يأتى العيد الوطنى لفرنسا “يوم الباستيل” هذا العام وسط رقابة أمنية مشددة، خاصة بعد أعمال الشغب الأخيرة التى شهدتها البلاد.
ففي عشية الاحتفالات، كشف وزير الداخلية الفرنسى جيرالد دارمانين عن حزمة تدابير أمنية “استثنائية” لتأمين الفرنسيين خلال احتفالاتهم، وتحسبا لاندلاع أي أعمال عنف جديدة في البلاد.
وأشار دارمانين إلى نشر 130 ألف من رجال الشرطة والدرك في عموم فرنسا خلال العطلة القادمة بواقع 45 ألفا كل مساء، مدربين خصيصا على مواجهة العنف في المدن.
وأكد تعزيز قوات الأمن بنشر وحدات أمنية خاصة، والمروحيات والطائرات المسيرة والمدرعات لقوات الدرك، ووعد بالتعامل بحزم شديد مع كل من يحاول تعكير صفو الاحتفالات بالعيد الوطني.
وقرر دارمانين حظر تنظيم المظاهرات حتى الخامس عشر من الشهر الجاري، وذلك وسط مخاوف حيال اندلاع أعمال عنف جديدة خلال الاحتفالات.
كما أعلن تعليق خدمات الحافلات والترام يومي 13 و14 يوليو عند العاشرة مساء، مضيفا أنه سيتم نشر 34 ألف من رجال الإطفاء خلال النهار و40 ألفا في الليل، للاستجابة لأي طلب استغاثة.
وتعد هذه تعزيزات أمنية استثنائية، حيث تخشى السلطات الأمنية من اندلاع أعمال عنف جديدة بعد عودة الهدوء في البلاد التي شهدت عدة ليالي من العنف عقب مقتل الفتى “نائل” برصاص ضابط شرطة في نانتير غرب باريس، في 27 يونيو الماضي.
ووفقا لمعلومات استخباراتية، هناك العديد من المناطق الفرنسية يمكن أن تشهد أحداث عنف جديدة وخاصة في ليالي 13 و14 و15 يوليو، حيث سيتم وضع مناطق معينة تحت المراقبة المشددة وخاصة في منطقة “إيل دو فرانس”، ولاسيما في “إيسون” وكذلك في مناطق “نور” و”ليون” بالإضافة إلى العديد من المناطق التي شهدت أعمال شغب، ومن المحتمل أن تؤدي أعمال العنف هذه إلى أضرار وحرق الممتلكات العامة، كما تشير المعلومات الاستخباراتية إلى احتمالية استهداف ليس فقط رجال الشرطة بل رجال الإطفاء أيضا.
وفي خضم الإعلان عن هذه التدابير الأمنية “الاستثنائية”.. أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون لن يلقي خطابا بمناسبة العيد الوطني في 14 يوليو كما جرت العادة، رغم أنه حدد ذلك اليوم موعدا لتقييم فترة “100 يوم” التي وعد بها في 17 أبريل الماضي، في محاولة للتهدئة بعد توترات شهدتها البلاد على خلفية قانون إصلاح نظام التقاعد.
وفي كل عام منذ 1978، يعد يوم 14 يوليو مناسبة للاستماع إلى رئيس الجمهورية الفرنسي وهو يتحدث عن موضوعات وملفات مهمة خلال ولايته الرئاسية، إلا أن ماكرون لم يلتزم بهذا التقليد سوى مرتين منذ وصوله إلى السلطة في 2017، حيث تعد هذه المرة الخامسة التي لم يتحدث فيها ماكرون بمناسبة العيد الوطني للبلاد، لم يتوجه للأمة أيام 14 يوليو في أعوام 2017 و2018 و2019 و2021، إلا أن الرئاسة الفرنسية أكدت أنه سيتحدث “في الأيام المقبلة”.
ورغم أن أعمال الشغب هدأت، وعاد الهدوء في عموم فرنسا، إلا أن هناك مخاوف من اندلاعها مرة أخرى في هذه العطلة الوطنية غدا الجمعة، والتي تحيي ذكرى اقتحام سجن الباستيل في باريس في 14 يوليو عام 1789، وهو من أبرز أحداث الثورة الفرنسية.
وردا على سؤال حول تلك المخاوف إزاء اندلاع أعمال عنف جديدة.. أكد الرئيس الفرنسي- خلال مشاركته أمس في قمة حلف شمال الأطلسي- أنه سيتم الرد بأكبر قدر من الحزم في حال وقعت أي تجاوزات جديدة في البلاد.
في السياق ذاته.. فرضت السلطات المحلية في عدة مناطق في فرنسا حظرا على استخدام الألعاب النارية الخاصة، كما فضلت العديد من المناطق خصوصا في منطقة “إيل دو فرانس”، إلغاء عرض الألعاب النارية التقليدية في (يوم الباستيل) لأسباب تتعلق بالسلامة.
وفي هذا الصدد.. تم إصدار مرسوم يحظر بيع وحمل ونقل المفرقعات النارية، والتي استخدمها مؤخرا مثيرو الشغب.
وكشف وزير الداخلية -في مؤتمره الصحفي، أمس- عن ضبط أكثر من 150 ألف من المفرقعات والألعاب النارية تم نقلها بشكل غير قانوني في جميع أنحاء البلاد منذ 27 يونيو، لذلك أكد تقييد استخدام الألعاب النارية بشكل كبير مع اقتراب العطلات.
من جانبها.. تعهدت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، باتخاذ تدابير هائلة لحماية الفرنسيين خلال الاحتفالات بالعيد الوطني للبلاد.
وتتضمن تلك الاحتفالات بالعيد الوطني العرض العسكري التقليدي، غدا 14 يوليو، بحضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي يحل ضيف شرف على فرنسا في ذكرى 14 يوليو، صباح الجمعة، إلى جانب الرئيس الفرنسي، في جادة الشانزليزيه قبل مأدبة عشاء رسمية في متحف اللوفر.
وتحتفل باريس ونيودلهي بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لشراكتهما الاستراتيجية هذا العام، والتي تهدف فرنسا إلى تعزيزها سعيا إلى دور نشط في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
كما سيفتتح العرض 240 فردًا من القوات المسلحة الهندية على أن يشمل العرض الجوي ثلاث طائرات رافال هندية، بحسب الإليزيه.
وإجمالا، ستشمل احتفالات هذا العام بالعيد الوطني 6500 مشارك، بينهم 5100 سيرا على الأقدام، بالإضافة إلى 66 طائرة و28 مروحية و157 آلية و62 دراجة نارية برفقة 200 فارس من الحرس الجمهوري.
وباتخاذ كل هذه التدابير الأمنية في جميع أنحاء البلاد، تأمل السلطات الفرنسية أن يأتي العيد الوطني وسط أجواء احتفالية هادئة، فقد شهدت البلاد أعمال شغب بالغة على مدار أيام، إلا أن قوات الأمن تصدت لهذا العنف وأعمال الشغب والنهب والتخريب التي وقعت في مناطق عديدة من البلاد.