»، بوني ما، أن «الذي يميز الرأسمالية الصينية عن نظيرتها الأميركية، هو أنه في أميركا عندما تطرح فكرة في السوق، عادة ما تكون أمامك أشهر عدة قبل ظهور المنافسة، ما يسمح لك بالحصول على حصة كبيرة في السوق، بينما في الصين يمكنك الحصول على مئات المنافسين خلال الساعات الأولى من بدء البث المباشر، فالأفكار ليست مهمة في الصين، بل الأهم هو التنفيذ».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
طباعة
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App