في مصر التي يحمي دستورها وقانونها من يفدون إليها ويعيشون تحت سمائها، اندلعت جدالات كثيرة على مواقع التواصل بشأن ادعاء اضطهاد محجبة.
والواقعة كما تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في مصر، تشير إلى أن مقهى في إحدى المناطق الراقية بشمال القاهرة رفض دخول إحدى المحجبات بسبب “عباءتها”.ورغم أن تلك الوقائع – بافتراض حدوثها- هي مرفوضة بشدة من المجتمع المصري، وبداهة يمنعها القانون المصري ببنود مشددة، لكنها وجدت طريقها إلى أبواق إعلامية “إخوانية” احترفت تزييف الحقائق، فحولت الأمر إلى “منع بسبب الحجاب” مدعية أن ما حدث هو في إطار حرب ممنهجة على المحجبات في البلاد.
وبينما تعمل الجهات الإعلامية المعادية لمصر على الترويج للواقعة المفبركة، سقطت وسائل إعلام أخرى كمنصات الجزيرة في فخ النقل دون الالتزام بمهنية التأكد من المصادر الموثوقة.
فبركة إخوانية
وسريعا، روجت صفحات جماعة الإخوان الإرهابية عبر منصاتها للواقعة باعتبارها حقيقية، وباعتبار أن الفتاة مُنعت بالفعل من الجلوس بسبب حجابها.
وزعمت تلك الأبواق أن مصر “تخوص حرباً ضد المحجبات”، وانطلق المدعو حمزة زوبع (مذيع إحدى فضائيات الإخوان) قائلاً إنه: “في بلاد الأزهر يتم منع الحجاب”.
وكعادتهم في الحروب الإعلامية المنظمة، نقل الإخوان كذبتهم من البث الفضائي إلى الترويج عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع التركيز الكامل على نقطة “الحرب على الحجاب” وكأن الواقعة حدثت بتعليمات حكومية أو بموافقة جهات الدولة المصرية.
ومع وقوع منصات إعلامية مثل “الجزيرة” في فخ النقل، أضحى الأمر أكثر رواجا لكنه لم رغم ذلك، لم ينطلي على المجتمع المصري الذي يعايش بنفسه وضع المحجبات المصون، ويعرف تماما مدى حقارة الأكاذيب الواردة من الخارج تحت ستار الإعلام.
رد صاحب المقهى
ورغم أن تلك الأكاذيب لم تجد آذانا صاغية، حيث لفظها المدونون والمغردون على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن تعليقا من وزارة الداخلية المصرية تضمن ردا جديدا من صاحب المقهى.
والرد أيضا لا يتحدث من قريب أو بعيد عن “رفض الحجاب”.
وكشفت الأجهزة الأمنية المصرية أنه بالفحص والتواصل مع مالك المقهى المشار إليه، نفى ما جاء من ادعاءات، وقدم اسطوانة مدمجة عليها تسجيل من كاميرات المراقبة الخاصة بالمكان.
وتوضح الكاميرات أن الفتاة دخلت لأصدقائها “دون اعتراض”، ولدى انصرافهن رفضن سداد فاتورة طلباتهن.
ويقول البيان إن الفتيات افتعلن مشكلة مع مدير المقهى الذي فوجئ بقيام إحداهن بالتشهير بالمقهى عبر قصة “العباءة”.
وقالت الوزارة إنها اتخذت الإجراءات القانونية حيال الواقعة، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
عباءة وليس حجاب
يشار إلى أن السيدة التي روت الواقعة، أكدت في منشورها أن الأمر لا يتعلق بالحجاب، بل برفض المقهى لعباءة كانت ترتديها صديقتها.
وأكدت أيضا أن المقهى كان فيه بالفعل سيدات يرتدين الحجاب، لكن مديره أبلغهم بأن “العباءة” ليست زيا مناسبا للتواجد في المكان، على حد قولها.
وأضافت أنها وصديقاتها رفضن البقاء في المكان ولدى خروجهن طالبهن المقهى بسداد فاتورة “أشياء لم يتناولوها”.
مصر ترفض أي تمييزوفي تأكيد على نهجها المتصالح مع الجميع ورفضها لأي إجراءات تمييزية من أي طرف ضد أي مصري أو زائر – حال حدوثها- أكدت وزارة السياحة المصرية أن مثل تلك الواقعة لو ثبتت صحتها قد تؤدي إلى “إغلاق المكان”.وقالت المتحدثة باسم وزارة السياحة المصرية سها بهجت، في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية” إنه لا يوجد أي قانون في مصر ينص على منع دخول المواطنين بأي زي شريطة مراعاة “الآداب العامة”.
كما أكدت أنه لا يوجد ما يمنع دخول مكان سياحي أو غير سياحي بزي معين، إلا أن هناك أماكن تحدد قواعد معينة للزي وهي أيضا لا يمكنها منع استقبال المحجبات تحت أي ظرف.
وأشارت إلى أنه حال ثبوت منع سيدة من دخول المقهى بسبب الحجاب، فإن التواصل مع وزارة السياحة كفيل بتسجيل شكوى وفحصها واتخاذ إجراءات مشددة تصل العقوبة فيها إلى الغلق المؤقت أو سحب التراخيص أو الغلق التام.
المصريون في حماية الدستور
من جانبه قال أستاذ القانون الجنائي ومستشار المنظمة العربية لحقوق الإنسان عماد الفقي في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، إن الدستور والقانون المصري يتدخلان بشكل قاطع لمنع أي سلوك يحمل تميزاً ضد أي مواطن، ويعاقب بالحبس كل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الجريمة سواء على أساس ديني أو عرقي أو أي شكل من أشكال التمييز.
وأشار الفقي إلى أن القانون المصري نظم ابتداء آليات عمل المحال العامة، ولا يسمح بأي حال من الأحوال أثناء أوقات العمل الرسمية منع الجماهير من الدخول، مالم يكن مرتكباً مخالفة أو يتصرف بسلوكيات تخدش الحياء العام، وفيما عدا ذلك فإن أي منع تجاه أي مواطن يعرض صاحبه للمسائلة القانونية من قبل الجهات المختصة.
رفض جماهيري للفبركة الإخوانية
وعلى أي حال، توضح جولة بين مواقع التواصل الاجتماعي أن فبركات الإخوان لم تنطلي على المصريين.
ويؤكد ذلك، عاصفة الردود التي تكفل بها رواد تلك المواقع.
بيد أن أطرف الردود كانت تلك التي ساقها أحد الساخرين من قصة زوبع المختلقة.
وقال المدون إن الجماعة الإرهابية خططت لإحداث اضطرابات في يوم 10 يونيو/ حزيران على اعتبار أنه موافق ليوم جمعة.
وتابع: ” في الآخر طلع يوم الخميس مش جمعة، بعد ما عملوا إعلانات ممولة على الفيسبوك وتصاميم لصور وغيره.. حتى التاريخ مش عارفين يحسبوه صح”.