تصوير: معتز أنور
تتلألأ رمال سقارة الذهبية تحت أشعة الشمس في زهو، لا شيء تنظره يمنة ويسارا إلا يشعرك بعظمة أجدادك القدماء، هنا آثار قديمة خلدت حضارة مصرية عظيمة مازالت تبهرنا بأسرارها بعد مرور آلاف السنين، الكلمات غير قادرة على تجسيد ما تراه أمامك، لكنك تستطيع أن ترى هذا الشعور متجسدا على وجوه مئات السائحين وهم يقفون بأعين مفتوحة على وسعها بدهشة وانبهار ،جاءوا من كل حدب وصوب قاصدين مصر يدفعهم شغفهم لمشاهدة تلك الدرر الخالدة التي طالما سمعوا عنها وشاهدوها على الشاشات.مدخل المقبرةنقوش تظهر الوزير مرروكا وهو يمسك بيد زوجته مصطبة مرروكاخطوات قليلة على ممر صغير وسط الرمال كفيلة بإشعال حماسك لاكتشاف الجبانة، التي شيدت بجوار هرم الملك تتي في سقارة، نبدأها من مقبرة “مرروكا” التي تعد واحدة من أكبر وأهم مقابر عصر الملك تتي.تعود المقبرة إلى مرروكا الذي كان وزيرًا في عهد الملك تتي (2345- 2323 ق.م)، وصاحب سطوة ونفوذ كبير لكونه زوج ابنة الملك تتي، وهى واتت-حتحور الملقبة بكاهنة المعبودة حتحور، حيث بدأ في تلك الفترة زيادة نفوذ طبقة كبار رجال الدولة خلال نهاية الأسرة السادسة.دفن مرروكا في مقبرة على شكل مصطبة شمالي هرم تتي بسقارة، تميزت بجمال زخارفها التي تزينها من بين مقابر الدولة القديمة (حوالي2686- 2181 ق.م)، حيث تضم المقبرة أكثر من ثلاثين حجرة، كان للوزير منها 21 حجرة، وست حجرات لزوجته وخمس لابنه مري تتي.يؤدي مدخل المقبرة إلى قاعة أمامية تضم العديد من المشاهد منها صيد أفراس النهر خلال أحراش الدلتا كدلالة على هزيمة الأرواح الشريرة والقضاء عليها، حيث يرمز لفرس النهر بالمعبود ست والذي يهزم على يد المعبود “حورس” رمز الخير.صيد افراس النهراستخدام الأقزام في صناعة الذهب والقرود على أشرعة المراكب يمكنك الإطلاع على معالم حياة المصري القديم وأنشطته من خلال ما تحتويه جدران مصطبة مرروكا من رسومات وزخارف تمثل الحياة اليومية خلال الدولة القديمة مثل رعي الماشية، وصيد والطيور التي رسمت بدقة شديدة وكأنك تناظرها حية طليقة قادرة على رفرفة أجنحتها أمام ناظريك، كذلك مشاهد تغذية للحيوانات، ومنها مشهد تغذية الضباع النادر والمثير للفضول والاهتمام أيضا والذي يطرح عشرات الأسئلة.استخدام القرود على أشرعة المراكب للتنبيه ضد الأخطار مشهد نادر لتغذية الضباع وتضم المقبرة رسومات بديعة على جدرانها لمراحل صناعة الذهب بداية من تقدير وزنه إلى تشكيله واستخدام الأقزام في تشكيل الذهب لأن أيديهم صغيرة لا يستطيعون إخفاء شيء، وكذلك رسومات تجسد صناعة النبيذ، وكيفية نقل قطعان الماشية عبر النهر بربط صغار الماشية في المقدمة حتى يتبعهم باقي القطيع، بالإضافة لمشاهد استخدام كلاب الصيد في صيد الغزلان، ورسومات أخرى لتمليح الأسماك. من المشاهد الملفتة أيضًا رسومات لسرير مائل للوزير مرروكا واستخدام مسندا من الخشب للرأس والرقبة مما يدل على اهتمامهم الكبير بصحة الجسد وكيفية النوم الصحيح، كذلك مشهد استخدام القرود على أشرعة المراكب للتنبيه ضد الأخطار، بالإضافة للرسومات التي توضح الألعاب الرياضية المختلفة التي مارسها المصري القديم.نقل قطعان الماشية عبر النهر بربط صغار الماشية في المقدمةنقوش توضح حرفة صناعة الذهب عند المصريين القدماءاستخدام كلاب الصيد في صيد الغزلان 1سرير الوزير مرروكانقوش توضح ممارسة حرفة الصيد وترويض الثيران
الجدار الشرقي بالحجرة A4 من المقبرة، منظر يصور الصيد البحريالعاب رياضية مارسها المصري القديم حجرات مقبرة مرروكا الأثريةمن بين الحجرات التي تضمها المقبرة الحجرة الأولى، التي تضم بقايا مشهد لمرروكا وخلفه زوجته وأمامه ابنه ونقش متنوع للأسماك والطيور، بالإضافة لمشهد على الجدار الشمالي للغرفة لزوجة الوزير وهي تشم زهرة اللوتس وهي رمز لعودة الحياة حيث كان المصري القديم يؤمن بالبعث، أما الجدار الشرقي فيوجد به فتحة تؤدي للحجرة الثانية التي تحتوي على نقوش للوزير وهو يقف مرتديا جلد الفهد ومشاهد للعاملين في صناعة الأواني وأعمال النجارة، ومنظر عاملين جالسين يقومان بصناعة الأواني وجوارهما عاملان آخران يقومان بأعمال النجارة، ونقوش جميلة تجسد طائر الكركي ومن أهم ما تضمه جدران المصطبة أيضا تجسيد فصول العام الثلاثة بالتقويم المصري القديم، وتمثال الوزير مرروكا بالحجم الطبيعي يتقدم بخطوة من أجل استقبال القرابين المقدمة له على مائدة القرابين، كما أن الباب الوهمي كما يطلق عليه يعد من أهم النقاط المحورية الجاذبة والذي يتواجد في الحجرة الخامسة بالمقبرة على جدارها الغربي وخلفه السرداب الذي يوضع فيه تمثال صاحب المقبرة كما يوجد بهذه الحجرة “الشفت”، وهو بئر الدفن الموجود في غرفة دفن الوزير، والتي تم اكتشافها بعد اكتشاف المقبرة بعشرين عام.باب وهميالشفت.. وهو بئر الدفن الموجود في غرفة دفن الوزيرالوزير يقف وزوجته أمامه تمسك بزهرة اللوتسالوزير مرروكا جالس يستقبل القرابين المقدمة له من طيور ومواشي وغيرهمامشهد على الجدار الشمالي للوزير وزوجته تقف خلفة تشم زهرة اللوتس وتميزت حجرات مرروكا بوجود الاعمدة فمنها حجرة تحتوي على 6 أعمدة وأخرى على عشرة، نقش على جدرانها مشاهد من الحياة اليومية وجنازة الوزير وأيضا مشاهد له وهو يستمع لعزف زوجته على آلة الهارب الموسيقية مما يؤكد أنها مصرية منذ القدم، جدير بالذكر أنه كان يحيط بالمقبرة حائط قصير أو سور زين بألقاب مرروكا منها “المشرف على المدينة”، و”مراقب بناء هرم الملك تيتي”. الجدار الشرقي للحجرة A13، منظر يصور جني القمحخريطة توضيحية لمقبرة مرروكا الجواري يرقصن في أحد الحفلاتالحراس يقدمون المخطئين للوزير لتتم معاقبتهم مشهد للوزير وهو يستمع لعزف زوجته على الهارب الموسيقية