أظهر تقرير حديث نشرته وسائل إعلام ألمانية أن قرابة نصف سكان الأرض، نحو أربعة مليارات نسمة، يتعايشون مع مستوى عالٍ من الإجهاد المائي لشهر واحد على الأقل في العام.
وحذر معهد الموارد العالمية «دبليو آر آي»، وهو منظمة بحثية عالمية مقره واشنطن، في أحدث تقاريره، من أن 25 دولة في العالم، تضم ربع سكان الأرض، مهددة بشح في المياه، بسبب الإجهاد العالي لمواردها المائية المتاحة.
وبحسب التقرير، يؤدي هذا الوضع إلى مخاطر محدقة، بوظائف الناس، وصحتهم، والمحاصيل الزراعية، وتربية الماشية، وأمن الطاقة، كما يحذر التقرير من أنه، مع غياب إدارة فعالة للمياه، فإن النمو السكاني، والأنشطة الاقتصادية، والتغير المناخي، سوف تفاقم الإجهاد المائي.
وفي التعريف أن بلداً ما يواجه “إجهاداً مائياً شديداً”، يعني أنه يستخدم ما لا يقل عن 80 % من إمداداته المتاحة، أما “الإجهاد المائي المرتفع” فمعناه سحبه 40 % من إمداداته.
وتفيد بيانات التقرير، أن أكثر المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي، هي: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يتعرض 83 % من السكان لإجهاد مائي مرتفع للغاية، وجنوب آسيا حيث تنخفض النسبة إلى 74 %.
ووفق التقرير، دفع هذا الوضع كثيراً من الحكومات إلى اتخاذ تدابير، مثل: الإغلاق الدوري للصنابير، في مسعى لمواجهة الجفاف قصير الأمد، وخطر نفاد المياه. وبحسب التقرير، تعاني الآن 25 دولة حول العالم من إجهاد مائي مرتفع للغاية سنوياً، من بينها 15 دولة عربية.
ويعود سبب الإجهاد إلى انخفاض العرض مقابل ارتفاع الطلب على المياه في الاستخدام الزراعي، والصناعي، والمنزلي.
ومع زيادة متوقعة للطلب العالمي على المياه بنسبة تتراوح بين 20 و25 % بحلول 2050، وفق التقديرات، فإن نسبة السكان المتعايشة مع الإجهاد المائي سترتفع بدورها إلى 100 %.
ويبين التقرير أن آثار ذلك لن تقتصر على المستهلكين والصناعات المعتمدة على المياه، لكن أيضاً، يهدد الاستقرار السياسي في مناطق من العالم. وفي كل الأحوال سوف يضر النقص في المياه بشكل مباشر قطاعات الصناعة، والطاقة، والزراعة.
والمثال الأقرب لذلك، ما حدث في الهند، عندما أدى نقص مياه تبريد محطات الطاقة الحرارية بين 2017 و2021، إلى خسارة ما يكفي من الكهرباء لتزويد 1.5 مليون أسرة لمدة خمس سنوات.
ووفق اللجنة العالمية للتكيف، فإن فشل سياسات إدارة المياه من شأنه أن يؤدي إلى خسائر في الناتج المحلي الإجمالي في الهند، والصين، وآسيا الوسطى، بـ 7 إلى 12 %، وبـ 6 % في معظم أنحاء أفريقيا بحلول 2050.
ويوضح التقرير أن التحدي الأكبر أمام العالم سيكون إطعام ما يقارب 10 مليارات شخص متوقع بحلول 2050، بموازاة زيادة الإجهاد المائي، وآثار التغير المناخي، والجفاف، والفيضانات.
ويقدم التقرير نصائح حول اتباع سياسات أفضل في إدارة المياه، عبر استخدام تقنيات، مثل: إزالة العشب المستنزف للمياه، وتحلية المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، وطرق ري مقتصدة، والتحول إلى محاصيل أقل استنزافاً للمياه.
كما ينصح بحماية الأراضي الرطبة، وأشجار المانجروف، والغابات، لدورها في تحسين جودة المياه، والمساعدة في الصمود بوجه الجفاف والفيضانات.
ويضيء التقرير على أن الإدارة الفعالة للمياه تسهم فى تحقيق الازدهار حتى فى ظل ندرة المياه، وهو ما وفقت فيه بالفعل سنغافورة، ومدينة لاس فيجاس الأمريكية.
أما كلفة ذلك حسابياً على العالم، بحسب التقديرات، فقد لا تتعدى 1 % من الناتج المحلي الإجمالى، أو ما مقداره 29 سنتاً يومياً للشخص الواحد بين 2015 و2030.