في رحلة يشد فيها القلب الرحال قبل الجسد إلى مدينة رسول الله ﷺ، حيث الحبيب بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، وفي هذه الأيام المباركة يطيب لنا التعرف على أحد أهم المعالم التاريخية التي ارتبطت بسيرة النبي العطرة، ولا يعرفها الكثيرون.
تكتسب الأماكن أهميتها ممن منحها هذا الشرف والأهمية، ولعل كل بقعة مر بها الحبيب محمد أو جلس فيها أو لامستها يداه الشريفتان نالت من الشرف أعظمه، ومنها “بئر غرس” المباركة التي ربما لم تنل من الشهرة ما نالته بئر زمزم ولكن وصفها النبي بأنها عين من عيون الجنة، وكانت مصدر الماء لحجرات نساء النبي أمهات المؤمنين.. فما قصتها؟ تقع بئر غرس بالمدينة المنورة جنوب الحرم النبوي الشريف، وتبعد عن مسجد قباء حوالي 1500 متر إلى جهة الشمال الشرقي، وتعد من الآبار التي أثنى الرسول ﷺ على مائها واصفا إياه بأنه أطيب المياه وقيل إنه شرب وتوضأ منها وألقى بقية وضوئه فيها وغُسل بمائها جسده الطاهر، حيث ذكر ابن كثير في السيرة النبوية عن الواقدي: حدثنا عاصم بن عبدالله الحكمي؛ عن بن عبدالحكم؛ قال: قال رسول الله – ﷺ: “نعم البئر بئر غرس هي من عيون الجنة وماؤها أطيب المياه”، وأضاف، كان رسول الله – ﷺ – يستعذب له منها وغُسِّل من بئر غرس، وقد ورد أن النبي – ﷺ – كان يستطيب ماءها ويبارك فيها، وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (إِذَا مُتَ اغْسِلُنِي بِسَبْعَةِ جلودٍ مِنْ بِئْرِ الغَرْس. كما اعتاد أن يشرب من هذه البئر”. (ابن ماجه) وعن أنس بن مالك قال: ائتوني بماء من بئر غرس، فإني رأيت رسول الله يشرب منها ويتوضأ، وتعد غرس التي ينطق اسمها بضم أو بفتح الغين ثم سكون الراء، ويقال بئر الأغرس، بمعنى الفسيل والشجر، وحفر البئر قبل 15 قرنا بواسطة مالك بن النحاط, وهو جدّ الصحابي الجليل سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك النحاط الذي نزل رسول الله – ﷺ – بداره عند قدومه إلى المدينة مهاجراً من مكة, وكان سعد بن خيثمة – رضي الله عنه – هو مالك البئر في ذلك الزمن ، ويتشكل بناءه من حجر البازلت، ويحيط به سور بارتفاع مترين. جدير بالذكر أن بئر غرس خضعت للترميم وتم إعادة إحيائها مرة أخرى من قبل وزارة الثقافة السعودية ، لتوفير مصادرمياه من البئر تشمل صنابير مياه الشرب ، وإحاطة سقف البئر بساتر حديدي مرتفع لحمايته ومرتادي المكان الذي يتضمن مصلى أثريا، حيث تعد البئر مقصدا لضيوف الرحمن والزائرين للإطلاع على المكان والشرب والوضوء للاقتداء بسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وسيرته العطرة.