تشهد التشريعات الاجتماعية ميلاً متزايداً نحو إقرار “إجازة الأبوة” التي تعتبر في صلب الإصلاحات التشريعية المعتمدة في الدول المتقدمة، إذ تتراوح مبررات إقرارها بين اعتماد سياسات التشغيل الشاملة وترسيخ مكانة المرأة في سوق العمل وكذلك إشراك الآباء في العملية التربوية.
وحسب موقع “إندبندنت عربية”، فأن منظمة العمل الدولية تضع “إجازة الأبوة” في مصاف “حق الآباء القيام بالمسؤوليات الرعائية لمواليدهم”، فتؤكد المسؤولة في المنظمة ريم أصلان أهمية اتباع المسار المعتمد من قبل الدول المتقدمة التي تمنح إجازة طويلة للآباء تصل إلى ستة أشهر، منوهة بأنه “في المنطقة العربية والشرق الأوسط هناك سبعة دول فقط أقرت الإجازة وتتراوح بين ثلاثة وسبعة أيام، إذ إن الجزائر وتونس والمغرب تمنح سبعة أيام للآباء، أما دول البحرين وإيران والأردن والمملكة العربية السعودية، فتعطي ثلاثة أيام للأب عندما يرزق بمولود جديد” ودخلت أربع دول منها بعد عام 2011، في حين اتجهت المغرب إلى رفع “عطلة الأبوة” إلى 15 يوماً.
وترى أصلان أن “صيغة الإجازة في البلاد العربية تختلف عن تلك المتبعة في الدول الأكثر تقدماً، وربما يعود ذلك لما تتحدث عنه بعض الدراسات التي تخلص إلى أن المسؤولية الرعائية في العالم العربي تقع على عاتق الأم، من هنا كان التركيز على إجازة الأمومة أكثر منه إجازة الأبوة”.
وتشدد على أهمية إقرار تلك الإجازة لأنها تعزز مشاركة الآباء في المسؤولية الرعائية وتربية الأطفال، إضافة إلى دورها في تمتين الروابط العائلية والأسرية بين الآباء والأبناء، كما تحفز النساء على دخول سوق العمل والبقاء فيها بعد الإنجاب لأن “الدراسات أثبتت أن كثيرات يغادرن عملهن بعد الولادة وليس الزواج”.
ونوهت المسؤولة الدولية إلى “ملاحظة المؤسسة أن معظم التشريعات في الوطن العربي تمنح الإجازة للأب البيولوجي ولا تمنحها للأب بالتبني ربما لأسباب ثقافية، علماً أن المنظمة تحض على منحها لمختلف أشكال الأبوة”.
وأشارت أصلان إلى ضرورة أن تترافق “إجازة الأبوة” مع مجموعة من الشروط، فـ”يجب ضمان عودة الأب لعمله السابق، أو وظيفة مماثلة في الأجر والرتبة”، وكذلك حماية الأب الأجير من الصرف أو عودته لوظيفة أقل”، لافتة إلى “عدم ضمان معظم الدول العربية لوظيفة الأجير واستمراريتها”.
وقارنت بين “إجازة الأمومة” المحمية بموجب الاتفاق 183 الصادر عن منظمة العمل الدولية ونظيرتها غير الخاضعة لاتفاق دولي صريح، مستدركة بأن المنظمة تنصح باتباع السياسات المتقدمة “أكثرها الإسكندنافية” التي تمنح أحياناً ستة أشهر وما فوق، ناهيك عن منح “الإجازة الوالدية مدفوعة الأجر نسبياً” التي تعطى لأحد الأبوين بالاتفاق بعد انتهاء إجازة أحدهما بهدف تأمين رعاية أطول للمواليد وإرساء توازن في مسؤوليات الأسرة والتحفيز على الإنجاب.
وتجزم أصلان بوجود علاقة بين إقرار التشريعات التي تمنح “إجازة الأبوة” والتغيير في بعض السلوكات الاجتماعية والممارسات الثقافية، مضيفة “في بادىء الأمر كان بعض الآباء يمتنعون عن الاستفادة من الإجازة ولكن ألزموا بها لفترة من الزمن قبل أن تترسخ في عاداتهم وأعرافهم على أنها خطوة نحو تأسيس الشراكة الكاملة بين الزوجين”.