Site icon العربي الموحد الإخبارية

“يا مراكبي”.. رحلة نيلية على دفة مركب شراعي تكشف أسرارًا في حياة وعمل صاحبه

صديقة للبيئة… وسريانها فى النيل يعطى رسائل مطمئنة لاستقرار الجو رحلاتها تتميز بالهدوء والمغامرة الامنة….والتركيز وهدوء الاعصاب اساسي للجلوس على دفتها قائدها يسير بدون غاطس أو مكبح …. و”يسايسها على حسب الهوا” 

ربما يعجبك

رئيس هيئة الخدمات البيطرية: تطوير حديقة الحيوان مشروع قومي ناجح.. وسيسعد به المصريون
الإثنين 10 يوليو 2023

حديقة الشهداء بالإسماعيلية متنزه طبيعي يروي بطولة شعبها
الأحد 16 أبريل 2023

 على ضفاف نيل القاهرة الساحر، ترسو الباخرات واليخوت الفاخرة والمطاعم العائمة بأضوائها وتصميماتها المبهرة، لكن تبقى “المراكب الشراعية” بمظهرها المتفرد والمتميز محط أنظار الكثيرين الذين يقدمون على خوض تجربة التجول بها فى النيل الهادئ.”بوابة روز اليوسف” إلتقت مع المراكبي جمال عبد الغنى بإحدى مراسي المراكب الشراعية فى منطقة جاردن سيتى بالقاهرة، والذي بدأ حديثه قائلا: ولدت وتربيت فى قنا، وورثت هذه المهنة عن أبي، والآن أصبح لدى أكثر من 30 سنة خبرة فى هذا المجال، وأبدأ عملي فى تمام الساعة السابعة صباحا وانتهي منه فى تمام العاشرة مساء، ولكن بعض السياح يفضلون رحلات شروق الشمس، فأخصص لهم رحلات خاصة فى ذلك التوقيت، ويبدأ ضغط العمل بداية من الساعة السابعة صباحا حتى الواحدة ظهرا، فأغلب السياح يفضلون هذا الوقت للتنزه في النيل، وقبل استكمال جولاتهم فى المتحف المصري والأهرامات والحسين، وبعد الساعة الواحدة ظهرا تبدأ رحلات المصريين بمختلف أعمارهم وفئاتهم، وعدد كبير من أعضاء الكشافة.المتعة والهدوءوتابع عبدالغني، المراكب الشراعية فى بداياتها كانت مخصصة لنقل البضائع من الأقصر وأسوان إلى القاهرة، ثم تطورت شيئا فشيئا الى ان دخلت مجال التنزه والترفيه والفسحة، ورغم تطور المراكب ايضا وظهور المراكب التي تعمل بالموتور، إلا أنه مازال هناك من يفضل المراكب الشراعية، لان فيها المتعة والهدوء والهواء النظيف، فهى مركب صديقة للبيئة، عكس مراكب الموتور التي تعمل بالديزل، واحيانا يتسبب تشغيلها فى وجود رائحة الدخان مما يعكر صفو الرحلة عند البعض، كما أن المراكب الشراعية تختلف عن غيرها، لما تتميز به من الهدوء والراحة النفسية والمغامرة الآمنة والاستمتاع بالطبيعة، فعند سير المركب تستطيع سماع صوت مياه النيل وهى تتحرك، فتعطي إحساس لا مثيل له، عكس التنزه بالمراكب التي تعمل بالموتور الذي يولد صوتا واضحا أثناء الرحلة، يغطي على صوت سريان مياه النيل، فالمراكب الشراعية افضل مركب للفسحة وخصوصا بالنسبة للسياح.وأضاف عبدالغنى، كما أن المركب الشراعية تتفوق على المركب ذو المجدافين، لأنها تتحرك مع الهواء، عكس المركب المجداف التي يستخدمها بعض الاشخاص للتنزه وفي بداية رحلتهم تكون سهلة لأن المركب المجداف تسير مع اتجاه المياه، ولكنه تكون هناك صعوبة كبيرة عند الرجوع بها لأنهم يكونوا ضد تيار المياه، كما أن مركب المجداف تستطيع حمل عدد بسيط من الأشخاص، عكس المراكب الشراعية التي يمكنها حمل أكثر من 20 فردا خلال الرحلة الواحدة، فتكون مناسبة أكثر للمجموعات بسبب حجمها الكبير.مهارة خاصة للقيادةوأوضح عبدالغنى، المركب الشراعية تحتاج الي مجهود كبير لقيادتها، فأنا أجلس على دفتها وأحمل كامل ثقلها على ظهري، لذلك قيادتها تحتاج الى مهارة خاصة خصوصا للتعامل مع اختلاف اتجاهات الهواء وعمق المياه، عكس قيادة مركب الموتور التي يستطيع أى شخص قيادتها، كما أن قيادة المركب الشراعي مسؤولية كبيرة، لأن عدم إجادة التعامل مع الهواء واتجاهاته يتسبب فى انقلاب المركب، لذلك قيادتها تحتاج الى هدوء الاعصاب والتركيز، وأهم ما يميز “ريس المركب الشراعى” هو ضرورة التصرف الصائب السريع، فالقرار الذي اتخذه خلال عملي يجب ان يمتاز بالصواب والسرعة معا، لأنني أتعامل مع الهواء واتجاهاته المتغيرة، وسنوات خبرتي تجعلني أعرف جيدا خلال رحلتى النيلية إتجاه السير الصحيح للمركب والأماكن ضحلة المياه والاماكن العميقة لسلاسة سير المركب، وحتى لا تتعرض المركب للدخول فى كتل طينية توقف حركتها، فيجب تقدير المياه الكافية لابحار المركب.الابتعاد عن الخطأوأشار عبدالغنى إلى الجميع يعلم ان لكل مركب غاطس معين، إلا أن المراكب الشراعية ليس لها غاطس، وإنما تكون مزودة بمقياس خشبي لقياس عمق المياه، لذلك يسهل تحريك المركب الشراعي عندما تتوقف فى الاماكن ضحلة المياه، عكس المراكب الاخرى التي يكون لها غاطس والتي عندما تتعلق بأرضية النيل يجب ان تشدها مركب اخر لتتحرك من مكانها، كما أن المراكب الشراعية ليست لها مكابح “فرامل” مثل التي موجودة بمراكب الموتور، لذلك قيادتها شديدة الحساسية سواء لسريانها أو ايقافها بمياه النيل، لذلك عملي يعتمد على تقدير المسافات بينى وبين المراكب الأخرى المحيطة بي، حتى عندما اجد مراكبي آخر يخطئ فى قيادته لمركبه، ابتعد عنه  قدر الامكان، ولكن المراكب الشراعية تتماثل مع المراكب الاخرى فى وسائل الأمان والإنقاذ الموجودة بها، والتي تتماثل تماما مع الموجودة فى أى مركب ضخم.التعامل مع الهواء  وأضاف عبدالغنى، أتعامل طوال يومي مع الهواء واتجاهاته، وهذا شىء ممتع فى حد ذاته خصوصا مع الهواء الشرقي أو الغربي او البحري، الا أن هناك اتجاها واحدا صعبا للهواء، وهو الهواء الجنوبي القادم من اتجاه الجنوب، لأنه عندما يأتي يضغط على الشراع من أعلى الأمر الذي يتسبب فى ميل المركب قبل وصولها أى مسافة، لذلك تكون النشرات الجوية هى أساس عملنا لمعرفة اتجاهات الرياح والنوات، فالسير بالمركب الشراعي مرتبط بحالة الجو، لان الهواء اذا زاد عن حد معين يتم إلغاء الرحلات حتى استقرار الحالة الجوية، لذلك نقول دائما إن مجرد مشاهدة سير المراكب الشراعية فى نهر النيل يعطى احساس للجميع باستقرار الأحوال الجوية، وهذا المشهد يبعث الاستقرار فى النفوس ويؤكد استقرار الطقس.وتابع عبدالغنى، وإذا حدث وأنا فى وسط المياه، وتعرضت لهواء شديد، فأقوم سريعا بايقاف الشراع وإنزاله، ومن هنا تستعيد المركب توازنها وتبقي متزنة على مياه النيل، فعملي يعتمد على “مسايسة” المركب على حسب الهواء المحيط بها.بعيدًا عن الضوضاءوأردف عبدالغنى، يمكن للمراكب الشراعية ان تسير فى النيل لساعات طويلة، ويرجع ذلك إلى زمن الرحلة التي يتم حجزها، فمتوسط سعر الساعة الآن يصل إلى 250 جنيها، وهناك سياح يفضلون السير بها لساعات طويلة، وأغلب السياح الذين يقبلون على المراكب الشراعية هم الروس والبولنديين والبولنديين والاسبانيين وبعدهم يأتي السياح الأمريكان والألمان، وأقول دائما أن عملي أكسبنى العديد من المهارات والخبرات، فأنا أتعامل مع أشخاص جدد ومن جنسيات مختلفة كل يوم، كما أن عملي داخل النيل طوال اليوم يجعلنى فى هدوء دائم بعيدا عن الضوضاء والزحام، وهذا ينعكس بالإيجاب على شخصيتى.واوضح عبد الغنى، أن الفسحة بالمركب الشراعي تتميز بالهدوء والانسجام، فالنيل جميعه هادئ من أسوان حتى القاهرة، ولكن رحلات المراكب الشراعية فى القاهرة تختلف إلى حد ما عن الرحلات النيلية الموجودة فى الأقصر وأسوان وغيرها من المدن السياحية، لأن الشراع فى القاهرة لا يمكنه عبور الكباري، بسبب الارتفاع العالي للمركب.وعن فصول السنة المميزة التي يحب العمل فيها، فيقول عبد الغنى بالطبع فصل الشتاء من أفضل فصول السنة لعملي، لأن العمل فيه مريح وكثير، لأن الشمس فيه تكون معتدلة وساطعة سطوع مريح سواء للمراكبي أو الضيف، عكس فصل الصيف الذي تكون فيه درجة الحرارة مرتفعة وهذا يسبب إجهادا كبيرا لي خلال عملي.

Exit mobile version